الجمعة، 8 مايو 2009

الغيمة التي لا وطن لها



الغيمة التي لا وطن لها



غدت " الصداقة " على سطح الكرة الأرضية الآن تقف على " عكازين من زجاج " قابلين للكسر في أي لحظة ؛ لأن معظم فئات " الأصدقاء " يتجذرون تحت مسمى " صداقة نفع " أي كن صديقي لأني احتاجك الآن في أداء خدمة ، مهمة ، مصلحة وهلم جرا .. أشبه ما يكون باستعارة سلعة .. وهي حقا ً سلعة تتوشح بعدة " أقنعة " ؛ كي تصل إلى تربو بفضل " أكتاف " الآخرين .. وحين تصل الصداقة إلى " غرضها الشخصي " تلصق لافتة على جبينها تقرّ بفظاظة " أنا مشغولة " ، " عفوا ، ليس لدي وقت " .. وربما تبرم على المكشوف بصرخة " تطنيش " غير مسموعة .. فتقفل " هاتفها النقال " وفي الأغلب " تغير رقم هاتفها " ؛ كي لا تكون مطاردة من الذين كانوا " أصدقائها " فغدو " أعدقاءها "* ..!

ولأننا في عهد " الأعدقاء " فإن إطلالتي على صديقتين " رائعتين " من شاشة " الوطن " عطاء فوق العادة من صديقتي الكبرى " الأرض " التي تتفنن في بصق " أعدقاء " في وجوهنا ، لكنها هذه المرة ربما كانت رمية من غير رام .. أغدقت علي ّ بـ " صديقتين فوق العادة " ذلك النمط الذي يقدس " الوفاء " كترياق مكمل للحياة .. والذي يتضمخ بـ " قانون الوفرة " لأجل " حب " العطاء ..
وأنا في الحقيقة احتفظ بأصدقائي حتى " آخر رمق " .. أخبئهم في أماكن سرية من كينونة الروح حتى لا تهبط علينا ريح على حين " غدر " ؛ لأن الريح لا تعصف سوى " العالي " من الشجر .. وأعاقبهم بشدة ؛ لأنني " أحبهم " بشدة أكبر حين تميل بهم " ريح " ما ..

وهنالك أصدقاء " نسعى لهم " وأصدقاء " يسعون لنا " .. ولكني مازلت " أؤمن " أن " الصدفة " ليس لها أي دور ؛ لأن " الله تعالى " هو من يضمهم في " لوحنا المحفوظ " ويضمنا في " لوحهم المحفوظ " قبل أن يحيطنا أمره " كن " فنكون ويكونون " معنا " بمشيئته ..

أما " الأصدقاء " فهم القرنفلات التي لا تنفك عن احتوائنا ببذخ شرياني في كافة طقوس التي تكون عليها " الأرض " من حولنا في زلازلها وبراكينها وعواصفها وقذائفها في حزنها ومرضها وفي فرحها وعرسها في دمعتها في ضحكتها ؛ فوجوههم واحدة ولا يحبذون التصافح بالقفازات المرفهة من حرير " الرياء " ..

أما " الأعدقاء " فمن خلالهم يشعر المرء بقيمته السامقة .. بكينونته العميقة في الحب والوفاء والصدق والتسامح والعطاء ، يستشف الإنسان بأصالة " وجهه الحقيقي " ويظل التساؤل يدغدغنا : ( هل وجوههم قبيحة لدرجة إخفائها خلف قناع ما ) ..؟!
أيضا لا أؤمن بأن هنالك نمط " بشري " قبيح الوجه ؛ لأننا فطمنا من نهد " الحنان " السرمدي .. لكنها طرق بشرية تم ّ " ابتكارها " حين خدعتهم " مرآتهم " التي لا ترى سوى ما عند الآخرين .. لو أنهم يميطون " اللثام " عن وجوههم لأدركوا مدى الإنسانية المتأصلة فيهم ..
لكننا مع ذلك " نحترمهم " بطريقتهم التي اختاروا أن " يصافحونا " بها ؛ من منطق " حرية " الآخر وحقه الشرعي في تقديم " أناه " بالإحساس الملائم لطبيعته ..

لن " ألسع " أكثر من ذلك ..

أدين بصديقتين رائعتين هما من " أرض الوطن " وأتواصل معهما أنا من قوقعتي حيث " أحيا " :


" إيمان فضل " و " مسقطيه الهوى " ..

والحقيقة " العظمى " : أن مدونتي " أتنفس بهدوء " ضخّت هواءها بفضلهما معا :

" مسقطيه الهوى " : هي التي أنشأت هذه المدونة لي .. بتخطيط واقتراح منها وإعداد وتنفيذ ؛ حبا منها للوطن والمواطنين المبعثرين في الخارج " أمثالي " .. أي " سفيرة صداقة " ..

" إيمان فضل " : لها لمساتها الناعمة جدا في كل الجوانب الروحية والنفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية والحياتية عموما ..

بكل ود أدين لهما ولكل الذين لوّحوا لي حتى اليوم من " شرفة الوطن " ..


سواء كانوا " أصدقاء " أم " أعدقاء " ..


وسنظل نطل عليهم كــ" الغيمة التي لا وطن لها " حيثما كانوا وكيفما كانوا ، عابرين نكون ..


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة :

* لفظة " أعدقاء " استخدمتها الأديبة غادة سمان .

هناك 7 تعليقات:

  1. ياااااااااه

    أوجعتي قلبي الموجوع قبلاً..فكم من أعدقاء صادفت روحي وخُذلت بعد أن تم إستنزافها

    ليلى!!

    رائعة أنتِ بكل معنى الكلمة

    إكتشفت مدونتك تواً ولا أعتقد بأني سأبرح هذا المكان قريباً

    أهنيكِ على هذه المدونة الرائعة

    لي جولة في أرجائها بعد إذنكِ:):)

    دمتي مبدعة

    ردحذف
  2. ًصحيح

    نسيت أن أقول بارك الله في صداقتكِ مع مسقطية الهوى وايمان فضل وجمعكن الرحمن في أعالي الجنان:)


    على فكرة

    تعرفت على مدونتك عن طريق مدونة مسقطية الهوى

    ردحذف
  3. رائعة يا عزيزتي العزيزة ....
    فعلا هنالك من يستوجب لهن رفع القبعة أتجاه القلب .
    علك تنيريننا بالفضائل وبك .

    شكرا لكي أنك هنا ... وشكرا لي أني قادم

    ردحذف
  4. العزيزة : qlomhilda

    أبعد المولى عن قلبك الوجع ؛

    فعذري إن فعلت ..

    الحزن العتيق يترهل مع الزمن حين يحل محله حزن جديد ..

    وكم من أوجاع ذقناها واعتقدنا معها نهاية حياتنا ؛

    لكنها " الحياة " هذه اللئيمة تمارس مرونتها عليها

    فحين ضيق وحين فرج ..

    دمت بكل ود ..

    ليلى

    ردحذف
  5. أبارك لك هذه المدونة وأشكر مسقطية الهواء التي أدت بلمساتها التقنية إلى ظهور هذه المدونة
    دمتِ بود

    ردحذف
  6. " عبدالمتبصر "

    ..

    شكرا لقدومك هنا كما قلت ..


    ليلى

    ردحذف
  7. " يعقوب الحارثي " ..

    شكرا جزيلا لك ..


    ولمسقطية الهوى ، التي جمعتني وإياكم ها هنا ..


    ليلى

    ردحذف