الخميس، 27 أغسطس 2009

استجابات اللغة الواعدة في الأنا الاجتماعية في نص القاصة ليلى البلوشي " غبش الحي ّ"




استجابات اللغة الواعدة في الأنا الاجتماعية في نص القاصة ليلى البلوشي ( غبش الحي)


الدارسان : حسين الهنداوي – حاتم قاسم


الرأي الأول : حاتم قاسم ( البعد السيسيولوجي في نص غبش الحي )


نقف عند الرغبة و نسدل رواق الليل لنسبر الأنفاس المتصاعدة في رائحتها التي تستذكر الماضي بعبق الحاضر في مونولوج داخـلي يحاكـي الذات ببعد نفسي يتجاوز كل الأمكنة ليرسم لنا أفئدة حاضرة يتداعى فيها الحدث و أما المكان فهو القديم الجديد الغائب الحاضر بين رائحة الذكريات المنعشة و التضاريس القديمة التي ترسم على لوحاتها مكاناً لاستيقاظ الذات ، فالحي القديم بزخارفه و طوبـه وروائح البن و الشاي و الهيل و الزعفران و حكايا الجدة عن البحـر ووحوش الليل و أم الدويس ذكريات عالقة في اختزان الذاكرة المتوقدة بشحنتها العاطفية و بعدها النفسي الذي يعكس لنا رائحة الذكريات المنعشة 0


و تنقلنا الكاتبة عبر منهجية دراماتيكية لتصوير البعد النفســي بمونولوجـية الحدث ، فالتضاريس نفسها و المكان نفسه و لكنها النفوس التي تتغير وفق معطيات شاقولية تتقاطع في النقطة نفسها التي تكشف لنا جوانب القوة و الضعف في الذات البشرية عبر منهج سيكولوجي يلقي بموشوره على البعد النفسي و هذا ما عبرت عنه الكاتبة بالزوجات الثلاث وهنَّ يتآمرن على الرابعة فهي صورة تعكس بارتدادها بعداً نفسياً بنمطه السلوكي 0 (( يبدو أن زوجاته الثلاث يتآمرن على الرابعة ، إنها دائماً ضحية الغيرة 00))


فالصراع دائماً ينصب في نقطة الاهتمام ليؤطر الحدث في بقعة الضوء التي تسلط عليها الكاتبة أشعتها المشرقة فكينونة الحدث المشاكس عند المرأة بدأ منذ نزول آدم إلى الأرض إذا صحت المقولة الشعبية أن حواء هي التي أغوت آدم بأكل تفاحة الحياة مع أن القرآن الكريم أشار إلى أن كليهما أكلا من الشجرة و اشتركا في الجريمة نفسها0


أما أن تكون المرأة على الأرض وراء كل مشكلة فهذا ديدن المجتمعات المتخلفة التي يندفع فيها الرجال وراء انفعالات النســاء صحيح أن المرأة إذا همشت بدأت تغزل خيوط المؤامرات لإثبات وجودها ولـكن ذلك لا يتأتى في الواقع إلا في مجتمع رجولي ينظر للمرأة على أنها تابع لا قيمة له مع أن القيم الدينية الإسلامية تصر على أن النساء شقائق الرجال لهن مالهم و عليهن ما عليهم و الشيء الغريب في هذا النص و إن كنا لا نـرى أن زواج الأربع محل انتقاد لأن الله أكرم به النساء قبل الرجال لحكمة يريدها في مجتمعات كمجتمعات الخليج إذا لم يحسن الرجل قيادة المركبات الأربع فإنه لا شك واقـع(( في حيص بيص )) بحيث يرضي واحدة و تبقى الأخريات في موقع السخط و صناعة المؤامرة 0


و النقطة الثانية التي تعالجها الكاتبة هي نزوة كبار السن مع الفتيات المراهقات بحيث تجعل هذا المعجب يدفع كآلة صرافة من أجل إشباع نزواته 00


الذي لبس البخل ثوباً و جعله شعاره المتحرك وهذا يؤكد اجتماعياً سمات الكثير من الرجال في مجتمعات الكاتبة الذين و إن كانوا في سـن الشــيخوخة ما زالوا يحلمون بالفتيات المراهقات 0 فصورة المرأة عند الكاتبة ما تزال تؤكد على نقطة حبك المؤامرات و صناعة المشكلات وكأنها استقت من معين القرآن الكريم ما ورد في سورة يوسف و في حق هذا النبي النقي (( إن كيدكن عظيم )) 0


الرأي الثاني : حسين الهنداوي ( اللغة الشعرية في نص غبش الحي)


تختزن ذاكرة القاصة ليلى البلوشي في نصها غبش الحي لغة شاعرية ذات أبعاد قزحية فهي بكلماتها و حروفها تبعث في النفس الشـوق إلى الالتقاء بالمجهول الذي يتمثل بما يرسمه الواقع المأساوي من مشكلات أبطالها المرأة فقولها :(( إنه الحي القديم 0000 ، تفوح منه روائح البن والشاي والهيل والزعفران )) (( هكذا توحي ملامحه القابضة و عيناه الغائبتان عن سمرة هذا القمر في يومه المحاق )) 0(( على ما يبدو أن قصة حبه وصلت لطريق مسدود ظاهر ذلك من فمه المفتوح كالجرافة تقصم كل ما تراه 00 تطحن00 تفرم000 تحطم 000تبلع 000تجرش 00تهرمش ، ببساطة تحول من آكل للأخضر و اليابس 00 البارد و الحار 000المالح و السكري ))0


يشير إلى أن لدى القاصة مخزوناً لغوياً يحمل على جناحيه آفاق الخيال القصصي المتمثل بالصورة الفنية في الحي الذي تحول إلى مقهى تفوح منه رائحة البن و الشاي و الهيل و الزعفران ناهيك عن صورة القمر الذي تحول من وجهة نظـر الكاتبة إلى رجل أسمر ذي ملامح قابضة و عينين غائبتيــن و كأنه في يومـه المحاق 0


كما أن استعمال الكاتبة للتشبيه في وصف الفم بالجرافة التي تقضـم كل ما تراه يحيلنا إلى قدرة الخيال الاصطفائي عند الكاتبة إلى اختزان الصــور الواقعية و تجسيدها بصور واقعية مماثلة و إن كان ذلك لا يرتقي إلى ابتــداع الصورة المثلى للقيمة الإنسانية 0 فقد تحولت عين الكاتبة إلى ( آلة تصويــر الواقع المعاش ) ولكنها في العبارة التالية استطاعت أن تحول المجسـدات إلى معنويات و المعنويات إلى مجسدات فقد تحول هذا الإنسان من وجهة نظرها من آكل عاطفياً إلى أكلٍ للأخضر و اليابس و كأنها تؤكد على الجشـع النفسي الذي يقف وراء نفوس بعض الرجال 0


موقف لا شك أنه يصور واقـع النفــوس المريضة التي تحولت الحياة لدى أصحابها إلى ماديات محسوســة ذات فائدة متناسين رفعة القيم و سمو الإنسانية و جمال العاطفة الحقيقية الصادقة 0 (( هل يتحول الدكتور صالح الأحمدي مستشار لغة الجسد إلى مهمهم يبحث عن مادية الحياة تاركاً وراءه صوت المؤذن يحيك نسيجه الدافئ على أسقف الحي الذي ما يزال غارقاً في أحلامه )) ..




* نشرت الدراسة في 12/ 6 / 2006م في عدة دوريات ومواقع ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق