الثلاثاء، 28 أبريل 2009

صانع الأحلام



صانع الأحلام




لكل منا " أحلام " خبيئة في حيز ما من مشاعرنا التواقة إلى تحقيق كينونتنا من خلالها.. بعض الأحلام صغيرة بحجم كف اليد وبعضها كبيرة كساحة ملعب وبعضها فضفاضة كثوب امرأة بدينة وبعضها ضيقة كأنبوب مص .. والأحلام طويلة الضفائر تحتاج إلى تشذيب أما الأحلام المصلوعة فتحتاج إلى روح البعث .. بعضا منها تعرف طريقها إلى التحقيق وبعضها الآخر تتوه في تيه مستمر وقد تظل ضائعة الهوية لسنوات ..




معظم أحلامنا كانت رغبات نائمة على وسائد الأمنيات .. والأحلام أفكار نحن نصنعها ونحولها إلى أرض واقعنا ، نجعلها جزءا منا أو نريد أن تكون جزءا منا ربما لأنها تشبهنا أو تثيرنا .. ربما لأنها غريبة عنا وبدافع من الفضول نريد اصطيادها أو ربما لنزوة دهشة نندفع نحوها دون سواها .. ولا نتوقع قط أن أفكارنا البسيطة من الممكن أن تفعل شيئا جيدا يوما ما أو أن تضيف لنا شيئا ..




ولي قناعة أن الأحلام تنشطر إلى نوعين : هناك أحلام تعتمد على همّتنا وأحلام تعتمد على همّة الآخرين .. أما النوع الثاني فهو ما يشيب المرء حقا ؛ لأننا نستطيع تحريك أنفسنا لكننا لا نستطيع إجبار الآخرين على تحويل حلم يجمعنا معهم إلى واقع ؛ وذلك لا يتأتى إلا حين تكون رغبتهما متوحدة وتسير في الاتجاه نفسه .. وفي أحايين أخرى تكون الأيام هي عدونا اللدود لأحلامنا وبأهوائها الخاصة تحقق ما تريد وترمي ما لا تريد في قمقم الأمنيات ، ويظل حالمها يحلم باصطيادها يوما بعد يوم وقرنا بعد قرن .. وبعض الأحلام تكون مزعجة لصاحبها فلا تنفك عنه حتى تجد طريقها للتحليق في سماوات واقعه .. جميلة هذه الأحلام الدافعة لكنها إن تحققت بعد فوات الأوان فإن قيمتها الحقيقية بعدئذ تشيخ ..لا تختصر الحياة في حلم واحد بل عدد في أحلامك وأحلم بقدر ما تشاء ..




وإن مضى حلم فتش عن غيرة في كل أفق يطل عليك وعلى كل أرض تطأه قدماك .. وإن مات حلمك لا تيأس وجد طرقا أخرى لبعثها من جديد .. وإن انهار عنك حلم ما ابن حلما جديدا مكانه فلعل الحلم العتيق لم يبت لك الخير الذي كنت تريد .. ويجب على الإنسان أن يناضل في سبيل أحلامه فهي تحقيق لذاته الإنسانية في الوجود ..




كما يرى " باولو كويليو ": ( يجب على الإنسان أن يناضل من أجل أحلامه ، ولكن يجب أن يعرف أيضا أن بعض الطرق عندما تبدو مستحيلة ، فمن الأفضل الاحتفاظ بالطاقة من أجل السير في طرق أخرى ) والشخص الذي تخلو حياته من الأحلام هو شخص هائم على وجهه في صحراء شاسعة من الفراغ والضجر ويبهت مع ضياعه قيمة الزمن ويترهل معنى الشباب الحقيقي فيه والأهم من ذلك العمر يتوه في لا شيء ..




( وقد يصبح العمر أحلاما نطاردها تجري ونجري وتدمينا ولا نصل ) كما يقول " فاروق جويدة " .. ليس مهما أن نحقق ما نخطط له يكفي أن نعيش لحظات الحلم ونحييه بخيالاتنا .. ولا تبتئس إن لم تجد أحلامك القديمة طريقها إلى النور يكفي أنك حلمت بها .. يكفي أنك كنت سعيدا حين كنت تحلم بها ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق