الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

حوار مجلة ريحانة البحرينية مع الكاتبة ليلى البلوشي..

ليلى البلوشي : لو لم تكن المرأة موجودة لأخترعها الرجل ..!

أجرى الحوار : فاطمة العمار / مجلة ريحانة البحرينية ...

ليلى البلوشي، أديبة عمانية متميزة، باحثة مهتمة بأدب الطفل، كانتْ لها محاولات في الشعر، لا تتذكرها وتقول (متى كتبت الشعر آخر مرة؟ لا أذكر حقا! ببساطة السرد بكل أنواعه احتلني)، وعن السبب الذي دعاها للاهتمام بأدب الأطفال كان مصادفة تعتبرها من أجمل مصادفات حياتها، هذا التوجه الذي تحوّل مع مرور الأيام إلى شيء تحبه وتفخر بالكتابة فيه.
 هنا نص لقاء مجلة "ريحانة" مع البلوشي.

ما سر نشاطك وحضورك "الالكتروني" اللافت؟

لا سرّ ، وسرّ ربما ..! لكنه نافذني أطل من خلالها على عالم كبير ومختلف ومدهش ، عالم غني بالأفكار الجيدة والمعطوبة وقلوب الكبيرة والصغيرة .. الواسعة والضيقة ... يااااه ، عالم من الانفعالات السوريالية كلوحات سلفادور دالي ..!
عالم يمد لك جسورا من التواصل مع بشر مختلفين نتعاطى معهم بشكل يومي ربما كقهوة صباحية .. كصحيفة .. كمسرحية تتفرج عليها وتتعرف على أبرز ممثليها أو كسوق تقتني فيها ما تريد من كتب ومن أشياء لا تخطر ببالك حتى ..!
المدهش حقا أنك في هذا العالم الكوكتيل تلتقي بأصدقاء حقيقيين وبقراء أوفياء ؛ قد لا تعرف تقاطيع وجوههم .. قد لا تتمكن من معرفة أسمائهم الحقيقية .. تتواصل مع نقرات أصابعهم المتصلة بعقولهم وحفلة أفكارهم الغنية بالمعرفة والثقافة وأرواحهم البضة كالياسمين تغنيك عن بقية تفاصيلهم ..!
أليس كل ذلك كفيل بتحفيز نشاطك وهمتك على الصعيد الإفتراضي ..!

تصفين محاولاتك في الشعر بأنها "فاشلة" لماذا هذا الحكم القاسي؟

الشعر .. الشعر متى كتبت الشعر آخر مرة ..؟!
لا اذكر حقا ..!
يبدو أن السرد سحب كل طاقتي الإبداعية وجل أفكاري نحو ومضاته الفضفاضة ، ببساطة السرد بكل أنواعه احتلني ..!

دائماً هناك شكوى مستمرة من إهمال أدب الطفل، ما سبب توجهك للبحث في هذا المجال؟ هل هو شغف أم رغبة في سد نقصٍ ما؟

توجهي لأدب الطفل كان مصادفة ؛ من أجمل مصادفات حياتي حقا ..!
بدأت الحكاية مع بحث التخرج كان موضوعه عن أدب الأطفال ورشحني بعض الأساتذة في الجامعة أن أختاره لأكتب فيه ؛ لثقتهم ولحسن ظنهم بنشاطي ، على الرغم من إني شككت من قدرتي على الخوض في مجال صعب وغريب عني نوعا ما ، ولكن بحمد الله تعالى كان توجها خيرّا ، وأنا مدين لأساتذتي بهذا التوجه الذي استحال مع الأيام والقراءات والممارسات إلى شيء أحبه وأفخر بالكتابة فيه ..

ما رأيك بالطفل العربي؟ وهل تجدينه شغوفاً بالقراءة؟

الطفل العربي طفل ذكي وقوي ؛ على الرغم من كل الظروف الشاقة والكوارث والحروب والفقر إلى لا آخر من الأزمات التي يمر طفولة هؤلاء الصغار إلا أن كل ذلك شد من عودهم .. وقوى عزيمتهم .. وشرع مداركم على العالم وجعلهم أكثر تصالحا مع واقعهم ؛ نعم لقد نزع هذا الواقع منهم أجمل أعوامهم " الطفولة " فما خبروه حقا بشع ومخيف وأخص هنا أطفال سوريا الجريحة ؛ إنهم يعيشون رعبا يوميا وذبحا داخليا وخارجيا مهددا غير أنهم مازالوا يحلمون بواقع أفضل ومستقبل لوطن يبنونه بفكرهم البناء وجسارتهم النادرة ..!
أما على صعيد القراءة ؛ للأسف مستوى القراءة هابط في الوطن العربي بشكل عام ؛ فإذا كان جزء من أطفال العالم العربي منكوب ومشغول بظروف الحرب وسلب من طفولته السوية في ممارسة حياته ومواهبه بشكل طبيعي ، فإن النصف الآخر من الأطفال يعيش بترف ومدلل وفضّل الألعاب الإلكترونية على كتاب ورقي يقلّبه بين يديه ..!
والكل ملام في ذلك ليس ذنب الطفل وحده بل الأسرة والمدرسة والمجتمع والعالم من حوله أيضا ..!

هل يمكن أن تحدثينا عن قراءاتك منذ سن مبكرة وحتى اليوم، وما التغيير الذي طرأ على ذائقتك في القراءة؟

مدينة لصناديق الكتب ؛ سري الصغير .. كنزي الأروع ..!
وأنا صغيرة كنت أحب قراءة كل شيء قابل للقراءة ، كتب بأنواعها ، المجلات والدوريات بأنواعها ، كنت اقرأ ولكن فهمي كان على قده ضئيلا ، واذكر أن مكتبة أخي التي كانت معظمها من كتب قديمة ومن التراث جعل فضولي يتصفحها ، ولا أكاد أنسى أول إحساس ساورني حين وقعت عيني على كتاب الحيوان للجاحظ كان غلافه بالنسبة لي مخيفا تكلله رهبة كبيرة ..!
كانت القصص والحكايات هي أولى اهتماماتي القرائية ، ومن فضائل القدر الجميل أيضا في طفولتي صادفت مرة عند باب منزلنا صندوقا بحجم متوسط ، وحين فتحه فضولي دهشت بكمية من القصص بعناوين تفوح بالمغامرة كانت أكبر من كف يدي ، فرحت بها كثيرا وصرت ألتهمها يوميا كانت المجموعات القصصية لمؤلف اسمه " محمود سالم " وقد انتخب بطلا واحدا يخوض بطولة سلسلة حكاياته الشيقة يدعى تختخ " مغامرات تختخ " فتحت هذه القصص مداركي الطفولية وجعل خيالي يفكر بطريقة أخرى ..!
الدهشات لم تنضب من حياتي يوما ، في مرحلة المراهقة قدمت لي صديقة صندوقا مكتظا بحكايات تدعى روايات عبير ، وكان المراهقون في ذلك الوقت يقرأونها بنهم ، انبهرنا بها لأول وهلة ، ولكن هناك كتب وجدت لمرحلة معينة وكانت روايات عبير من هذه النوعية تفرغ منها سريعا ولا تكاد تذكرها بعد ذلك ..!

كتاب قرأتيه وجذبك، ولا تستطيعين نسيانه؟

رواية " أن تقرأ لوليتا في طهران " للروائية الإيرانية آذر نفسي ، من الكتب التي تأثرت بها حد كتابة رسالة من 6 صفحات لكاتبتها ، وقرأها القراء لأني قمت بنشرها في صحيفة ..!
ورواية " آلموت " للروائي فلاديمير بارتول .. هذه الرواية العظيمة تحكي عن عالمنا بفكر مرعب وفج وواقعي جدا ..!
قالت الروائية إيزابيل الليندي : " ما ينسى كأنه لم يحدث قط " ..!
وهاتان الروايتان اللتان قرأتهما حدثتا فعلا ؛ ولهذا من الصعب إسقاطهما من الذاكرة بالنسيان ..!
إلى أي حد أنتِ متفائلة بواقع المرأة الخليجية اليوم، هل من تحديات كبيرة تواجهها؟

المرأة الخليجية عبرتها تغييرات العصر كما عبرت غيرها من نساء العرب والعالم ، لم تعد تلك المخملية أو البرجوازية المدللة ، الكسولة ، الفارغة من اهتمامات الحياة سوى النفخ والطبخ والزواج أو مطاردة الموضة وما إلى ذلك من أفكار ومعتقدات عتيقة عفا منها الدهر وشبع ..!
نحن اليوم أمام نماذج نسائية خليجية جديرات بالفخر وفي مجالات عديدة لا يمكن حصرها ، وهذا أمر بالتأكيد يدعو للتفاؤل بشأن مصير المرأة الخليجية وامتدادها التاريخي القادم وبقوة ..!
نعم هناك تحديات وهناك صعوبات والطريق به منحدرات ، لكنني على ثقة بأن المرأة الخليجية قادرة على كسر تلك الصخور الضخمة وعلى تجاوز صعاب الحياة ، إنها أكثر ثقة بنفسها وأكثر اعتمادا أيضا على ذاتها ، فدراستها ، وعملها الخاص .. كوّن منها كيانا إنسانيا أكثر استقلالا في تكامل جيد مع الرجل في المجتمع ..

هل أنت راضية عن كل ما وصلتِ له؟ وما هي حدود طموحاتك؟

في عالم الإبداع بشكل عام أو الموهبة ؛ مهما كان نوع هذا الإبداع وشكله إن نحا إلى حد معين في مشواره ، وثم قال عندها هذا يكفي .. فإن إبداعه يفنى إلى هذا الحد في روحه ، ولن يمنحه مهما فعل من معجزات المزيد بعد أن اقنعه بمعدل معين من الرضا ..!
سأحكي موقفا مر به الإسكندر الأكبر ؛ يروى أنه يوم أصبح قاهر العالم أوصد باب غرفته وبكى ..!
ولقد انزعج جنرالاته وتساءلوا بدهشة كبيرة : ماذا حصل ؟ لم يسبق أن رأوا الإسكندر يبكي ، لم يكن من هذا النوع من الناس إذ كان محاربا عظيما وقد عبره مواقف في غاية الحرج والخطورة وكان الموت فيها محتما ولكن دمعته كانت صامدة ولم تذرف ولو قطرة واحدة .. فماذا حصل الآن وقد أصبح قاهر العالم ..؟!
قرعوا الباب ، ثم دخلوا وسألوه : ماذا حصل ..؟ لماذا تبكي كالأطفال ..؟
فأجاب : الآن وقد نجحت وجدت نفسي خاسرا ، لقد وجدت نفسي الآن في المكان نفسه الذي كنت فيه قبل أن أقهر العالم ، لم يعد أمامي عالم آخر لأقهره ، أي لم يعد لدي شيء آخر لأقوم به وفجأة عدت لنفسي ..!
أن تصل إلى قمة ما يعني أن مسؤولياتك كبرت أمام نفسك .. وأمام من يقرؤك .. وأمام من يدعمك .. وأمام كل أخلص لك ولموهبتك ... هم يريدون منك الاستمرار في انجاب المزيد من الإبداع والأفكار والدهشات ؛ لتساعدهم على الحياة ربما .. لتدعم أرواحهم .. لتبني خيالاتهم ربما .. جلّ ما تقدمه غاياته تتضافر في الآخرين ، وحين تتوقف وتكتفي بالرضا سيتوقف نبعك العظيم وتفنى قبل أن يصاب قراؤك بالجفاف ..!
لا حدود لطموحاتي أبدا ولا لأحلامي ولست راضية و لن أرضى ؛ لأنني دائما سأكون مشغولة بكامل حواسي بما لم أخضّه بعد ...!

كلمة توجهينها للمرأة.
لو لم تكوني موجودة لأخترعك الرجل ..! تأكدي بذلك ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق