الأحد، 26 مايو 2013

قواعد العشق الأربعون ..!


 
 
قواعد العشق الأربعون ..!

 

" إن الطريق إلى الحقيقة يمر من القلب ، لا من الرأس .. فاجعل قلبك ، لا عقلك ، دليلك الرئيسي .. واجه ، تحدّ ، وتغلب في نهاية المطاف على " النفس " بقلبك .. إن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله " ..

هذه العبارة قاعدة من إحدى قواعد العشق الأربعون التي حكتها رواية " الكفر الحلو " لمؤلفه " أ. ز. زاهارا "  والتي كانت مخطوطة وقعت بيد امرأة في الأربعين من عمرها .. وللأربعين دلالة متعمقة على طول هذه الرواية حيث يذهب المؤلف إلى تعدد معجزات الأربعين في صفحاته روايته فيقول للمرأة المسمى " إيلا " : " هل تعرفين أن الأربعين في الفكر الصوفي ترمز إلى الصعود من مستوى إلى مستوى أعلى وإلى يقظة روحية .. ؟ .. لقد استمر طوفان نوح أربعين يوما .. وقد خرج المسيح إلى القفر أربعين يوما وليلة وكان محمد في الأربعين من عمره عندما نزل عليه الوحي وتأمل بوذا تحت شجرة زيزفون أربعين يوما بالإضافة إلى قواعد العشق الأربعين " ..

" إيلا " المرأة الأربعينية يهودية ومتزوجة ولها ثلاثة أطفال تعيش في أمريكا .. وعزمت أن تخرج قليلا عن شرنقة ربة البيت ، فحصلت على وظيفة في الوكالة الأدبية ، وأول مخطوطة وقع تحت يديها في عملها هي رواية " الكفر الحلو " أحداث الرواية التاريخية تجري في قرن الثالث عشر المفعم بالصراعات الدينية والنزاعات السياسية .. وفي خضم تلك الفوضى عاش عالم إسلامي يعرف باسم " جلال الدين الرومي " ويلقب بـــ" مولانا " وفي العام 1244م التقى الرومي برجل صوفي غير حياته رأسا على عقب ، الذي يحوله من رجل دين عادي إلى شاعر يجيش عاطفة وصوفي ملتزم وداعية إلى الحب .. بالدرويش الجوال " شمس التبريزي " وكان هذا اللقاء بداية لصداقة فريدة متينة شبهها الصوفيون في القرون التالية باتحاد محيطين اثنين .. وطيفهما كضوئين ما يزالان ينيران ظلال مكان ما في هذا العالم ..!

" إيلا " و" عزيز " عرفا بعضهما في داخل رواية " قواعد العشق الأربعون – رواية عن جلال الدين الرومي – " ترجمة " خالد جبيل " .. وتأليف الروائية التركية " أليف شافاق " هذه الكاتبة التي اختارت اسمها الأول واسم أمها كاسم أدبي توقع بها أعمالها ، استطاعت بأسلوبها الحاذق أن تحكي قصة حب من نوعين مختلفين عبر أربع شخصيات أساسية في الرواية ، وفي روايتين مختلفتين فكرا وأجواء ولوهلة تشعر أنهما يدحرجان في فضاء روائي شاسع يحتضن العشق بكل جبروته وجذوته ..

فالرواية الأساسية التي حكت قصة العشق الإلهي وقواعده الأربعون حملت عنوان " الكفر الحلو " لكاتبه زاهارا وهو " عزيز"  نفسه الذي أحب المرأة " إيلا " التي قرأت روايته التاريخية عن العشق الصوفي الذي ربط بين كل من " جلال الدين الرومي " و" شمس التبريزي " هذا العشق الذي غير أجواء حياتها كليا حين دخل " عزيز " حياتها عبر رسائل الكترونية قاموا بتبادلها كانت بريئة في طابعها لكن في جوفها مع الأيام حملت ثقلا من الحب .. حب افتقدته امرأة متزوجة وأم لثلاثة أطفال ، وهي المرأة نفسها قبل أن تتعرف على حبيبها " عزيز " قبل أن تعي معنى الحب الروحي الذي يربط المرأة والرجل وقفت في وجه ابنتها كبرى " جانيت " التي أحبت صديقا لها وعزمت الزواج منه وفي حوار قالت لها : " إن النساء لا يتزوجن من يحببن بل يخترن الرجل الذي سيكون أبا جيدا وزوجا يمكنهن الاعتماد عليه فالحب إحساس جميل يأتي لكنه سرعان ما يتلاشى " ..!

الفضول في الأول من أحداث رواية غير عادية ، ثم اضطراب حالتها النفسية وخواءها الروحي كل ذلك وأكثر هو الذي دفع هذه المرأة إلى نبش مدونة مؤلف رواية " الكفر الحلو " فصادفت بريده الالكتروني وبعثت رسالتها الأولى وهي في حالة نفسية مضطربة نتيجة خلافها الأخير مع ابنتها  .. لتبدأ بعدها سلسلة من رسائل الحب المتبادلة ، هو الحب الذي حين تذوقته وغاصت في عسل أحلامها معه جعلها تتخذ قرارا حاسما وجسورا في حياتها فتترك وراءها ماضيها الروتيني إلى امرأة حرة هجرت كل شيء يربطها بحبل - ربة البيت - تلك إلى حبيبها " عزيز " الذي يموت في مدينة طالما حلم أن تضم روحه في ترابها في " قونية " المدينة التي مات فيها " شمس التبريزي " مقتولا على يد قاتل لحقته لعنة أبدية لطخت حياته برعب دموي " عندما تقتل أحدا ، فإن شيئا منه ينتقل إليك – تنهيدة أو رائحة أو إيماءة ، وأنا أدعوها " لعنة الضحية " ..!

هذه الرواية تسمو فيها أيقونة التغيير ، فكل شيء في هذا الكون قابل للتغيير ، والتغيير ينبع من الداخل بتأثيرات خارجية لها تبعات داخلية حادة وحازمة وكلية ، ثم لوهلة ترى أن لا شيء تغير حقا ولهذا التغيير واللاتغيير يدين الكون بانسجامه والقاعدة التاسعة والثلاثون من قواعد العشق الأربعون تقول : " مع أن الأجزاء تتغير ، فإن الكل يظل ذاته ، لأنه عندما يغادر لص هذا العالم يولد لص جديد ، وعندما يموت شخص شريف يحل مكانه شريف آخر ، وبهذه الطريقة لا يبقى شيء دون تغيير بل لا يتغير شيء أبدا أيضا " ..

 

ليلى البلوشي

هناك 4 تعليقات:

  1. ممتازورائع جداهذاالمختصر

    ردحذف
  2. رواية ممتازة وممتعة ومؤثرة
    أهني الروائية إليف شفاق
    ؤأهني الأستاذة ليلى البلوشي على هذا المختصر

    ردحذف
  3. رواية جميلة أنيقة فيها من الايقاعات الروحية ما يسمو بالروح الى خانات اكثر افقية واتساعا

    ردحذف