الأربعاء، 22 مايو 2013

حوار صحيفة روز اليوسف مع ليلى البلوشي : دور النشر سبب عدم شهرة الكاتب العماني


 
 
ليلى البلوشى: دور النشر سبب عدم شهرة الكاتب العمانى
22 / مايو / 2013م
 
أجرى الحوار الصحفي خالد بيومي
 
 
الأديبة العمانية ليلى البلوشي، مبدعة جمعت بين كتابة القصة القصيرة والشعر والمقالة ونقد أدب الأطفال، تحدثت في حوارها معنا عن الأدب العماني ووضعه على الخريطة الإعلامية، وأسباب عدم انتشار وشهرة الكتاب العمانيين بشكل كثيف كغيرهم من الأدباء العرب، تؤمن بأن من أهداف الكتابة وضع القارئ في حيرة وارتباك تفتح ذهنه على عوالم جديدة، كما ترى أن الطفل العربي سيكون واعيا بدوره تجاه وطنه في المستقبل بسبب المعاناة التي يعيشها ... عن كتابتها للقصة القصيرة، ومشروع كتابة دراسة عن سيكولوجية رسوم الأطفال وقرارها بكتابة رواية دار هذا الحوار...

 

1- تكتبين القصة القصيرة والشعر والمقالة ونقد أدب الأطفال .. كيف توفقين بين هذه الاهتمامات ؟

 

أحب التنوّع على مستوى الحياة وعلى مستوى الأدب أيضا ؛ أؤمن دائما بأن الإنسان مجموع قدرات هائلة أودعها - الله - تعالى في داخله ولكي نجس الضوء علينا بالمحاولة وعلينا الإيمان بوجود هذه القدرات ومن ثم اكتشافها رويدا رويدا وهذا ما أحاول القيام به عبر فضول الاكتشاف وعبر محبتي المفرطة في التجريب والتنوع ..

وأؤمن أن هذا التجريب سوف يدفعني إلى دروب سأحبها .. أحبها كثيرا .. وكما قال الروائي التركي " أورهان باموق " : " كالعادة الأدب يسبق الحياة " هذا الإحساس العظيم بأن الأدب يسبق الحياة يضخ في روحي لذة التجريب ..!

2- أين تجدين نفسك أكثر ؟

 

أجد نفسي المكتملة في جلّ الفنون الأدبية التي أمارسها بمتعة ومسؤولية في آن .. ودونها سأكون ناقصة كعصفور مقصوص الجناح .. عصفور صغير وجميل لكنه لا يمكنه التحليق بجناح واحد ..!

 

3- لماذا تكتبين القصة القصيرة ونحن في زمن الرواية ؟

 

نحن في زمن كل شيء . في زمن مدهش . في زمن مجنون . في زمن متناقض ومرتبك ، وهذا الزمن المتلخبط في فوضى الرغبات والهموم والأوجاع يفرض كل شيء على شاكلته . وغدا لكل شيء جمهوره .. ولعل الغلبة للرواية وما يزال ولكن أيضا أشعر أن المقالة السياسية بدأت تفرض نفسها كمتنافس بجنب الرواية ولها قراءها ولها جمهورها ..

أما القصة القصيرة فأنا أرى أن طبيعتها الإبداعية وكتابتها جاءت مفصلة على شروط هذا العصر السريع .. المتراكض .. اللاهث فيقتصر الناس كل شيء في حيواتهم من أطعمة وألبسة وعلاقات بشرية معقدة إلى أكثرها خفة وبساطة ومواكبة لانشغالاتهم في يوميات الحياة .. والقصة القصيرة تنهي من قراءتها قبل أن تصل إلى مشوارك وأنت في قطار أو طائرة أو في عيادة انتظار في المشفى أو وقت تناول وجبتك السريعة على عكس الرواية فعلى الرغم من عشق القراء لها إلا أنها تشغلك أياما وتخطفك عن مشاغلك وتستولي على حيز لا يستهان به من وقتك لا سيما إذا كانت رواية ضخمة ..!

 وكل ما سبق ليس دفاعا عن القصة القصيرة بل رؤية هذا الفن من زاوية مغايرة في عصر مزاجه روائي على حد تعبير جمهور القراء ونقاده ..!

 

 

4- قصصك تمزج بين الحلم والواقع .. ألم تخشي إرباك القاريء ووقوعه في الحيرة ؟

 

ما أروع أن يربك الكاتب قارئه ..!

بل غاية من الكتابة هو أن نربك ونحرّض ونثير ونؤثر ونضج ونبني مدنا ونرفع حضارات ونرقّع إحساسات القارئ الداخلية وفي الوقت نفسه نثيرها كبركان كي يبقى مشتعلا بالحياة أبدا  لا كجثة مهرت وثيقة وفاتها قبل الأوان بزمن طويل ..!

وما الكتابة التي تكون فارغة من إرباكات القارئ وقلب ترتيبه الروتيني الرتيب رأسا على فوضى ..!

 

5- قصصك تحمل روح الرواية بتعدد شخوصها وأسلوب السرد الادبي .. ألم تفكري في كتابة رواية ؟

 

الرواية .. من الطبيعي ككاتبة يغلب عليها الأسلوب السردي أن تفكر في كتابة رواية ومازلت في مرحلة تفكير كون انشغالي حاليا منكب على مشروع أشتغل عليه منذ أعوام وأحاول حاليا الانتهاء منه ، وهو مشروع حول دراسة سيكولوجية في رسوم الأطفال وحين انتهي منه سأفرغ نفسي لكتابة رواية بشكل جاد ..!

 

6- ترجمت أشعارك إلى لغات أجنبية .. كيف تنظرين إلى قصائدك وهي تسافر إلى لغات أخرى ؟

 

 تغمرني سعادة مفرطة وأنا أتخيل كلماتي الشعرية يقرأها صوت انجليزي أو إحساس إسباني أو انفعال فرنسي .. شعور رائع .. رائع حد الدهشة ..!

 

7- انت ناقدة في مجال أدب الطفل .. كيف تنظرين إلى واقع الكتابة للطفل في العالم العربي ؟

 

رغم الأوضاع المحزنة والصعبة والدموية التي يعيش في واقعها الطفل العربي إلا أنني متفائلة أن كل تلك الأوضاع سوف تصنع طفلا مسؤولا يعي تمام الوعي بمستقبله وبدوره كفرد في وطنه ..!

أما على مستوى الخليجي فإني أستطيع القول بأن الطفل الخليجي هو طفل محظوظ .. طفل يتمتع بحقوق أكبر ويستشعر معنى الأمان بشكل أعمق عن غيره من الأطفال ، مما شك بؤرة الاهتمام أيضا على مستوى الخليج متفاوت بنسب معينة ولكن يظل الطفل الخليجي هو طفل محظوظ ليس فقط لمهرجانات ومحافل تقام على شرفه بل في معنى " الأمان الأسري " الذي يحظى به الطفل الخليجي وسلب عنوة وظلما من أطفال آخرين ..!

 أولئك الذين أفقدتهم الحروب أسرهم وخطفت منهم بقسوة موجعة براءتهم .. كما أجبرتهم على العمل في سن صغيرة مضحين بذلك أروع أعوام حياتهم الطفولية ناهيك عن الأمراض والاغتصابات والمشاهد الدموية التي أصبح يعايشها كمسلسل يومي لا نهاية له ..!

 

8- لا نكاد نعرف مبدعين من سلطنة عمان سوى الشاعر سيف الرحبي والناقدة سعيدة بنت خاطر الفارسي .. من المسؤل عن هذا التهميش برأيك ؟

 

لا مجال للتهميش في عصر لا يستطيع أحد احتكار المشهد الثقافي بسبب قنوات التواصل الحرة ، فالكاتب الذي لا يجد متنا في صفحات الصحف الورقية سيجد له في الصفحات الإلكترونية فضاء رحبا ، لا شك أن نخبة الكتاب في عمان كغيرها من الأقطار العربية في حالة تنامي ومعرض مسقط الأخير للكتاب ترجم هذا التنامي في منشورات الشباب التي تجاوزت الضعف عن العام الماضي ..

إنما منشأ عدم معرفة الآخر بنا هو عدم الجدية في الوصول إلى الكاتب العماني أو تقصير من دور النشر في الإعلام عنه ، خذ مثلا دار الانتشار العربي ستجد عشرات العناوين للكتاب العمانيين والعمانيات من شعر وقصة ورواية ونقدا وفكرا .. كذلك ستجد في دار الفارابي ودار الجمل ودار الفرقد ودار الأزمنة ودار فضاءات .. فضلا عن دور نشر أقل صيتا من سابقتها ..

الملمح الآخر في إشهار واشتهار كتاب كالشاعر سيف الرحبي والشاعرة سعيدة بنت خاطر هو اتصالهما المباشر بالجهات الرسمية والتي توفر لهما ولمن هو في محيطهما فرصا أكثر لحضور الفعاليات الثقافية خارج سلطنة عمان .. مما يتيح للآخر معرفتهما أكثر حتى لو كان الآخر لا يقرأ مجلة " نزوى " الضاجة بالأقلام العمانية ..

9- كيف تنظرين إلى ثورات الربيع العربي وتاثيرها على حركة الإبداع في المستقبل ؟

 

الثورة هي تظاهرة عظيمة وحافلة وصحية بدأ فتيلها في العالم العربي كصدمة مدهشة أيقظت مفاصل الدهر في روح الإنسان العربي التي تجمدت في كهوف الخوف وباطن الخيبة المريرة التي اعتاد وتعوّد عليها العربي حتى تعطلت حواسه ، وأفقدته إحساساته مع العالم الخارجي الذي كان يراكض المستقبل والتطلع والانفتاح والديمقراطية بينما هو بليد ومتفرج ومرتعب من مجرد خاطرة عن الحرية يخربشها طفل صغير على جدار عربي ..!

ثورات الربيع العربي غيرت جسد العالم وتركيبته ليس على مستوى العربي وحده بل أيضا العالمي ..!

وبتأكيد لهذا تأثير جم على كيان الإنسان بعمومه كالخباز والحداد وصياد السمك فكيف إذن مع إنسان ومبدع أو منتج ككاتب وشاعر وفنان تشكيلي وفنان سينمائي .. غيرهم .. غيرهم في آفاق الإبداع الرحب ..

فرضت الثورة وتأثيراتها على العالم ولا يكاد يخلو عمل فكري أو ثقافي من ذكر للثورة وسيرتها في حياة الإنسان وعالمه ..

تعرف ما هو الأجمل في ثورات الربيع العربي اليوم ..؟!

الأجمل فيها هي أنها أصبحت ممارسة يومية .. واستحالت من فكرة مرتعبة ومستحيلة وغامضة بشتى انفعالاتها المتباينة إلى كيان إنساني فردي وجماعي .. غدت أمرا معتادا نمارسه وسينجب هذا التعوّد بدوره أشكال التغييرات التي قامت من أجلها الثورات ومنّت نفسها بها مذ انبعاث الياسمين حتى لحظة التأرجح الحالية التي ينتصب على قامتها مصير الثورات العربية ..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق