الأربعاء، 19 فبراير 2014

صعود الدول النامية

صعود الدول النامية

الرؤية

يذهب الكاتب والباحث " تشارلز كيني " في كتابه " رأسا على عقب .. لماذا صعود الباقي جيد بالنسبة للغرب " إلى أن الغرب يعيش حاليا فترة تراجع أمام عجزها تجاه المشكلات التي تواجه العالم ، كالأزمات الحالية الجارية على أرض الواقع كالحرب الأهلية في سوريا واضطرابات التي تمر بها مصر وغيرها من الدول والقضايا التي تمس العالم على أصعدة عدة ..
فأمريكا مهددة بفقدان زعامتها الاقتصادية وريادتها الدولية واحتمال انحدارها إلى المرتبة الثانية في ظل صعود دول أخرى آسيوية كالصين والهند ، لكن الكاتب يرى على الرغم من ذلك يجب على الغرب ألا يقلقوا تجاه ازدهار الحضارات الأخرى ؛ فهذا الصعود من الدول النامية قلص من أزمة الهوية التي كانت من قبل فاغرة بينهم والدول النامية ، فقد أدى التحسن السريع والمطرد في الرعاية الصحية وانتظام الملايين في سلك التعليم ، وتوفير قدر أكبر من الأمن والسلام ، وتنامي الحريات ، إلى تراكم المكتسبات في الدول النامية واقترابها تدريجيا من الغرب ، وهو أمر لا ينبغي أن يخيف الغرب ، وفقا للمؤلف ، إذ إن أي تقدم لباقي الدول العالم يعني استفادة الغرب من الفرص الهائلة لدول أخرى مزدهرة ، فالولايات المتحدة وأوروبا مثلا استفادا كثيرا من تنامي التجارة مع العالم وتدفق الاستثمارات خلال السنوات العشر الأخيرة ..
ثم يطرح أن حالات التراجع والأزمات التي يعيشها الغرب خارجة عن إرادتها فما يحدث حاليا أن الدول الناشئة بدأت تحقق معدلات نمو كبيرة ، فالصين التي تعتبر الأكبر من حيث تعداد سكانها في العالم بلغ معدل نموها الاقتصادي في الفترة بين 2010 و2012 حوالي 9 في المئة ، فحاليا " النموذج الصيني " يشكل دفعة اقتصادية هائلة لها تأثيراتها الجمة على خريطة العالم ، بدأ نهوضه الحقيقي في العام 1978م بعد مرور سنتين على وفاة " ماو تسي تونغ " انتقل الحكم إلى رجل قصير القامة في الرابعة والسبعين من عمره كان قد نجا بأعجوبة من حملات تطهير الثورة الثقافية التي تفشت وبشكل كبير في عهد " ماو تسي تونغ " ، وهذا الرجل كان يدعى " دنغ كسياو بنغ " ظهرت ما تسمى ظاهرة " تصيين العالم " ، أما الهند فنمت بمعدل 7 في المئة خلال الفترة ذاتها ، وقد أصبحت الهند قوة اقتصادية متماسكة و صاعدة رغم عدد سكانها الذى يزيد على مليار نسمة ، وفي عام 1998 م أعلن رئيس الوزراء الهندي عن مبادرته قائلا : " سنجعل من الهند خلال 10 سنوات قوة عظمى لتكنولوجيات المعلومات ومن أكبر المنتجين والمصدرين في عالم البرمجيات" .. تبوأت الهند المكانة الثانية في العالم في تصدير البرمجيات فقد نجحت كمصدر أول لمحترفي تقنية المعلومات في العالم ..
 و يدحض الكاتب فكرة أن صعود باقي العالم والتوجس منه قد يخصم من فرص الغرب وتفوقه ويجعله بالضرورة أقل ازدهارا ، بل يذهب إلى أن تقدم الباقي يعني فتح أسواق جديدة للمنتجات الغربية ، كما أن انضمام شرائح واسعة حول العالم إلى الطبقة الوسطى يعني استهلاكا أكبر للخدمات والبضائع التي قد تنتجها الشركات الغربية ، فالبلدان الناشئة ببنيتها التحتية الأفضل من السابق وتشريعاتها المتطورة تشكل فرصة للصادرات الغربية واستثمارات الشركات الأميركية ..
ثم يطرح المؤلف كحلول للتغلب على الأزمات التراجع الاقتصادي هو من خلال فرض الرسوم الجمركية العالية، وكبح الاستثمارات الآسيوية ، ووضع قيود صارمة أمام المهاجرين ، بينما يقول الكاتب إن أول المتضررين من هذه السياسية سيكون الغرب نفسه ؛ لأنه بحاجة إلى الانفتاح على العالم أكثر من أي وقت مضى ، الغرب المتوجس أو بالمعنى المتخوف تجاه كل ما يكون كعبء على حضاراتها الممتدة مذ قرون ..!
عالم اليوم فرض تغيراته على الصعيد الاقتصادي وعلى الغرب تقبل فرص اندماج مع الحضارات الأخرى لتقليص حد الهوة التي كانت سائدة منذ سنوات سالفة ، و لتستمر عجلة التقدم العالمي وتكون في صالحهم ..

ليلى البلوشي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق