الاثنين، 6 يناير 2014

موضة الح رب ..!

موضة الح رب ..!

الرؤية / العرب

في كتابه " العلاقات الحميمية : لغز العلاقة الحامية " للفيلسوف " أوشو " يتساءل في مقدمته قائلا : " ليت المودة موضة .. لكنا اتبعناها نحن الأتباع والتابعين .. الشر موضة ، والحقد موضة ، والخوف موضة ، والغضب موضة ، والفقر موضة ، والسياسة موضة .. لماذا لا نجعل الحب موضة .. لماذا أصبحت الحرب موضة ..؟ "
نعم .. نعم .. سير الحرب غدت موضة رائجة ؛ حين كنا صغارا وكان الكبار يناقشون سير الحروب في المنطقة كانت وحدها " فلسطين " هي التي تطرأ ببالنا .. هي الجريحة .. المغتصبة على أيدي دمويين يقال لهم " إسرائيل " هي الحرب الوحيدة التي كانت تشغلنا .. تشغل العالم الذي كنا جزءا منه ، في ذاك الوقت كانت غايتنا واحدة . وهمنا واحد . وحربنا واحد . وعدونا واحد هي " إسرائيل " وحدها ..!
ولكن اليوم ماذا نرى ..؟ سير حروب لا تنفك عن الاشتعال .. الحرب التي كانت تعني " فلسطين " وحدها في ذاكرة الأجيال الماضية غدت اليوم تعني أيضا " العراق " و" سوريا " و" لبنان " و" مصر " و" ليبيا " و" اليمن " و" الصومال " و" السودان " والقائمة الحربية تطول .. حروب .. حروب وكأن الحرب غدا موضة ..؟!
في ظل صراعات العالم وتحدياته ما الذي يحتاجه الإنسان ليبقى صامدا في وجه زوابعها وبراكينها وحروبها ..؟
ما الذي يجعل عبء العالم أكثر خفة ..؟ ما الذي يجعل بعضنا يتحمل جرعات الألم والفقد والبرد والصهد والجوع والحرمان عبر هذا العالم مترامي القسوة ..؟
ربما آن الأوان كي نسعى إلى شطب سير الحروب الدموية بضخ نماذج من سير الحب كي نقلب القواعد التي غدت في صالح الحرب وحدها ..؟!
نبثّ الحب وسيره ؛ كي يستعيد هذا المجتمع عافيته كما صرح شاعر الحب " نزار قباني " : " نحن مجتمع بلا عافية ؛ لأننا لا نعرف أن نحب .. لأننا نطارد الحب بكل ما لدينا من فؤوس ومطارق وبواريد وخناجر .. ما لم نفتح للحب نوافذنا فسوف نظل نباتات شوكية لا تورق ولا تزهر .. وتظل قلوبنا قارات من الملح لا يخرج منها أي غصن أخضر " ..
كما تعودنا على سيّر " الحرب " آن الأوان أن نتعوّد على سير " الحب " ؛ أن نقرأ عن الحب .. أن نكتب عن الحب .. أن نعايش الحب كسلوك يومي بدءا من حب أشياء صغيرة كحب ابتسامة .. كحب إصبع طفل .. كحب عصفور ناعم يحط عابرا على نافذتنا .. سيكبر هذا الحب من تلقاء نفسه .. يكبر .. ليكتمل نموه في هيئة سلوك طبيعي وعادي ويومي .. في هيئة طقس من طقوس الحياة ..!
في هذه المقالة سأعرض نماذج مختلفة عن الحب والتضحية والإخلاص تمس الكيان الإنساني والطبيعة الحيوانية كذلك ؛ فعلى الرغم من كل صراعات التي تواكبت عليهم إلا أن الحب ظل رفيقهم أبدا .. حكاية رجل صيني تزوج بأرملة تكبره بعشرة أعوام عندما كان في التاسعة عشر من عمره ، وهرب بها إلى إحدى كهوف جبال الصين ، عاش الرجل وزوجته بعيدا عن الناس هربا من الشائعات والملاحقات ؛ لأنه فعل شيئا يخالف المجتمع وقتذاك ، وعلى مدار خمسين سنة قام العاشق الصيني بنحت 6000 درجة سلم حتى تستطيع زوجته الصعود والهبوط بسهولة عندما تكبر ..!
كان بإمكان هذا الرجل أن يطلق زوجته التي تكبره في عجزها لكنه آثر أن يبقى وفيا ؛ إنه الحب .. إنه الإخلاص ..!
وحكاية أخرى عن رجل كان يعاني من اضطرابات الزهايمر ؛ فقامت زوجته الذكية بتفصيل قميصين وكتبت على خلف كل منهما عبارتين مختلفتين ، قميص الزوج صاحب الزهايمر كتبت عليه عبارة تقول : " إذا ما تهت خذوني إلى ريتا " بينما الزوجة كتبت على قميصها : " أنا ريتا " .. وكانا دائما يتجولان في الأماكن العامة بالقميصين المتميزين نفسه .. إنه الحب .. إنه الإخلاص ..!
أما الحكاية المؤثرة حقا .. عايشها رجل ياباني  حين أراد تجديد جدران بيته ، ومن المعروف أن البيت الياباني التقليدي مبني من الخشب حيث يكون بين جدران البيت فراغ ، فعندما نزع أحد الجدران وجد سحلية عالقة بالخشب من إحدى أرجلها ، انتابته رعشة الشفقة عليها ، لكن الفضول أخذ طريق التساؤل عندما رأى المسمار المغروز في رجلها يعود إلى عشرة سنوات خلت عندما أنشأ بيته لأول مرة ..
دار في عقله سؤال: ما الذي حدث ..؟
 كيف تدبرت السحلية أعوام العشر تلك في فجوة ما بين الجدران يلفها الظلام والرطوبة ودون حراك ..؟
 توقف عن العمل وطفق يراقب السحلية .. كيف تأكل ..؟
 وفجأة ظهرت سحلية أخرى حاملة الطعام في فمها ، دهش الرجل وعمت في نفسه مشاعر رقة الحب الذي أثاره هذا المشهد سحلية رجلها مسمرة بالجدار، وأخرى تطعمها صابرة مدة عشرة أعوام ..
سبحان الله ..!
ليكن " الحب " موضة ولنكسر راء " الحرب " .. لنركلها بكل ما نملك من طاقة حب ؛ كي نشعر بآدميتنا في قاع مجتمع مريض بالحرب ..!

ليلى البلوشي

هناك تعليق واحد:

  1. تشدني مقالاتك دوما لما اجد فيها من طرح شيق يستعدي اخذا وعطاء نظرا لتشعبها وطرقها لمختلف جوانب حياة موضة او موضة الحرب وما شدني في الموضوع اكثر هو راي الفيلسوف في الحب وامله ان يصير موضة هو رجاء منه ليعم الخير ولمن الحب في رأي لا يصح ان يكون موضة لان الموضة هي نتاج تدبير لمواكب تغيير حتى يظهر صاحبها مواكبا لذلك التغيير نتيجة تاثير لكن الحب مصدره القلب واللا انا لانه فطرة فطر الخالق عليها عباده قال تعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) على ماذا فطر المخلوق فطر على حب الله واتباع هديه ومن هديه ان تحابوا في الله فالحب اذا فطرة ليس موضة نلبسها ساعة نشاء بل هي فطرة ان نحن زكيناها سعدنا واسعدنا من حولنا وصعب ان ننمي فطرة اذا نحن ابتعدنا عن تعاليم ربنا لان تنمية الفطرة هي الخير كل الخير قال تعالى:(وَمَا طَحَاهَا*وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ فتثمين الحب وهو من التقوى التي زرع الله في النفس هوتثمين الفطرة التي فطر عبده عليها اما الشر فهو موضة مكتسبة بتاثير خارجي اكان تاثير ابليس الجن او ابليس الانس وما أكثر أبالسة الانس في زماننا هذا

    ردحذف