الثلاثاء، 16 يوليو 2013

ثقافة الصندوق ..!


 
 
ثقافة الصندوق ..!

 

الرؤية / العرب

 

في بعض دول العالم وإن لم نقل معظمها تملك كل منها صندوقا ، ولهذا الصندوق استخدامات كثيرة وفي مجالات عديدة ولعل أهم مهام من مهاماته هو " الاقتراع " ..!

الاقتراع كما عرّفته موسوعة الحرة " ويكيبيديا " هو أي وسيلة تتبع لأخذ رأي قطاع معين من الناس في أمر ما أو اتخاذ قرار، وعادة ما يكون مسبوقاً بالحملات الانتخابية ، ويوجد عادة في الدول الديمقراطية والجمهوريات ، كما أنه مرتبط بمصطلح آخر وهو المواطنة ، وهي امتلاك الشخص مزايا أو قدرات معينة تؤهله للممارسة السياسية ، منها حق الانتخاب ، وهذه الأخيرة هي انتقاء أو اختيار شخص أو مجموعة أشخاص للقيام بأعباء تسيير الدولة وأن يكونوا مسؤولين أمام الشعب ..!

الانتخاب أو التصويت ما هو إلا أداة أو وسيلة من الوسائل التي تعتمد عليها الممارسة الديمقراطية في تثبيت أركانها، ومرحلة من مراحل التطور الديمقراطي والسياسي للممارسة السلمية للسلطة والتبادل السلمي للسلطة عبر ممثلين تساهم في إثراء العملية السياسية وتضمن مشاركات سياسية واسعة من جميع فئات المجتمع بشرائحه المختلفة وهنا تأتي مسألة المواطنة وحفظ حقوق الأقليات ..!

نقطة .. ثم نعود إلى الصندوق في الوقت الراهن تمر جمهورية  " مصر " صراعا و جدالا حادا ،  أصبح في الأيام الأخيرة ذات طابع دموي مرعب وموجع في آن ، ومصدر خلافهم حول " الصندوق " ؛ فمنهم من يرى أن الصندوق لا يشكل أهمية أمام رغبات الشعب وإرادته في خلع الرئيس الذي احتكموا عليه عبر " صناديق " بينما الطرف الثاني متمسك وبقوة بشرعية " الصندوق " وفي حق بقاء الرئيس الذي اختير لأن يستمر على رأس مهامه في قيادة الدولة حتى انتهاء مدة الصناديق ..!

هذا الصراع الشعبي المليوني حول " الصندوق " أدهش عوالم الغرب التي تعودت طوال حياتها السياسية غالبا على احترام " الصندوق " وما تفرزه من نتائج سواء أن توافق معه الأغلبية أو رفضوه ؛ لأن تلك النتائج هي نتاج تصويت جمعي شارك فيه كل مواطن منهم ووعيّه وبلا تحريض من أحد وبكامل حريته خاصة هي مجتمعات متعّودة على ثقافة " الصندوق " ، ولكن جمهور الشارع العربي المليوني جعلهم يعيدون النظر أو ربما العبارة الأدق جعلهم يتساءلون حول مغزى " الصندوق " وحقيقة أهميته أو مداه وقوته وسلطته أمام إرادة الشعب ، وهذا بدوره جعلهم ينشرون صورة التظاهرات المؤيدة لشرعية " الصندوق " والمعارضة لها على غلاف مجلة " تايم " الأخير وعلى صدر الغلاف هذا العنوان الذي يقول بصراحة فجّة : " مصر.. أفضل متظاهرين وأسوأ ديمقراطيين في العالم " ..!

هذه الخلافات حول الصناديق هي غالبا ما تحدث في دول تسير على ثقافة " الصندوق " بغض النظر إن احترم هذا " الصندوق " أو تم مخالفة ما جاء به من خيار ، ولكنه يظل بارزا وموجودا ومطالبا به بعد كل استفتاء شعبي واسع على اختيار من يريدونه وبغض النظر أيضا عن نزاهة الصناديق أو تزويرها والثانية هي غالبا ما تمثل عند بعض دول العالم العربي ، وكما أشير في سنوات سابقة أن الرئيس حسني مبارك كان يحصل على نسبة 99% من أصوات الناخبين وكذلك الحال نفسه والنسبة المتداولة نفسها أيام صدام حسين ..!

" لغة الميادين هي المرحلة .. في مصر ميدانان سيتطاحنان ويتطاحنان وفي النهاية ليس سوى الصندوق وهو ما سينتهيان إليه .. لكن بعد ما يطيح ما في الرؤوس " ! كما علّق الدكتور " عبدالله الغذامي " في تغريدة له عبر حسابه في تويتر ..

وعلى الرغم من خلافاتهم حول " الصندوق " وعنه هناك من يغبطهم على هذا " الصندوق " وهو يردد بحسرة : على الأقل يملكون صندوقا ليتمردوا عليه ؛ في أطراف أخرى من العالم لا صناديق بها ولا حتى يحسب حساب صوتك أو تكون طرفا في خلاف صندوقي أو تدلي برأيك حوله لأنه غير موجود أصلا ..!

في تلك الأطراف ليس لديهم أدنى خلفية عن ثقافة " الصندوق " ولم يحدث أن تعاطوا في حياتهم مع صناديق ؛ بل إنهم لا يختارون غالبا أي شيء بل كل شيء يُختار وعليهم أن يتقبلوا ما يُختار لهم أو ما اختارته لهم الحياة عبر أعوام مديدة ، وما عليك سوى أن ترضى بقدرك وتبلع حسرتك وتنكتم وإلا ستلبس قناع العار ..!

في طفولتي عرض رسوم للأطفال كان يدعى " جزيرة الكنز "  وهي رواية بريطانية عظيمة للكاتب روبرت " لويس ستيفنسون "  وكان بطل الرواية المدعو " سلفستر " يغني طوال حلقات الرسوم وكلمات تلك الأغنية كانت تبدأ بعبارة : " خمسة عشرة رجلا ماتوا من أجل صندوق ..! " وكان يعني بذلك الصندوق بصندوق الكنز ، في عصرنا كم إنسان مات من أجل " صندوق " حتى الآن ..؟!

شهداء الـــــ" صناديق " .. يدفعون دمهم فداء من أجل " صندوق " يعبره صوت يريدونه ويمثلهم كواجهة وطنية تحفظ لهم حقوقهم وتبذل في سبيلهم الحرية والعدالة والكرامة ..

قائد أمين .. قائد نزيه .. قائد يؤمن بحرية الجميع .. قائد إنسان قبل كل شيء ..!

إنهم شهداء " الصندوق " أيها القائد ، لا تنس ذلك أبدا واجعله نصب عينيك وعقلك وقلبك وضميرك قبل أن تبدأ بإدلاء أي قرار في قضية تمس الوطن والشعب ؛ لأن الوطن هو الشعب والشعب هو الوطن ..!

 

ليلى البلوشي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق