الثلاثاء، 4 يونيو 2013

الإطاحة بالرؤوس ..!





الإطاحة بالرؤوس ..!

 

الرؤية / العرب

 

قرأت فيما قرأت مرة أن ثمة قبيلة من القبائل لا تعين زعيما عليها قبل أن تفقأ عينيه وتقطع يديه ورجليه ؛ وكأنهم يقطعون عنه كل شهوات الطمع وما تسوله به نفسه أثناء الرئاسة ، ويطالبون فقط بإخلاصه ومسؤوليته كزعيم يفني حياته للشعب وحده مضحيا عن ترف الحياة ومتعتها ..!

وقد حكى الكاتب الإيطالي الساخر " إيتالو كالفينو " في قصة قصيرة تحمل روحا ساخرة وفي الوقت عينه تطرح العلاقة الجدلية بين السلطة والمسؤولية ..!

تحكي القصة عن عاصمة تحتفل بمهرجان الزعماء ، وهو احتفال تجريه بعد كل بضع سنوات وحين ينتهي حكم الزعماء تقوم بإقامة مهرجان يحمل اسم " رؤوس الحكومة والزعماء " لا لتنصيبهم لحكومة منتخبة جديدة ، بل تصفية زعماء مرت على بقائهم في الحكم مدة من الزمن ، فقاموا بتنصيب عدة منصات ولكل زعيم منصته الخاصة ، حيث يصعد وتقطع رأسه وتتدحرج من على المنصة إلى السلال ويتم ذلك في وجود الزعماء الجدد وفي حضرة الحكومة الجديدة ؛ كي يروا المصير نفسه الذي سيعايشونه بعد أعوام من الحكم ..!

العاصمة بكامل ناسها يستعدون لحدث مهرجان تقطيع الرؤوس ؛ فالزعيم حين يتبوأ منصب الرئاسة يعرف كيف سينتهي به المطاف ومن المستبعد أن يظن نفسه أنه سيلقى حتفه منبطحا على سريره ..!

بل أهالي العاصمة استبعدوا ساخرين فكرة أن يحكم المرء يأمر وينهي ثم يستقيل ويعود إلى بيته وكأن شيئا لم يكن ..!

بل علق أحدهم بسخرية قائلا : " دعني أخبرك ، كل شخص سيتمنى أن يصبح زعيما في هذه الحالة حتى أنا .. أنظر .. كنت سأسعى لهذا الأمر ... ها أنذا " ..! وهتف بقية الأهالي من بعده قائلين : كلنا نريد إذن أن نكون زعماء بهذه الطريقة ..!

لهذا الزعيم لا يكون زعيما إلا حينما يمتلك المهنية والكفاءة ، أولئك الذين يعتبرون أنفسهم مذبوحين لحظة تقلدهم منصب القيادة ..! وكل زعيم جديد سيراقب عملية الإعدام وكأنها تطبق عليه هو شخصيا ..!

ما أصعب شروط الزعامة في هذه الحكاية ، وعند أولئك القبائل النادرة التي ترغب في زعيم حقيقي يفني روحه وملذاته في سبيل الرئاسة ومن أجل راحة شعبه ..!

بتأكيد نحن لا نطمع بزعيم مثل هؤلاء وبتلك الشروط القاسية واللاإنسانية ربما ، لكن ترغب الشعوب في حكومة مسؤولة بالدرجة الأولى ، حكومة مخلصة في خدمة شعبها لا الشعب يكون في خدمتها ..!

حكومة يريدها الشعب تفكر فيهم وفي راحتهم وفي تحسين ظروف معيشتهم القاسية لا أن تستولي على الأخضر وتخلّف لهم اليباس والقحط والفقر والمجاعة ..!

حكومة يرغب الشعب أن يشعروا في حضرتها بالأمان ، وهم على ثقة أن هذه الحكومة نفسها سوى تفدي بحياتها الشعب والوطن ودائما رشاشاتها وقنابلها ودباباتها وكافة أسلحتها توجه صوب أعدائها الغاصبين من خارج الوطن لا تجاه شعبها ..!

حكومة تريدها الشعوب تحترم كرامتهم وتصون حقوقهم وتحرص على ممارسة العدالة على نفسها قبل شعبها ، حكومة إذا ما شعرت بالتقصير تتراجع عن خطئها وتبذل قصارى جهدها كي تطبق القانون على نفسها قبل أفرادها من الشعب ..!

حكومة تؤمن أنها ليست خالدة أبدية بل هي موجودة وفي عرشها بفضل الشعب وبعملية انتخابية وديمقراطية خاضعة لكافة شروط الانتخاب الصارمة من قبل الشعب ..!

حكومة حين تشعر أنها غير مرغوبة من قبل شعوبها تتراجع عن الحكم بكبرياء وبكرامة وتسلم السلطة بأيد أمينة وذات كفاءة ويكون للشعب الكلمة الأولى لمن يرونه جديرا بحكمهم ..!

حكومة لا تقتل كل شعبها من أجل جاه السلطة ، من أجل رجل كرسي أو رأس حكم ، من أجل يد ثروة أو ركبة مصلحة وهلم جرا ..!

حكومة تقدّر رأي كل صوت يدلي به الشعب ، صوت كل هتاف يطلقه الشعب ..!

في 29 من ديسمبر عام 2011م  استضافت قناة بي بي سي الإذاعية في برنامج إخباري رئيس وزراء البريطاني السابق " توني بلير " قال فيه معلقا على أحداث الربيع العربي خاصة في مصر : " لو نظرنا إلى الماضي لنستمد منه درسا للمستقبل فإن بقاء الأشخاص في مناصبهم لمدة 25 عاما ولأكثر من ذلك في بعض الحالات أمر لا يدوم وحتى من وجهة نظر المصلحة الشخصية يجب علينا أن ننساهم في تغيير متدرج وإلا ستقع الثورة واعتقد أنه كان من الأفضل لو استطعنا تعزيز التغيير التدريجي في هذه البلاد بدلا من الثورات التي اسفرت عن صعوبات جمة .." ..!

امممم ..! طبعا السيد " طوني بلير " اسقط المملكة المتحدة وملكتها التي شاخت وهي ما تزال على عرشها رغم رغبة نسبة كبيرة من الشعب في أن يتخلصوا من حكم العجائز مطالبين بتزعم الحفيد " وليام " سدة الحكم في بريطانيا ولكن من يتنازل عن السلطة في زمن كزمننا ..!

أما بقية الشلة من أصحاب العروش فحدث ولا حرج ..!

 

ليلى البلوشي

هناك تعليق واحد:

  1. سلام عليكم..
    العدالة وإحقاق الحق بدءً من النفس وإنتهاءً بأصغر فرد من الشعب ، هو ما يحقق السعادة والرخاء للجميع .
    الاعتراف بالعجز وفقد الكفاءة في إدارة قضية ما ، تفرض على المنصف العاقل التنحي وطلب العون من القادر على المعالجة والادارة ، لان البقاء في الفشل ينذر بفشل اكبر ، متى ندرك اهمية ان تسود العدالة ومنطق العقل جميع شؤننا ..؟
    متى ستنعم الانسانية بالراحة والرحمة ..؟
    حتى يأذن الله بقراءة اخرى كونوا بخير

    ردحذف