الثلاثاء، 11 يونيو 2013

أنا وديني والباقي خس ..!


 
 
أنا وديني والباقي خس ..!

 

الرؤية / العرب

 

في كتاب " الآراء والمعتقدات " لمؤلفة " غوستاف لوبون " .. صنّف " لوبون " المنطق من حيث الآراء والمعتقدات الإنسانية إلى خمسة أصناف : 1. منطق الحياة . 2. منطق العاطفي . 3. منطق الجموع . 4 . منطق الديني . 5 . منطق العقلي ..

ستركز المقالة في سردها عن المنطق الديني ، ولكن قبل الحديث عنه سوف نلقي الضوء باختصار على بقية الأصناف ..

منطق الحياة هو الذي يسيطر على بقاء الأنواع وأشكالها تجري حكمه بعيدا عن تأثير إرادتنا ، أما منطق العاطفي يقودنا في أكثر أعمالنا ، ومنطق الجموع يعنى بها مبادئ الجماعة ، أما منطق العقلي فهو التمييز بين الأفكار والتمييز بين ما تشابه منها واختلف ..

أما منطق الديني وهو الذي سنفصل حديثا عنه يعزى لما في الإنسان من روح دينية لأهمية ارتباط الأشياء والحوادث بعضها ببعض عند أولى نفوس دينية ..

وقد تتعاون وتتصاعد وتتحد أنواع المنطق مع بعضها ؛ ففي الحرب كما يرى " لوبون " كان المنطق العاطفي يسوق القائد في أثينا إلى شهر الحرب على خصومه ، والمنطق الديني يدفعه إلى استشارة الآلهة في الزمن المناسب لإجراء حركاته ، أما المنطق العقلي يملي عليه خططه وفي أثناء جميع ذلك كان منطق الحياة يُعيّشه ..!

ولا يختلف المنطق الديني عن المنطق العاطفي بكونه شعوريا اختياريا فقط  ، بل بتسبيبه أعمالا تناقض المنطق العاطفي مناقضة تامة ..!

وتتداخل مفاهيم المنطق الديني مع غيره ، فالمنطق العقلي هو منطق شعوري يعلم الإنسان التعقل والتفكير والبرهنة والاختراع ، والمنطق العاطفي هو منطق لا شعوري يصدر عنه سيرنا ولا تأثير للعقل والذكاء في حلقاته في الغالب ، أما المنطق الديني أعلى من طبقة المنطق العاطفي ؛ فالحيوانات لا تعرف المنطق الديني مع أنها ذات مشاعر كثيرة ..!

أما من حيث المنطق العقلي فإن المنطق الديني أدنى من المنطق العقلي حسب " لوبون " ؛ فالمنطق الديني يرضى كالمنطق العاطفي بالمتناقضات ولكنه ليس كالثاني لا شعوريا وكثيرا ما يتضمن شيئا عن التأمل والتفكير ، ومن خلال الحركة يظهر الفارق ما بين المنطق الديني والمنطق العاطفي ؛ فالمنطق الديني يسوق الإنسان إلى ما لا يسوقه إليه المنطق العاطفي من أعمال تناقض أكثر منافعة صراحة ..!

وحينما نفقد هذه الأصناف التوازن ما بينها فإن المنطق الديني هو غالب عادة ؛ فالمنطق العقلي يسهل تنكيل به واستعباده من قبل بعض المبادئ الصبيانية هذه هو السبب في كون الدليل العقلي لا ينفع في أمر المعتقد دينيا كان أم سياسيا أم أخلاقيا ..

ولا تفعل إقامة الحجة العقلية كما يرى " لوبون " على رأي مصدره العطفة أو التدين سوى استفزازا رب الرأي المذكور وتهيجه ، وكذلك المرء لا يستطيع بعقله أن يتغلب على رأي فيه ناشئ عن المشاعر والعقيدة إلا إذا بلغ هذا الرأي من البلى والدروس مبلغا ذهب بقوته ..!

والمنطق الديني على الخصوص هو الذي يؤدي إلى حدوث انقلابات عظيمة في حياة البشر كمثال لما حدث في الحروب الصليبية والحروب الدينية والثورة الفرنسية ؛ فتقلبات التاريخ بين أنواع المنطق المختلفة ينشأ ما بينها من تصادم فمتى يتغلب المنطق الديني فإنه يعقب ذلك حروب دينية وما تؤدي إليه من قسوة متجبرة ، ومتى تتم الغلبة للمنطق العاطفي فإننا نشاهد حسب الأحوال إما تأهبا للحرب وإما بالعكس انتشارا للمذهب الإنساني أو مبدأ السلم الذين لا يكونان أقل سفكا للدماء من حيث النتيجة ومتى يزعم المنطق العقلي أنه تدخل في حياة أمة فلا تنشأ عن ذلك انقلابات أخف من تلك ؛ إذ لا يكون العقل وقتئذ سوى لباس يستر تحته اندفاعات عاطفية أو دينية ..

والمنطق الديني هو المتفشي حاليا في الساحة العربية وأصبحت كل ثورة عربية يعلو هتافها تطعن بالمعتقدات دينية وتضع الدين والإيمان والمذهب والطائفية في القائمة الأولى من مسببات اندلاع الثورة ، وغدت كالحجة في البدء من أجل تسكيت الأصوات الهتافية بالحرية والعدالة والكرامة والعيش ولكنها اليوم وفي وقتنا الحاضر تشعبت إلى ما هو أخطر ولبست بالطائفية وانقسم الأفراد في الوطن الواحد إلى فرق وتحزبات وجماعات رافعين رايات الدين والطائفة ..!

هذه النبرة الطائفية المغلفة بغلاف الدين جاءت في صالح كل حاكم يريد أبدية العرش في الحكم فيشغل الناس ببعضها ويشعلهم بنار الاختلافات كي يضمن مركزه ومصالحه ومنافعه بعيدة عن انشغالات شعوبها ..!

ولهذا يجب على ثورات الربيع العربي أن تغيّر معتقدات الشعوب ، الشعوب العربية الواقعة في فخ الجهل والغارقة في السذاجة بمفهوم الدين والتدين ، وكما ذهب " غوستاف لوبون " قائلا : " الثورات الحقيقية هي التي تتجدد بها معتقدات الشعب الأساسية غير أنه ينذر وقوع مثل هذه الثورات والذي تأتي به الثورات عادة هو تغيير اسم العقائد فقط ؛ فالإيمان يتبدل موضعا ولكنه لا يموت أبدا ؛ لأن احتياج الإنسان إلى الاعتقاد هو عنصر نفسي مسيطر كاللذة والألم .." ..

في موقف للسياسي السوري " فارس الخوري " الذي رد من الجامع الأموي على مزاعم الجنرال " غورو " حين ادّعى الأخير أن بقاء فرنسا في سوريا حماية وحفظ حقوق المسيحيين فيها .. فقال في كلمة خلّدها له التاريخ : " إذا كانت فرنسا تدّعي أنها احتلت سوريا بحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين فأنا كمسيحي أقول : " أشهد أن لا إله إلا الله ولتخرج فرنسا " ..

 

ليلى البلوشي

هناك تعليق واحد:

  1. سلام عليكم..
    للاسف اليوم اصبح الدين و المذهب ، يفرق بين الدين الواحد والمذهب جراء استغلال هذه النفحة الربانية ( التدين ) من قبل شياطين الانس والسياسة في إثارة العصبية واشاعة الفتن لبيقى الناس متنناحرين بأسم الله ، لبقى في الكرسي عدو الله والانسان بأسم الله.
    حتى يأذن الله بوقفة تأمل اخرى كونوا بخير

    ردحذف