الاثنين، 4 فبراير 2013

مكتبة في كل بيت


 
 
مكتبة في كل بيت

 

جريدة : الرؤية / العرب

 

في يوم " الخدمة العالمي "  قام كل من أوباما وزوجته ميشيل بعمل أرفف خشبية لمكتبة إحدى المدارس ثم طلائها ، وتظهر صورتهما وهما يقومان بكل تواضع ومرح صناعة هذه المكتبة للصغار في المدرسة ، وهذا بحد ذاته إنجاز غاية في الروعة ومساهمة غاية في الإبداع من الممكن أن يقدمه إنسان مسؤول كخدمة أو كهدية للصغار ، وبتأكيد هي وسيلة ذكية لغرس أهمية الكتاب وثقافة القراءة عند جيل بدأت تغزوه أجهزة حديثة وأصبحت تنافس الكتاب بشكل ملحوظ ..

من خلال هذا السعي الذي يقوم به الكبار تجاه الصغار بما له علاقة بعالم الكتب ، فإنه بلا شك يخلق صلة جيدة ما بين الطفل والكتاب وكما أنه يوثق أهمية الكتب في حياته ، وقد سعت كثير من المؤسسات الواعية لخلق الجو القرائي والتثقيفي في حياة الأطفال على سبيل المثال وليس الحصر المبادرة التي انطلقت من وقت قريب في دولة الإمارات وهي دولة يشهد بدورها الفعال في إثراء كل ما له صلة بعالم الطفل واهتماماته المتعددة ، وثمة مبادرة أولى من نوعها قام به حاكم الشارقة سمو الشيخ " سلطان القاسمي " حيث أنه أطلق مبادرة " مكتبة في كل بيت " لمن هم في إمارة الشارقة ، وهذه المبادرة مزودة برقم مجاني ليسهل على كل من يرغب بمكتبة في منزله الاتصال على الرقم فيصله إلى حيث يقيم مجموعة من الكتب التي تعنى بثقافة وفكر الصغار وهي مبادرة تفاعل معها كثير من الأسر التي تعنى بأهمية مكتبة في كل بيت ..

فمن الوسائل التي لا تجعل الكتاب مهجورا في حياة هذا الجيل المضغوط بإغراءات كثيرة هو أن نقربهم من الكتب من خلال وسائل عديدة ومتنوعة وملموسة لعل أبسطها وأكثرها أهمية في الوقت نفسه هو أن يكون ثمة " مكتبة في البيت " ليتعرف الطفل من خلال وجودها الدائم في البيت على الكتاب بشكل عام وبهذا سنجنب اصطدامه بالكتاب لأول مرة في حياته مع كتب المدرسة المكتظة بالمعلومات التي تعكر مزاج الطفل غالبا خاصة حين لا تناسب ذوقه أو رغبته في الإقبال عليها والتي قد تؤثر على موقفه من الكتب حين يكبر ..!

حين تكون " مكتبة في كل بيت " يحبذ أن نمنح الطفل حقه في انتقاء وشراء القصص ومجموع الكتب التي يريد قراءتها ، كي نعوّد ذائقته على حرية الاختيار ، وكي لا تكون العملية التثقيفية أشبه بفرض مدرسي ..

وهناك أيضا بعض مبادرات شخصية من أفراد في المجتمع يدركون مدى أهمية تقريب المسافات ما بين الطفل والكتاب في سعي حثيث من هؤلاء لبناء طفل قادر على بناء وطنه وضخ قدرات فكرية جيدة لمستقبل أكثر وعيا وبالتالي إشراقا ، ومن هذه المبادرات التي قام بها أفراد رائعون في سلطنة عمان هي مبادرة " كتاب في كل يد " ويبدو أن الإقبال الجيد على هذا المشروع جعل المتحمسين من ذوي الأرواح الخلاقة والأفكار البناءة في المجتمع العماني على إبداع مبادرة أخرى وهي قافلة " هيّا نقرأ " وعلى رأس الفاعلين والساعين لضخ طاقة هذه القافلة القرائية هي الأستاذة المبدعة " حبيبة الهنائي " وهي امرأة يعرف عنها حرصها الحقيقي وسعيها الجاد لخلق مجتمع عماني يضخ ثقافة وفكرا وإبداعا من نواح متعددة ولكافة أفراد المجتمع ، و قافلة الأستاذة " حبيبة " حرصت على التوجه إلى المناطق البعيدة كما قامت بتلبية العديد من الدعوات لتنفيذ جلساتها في الكليات والمدارس الخاصة والحكومية والهيئات ، في سعي جاد منها لنشر رسالة أهمية القراءة .. كما أنها قامت بتخصيص ركن للقراءة بشكل يومي واحتوى هذا البرنامج اليومي على فقرات مشوقة ومتنوعة منها مسابقة للقصة القصيرة وبناء شخصية الأطفال وإبراز قدراتهم في الإلقاء والقراءة أمام الجمهور لإكسابهم الثقة بالنفس ، وقد تم ذلك من خلال ترشيح نخبة من كتاب وشعراء ومثقفين يتعاطون مع الأطفال بقلوب مرحة ..

ناهيك عن جهود مبادرات " نور وبصيرة " و" إكسير " وغيرها من الجهود والتي ضخ نشاطها الثقافي لفيف من المبدعين في سلطنة عمان مبادرات غاية في الإخلاص والنبل والجدية والفائدة ..

 

عندما صدر كتابي " تحليقات طفولية " عام 2011م في يوم توقيعه في معرض الشارقة للكتاب وهو كتاب نقدي موجه للأطفال يحتوي على قصص من إبداع كوكبة من الأطفال ، ويبدو أن الغلاف كان عامل جذب كبير من الصغار المتحمسين للحصول على نسخ موقعة ، امتلأت يومئذ ببهجة كبيرة وأنا أحثهم بدوري على قراءة ما كتبته لهم وعلى أن يحرصوا على مراسلتي في حال سؤال أو استفسار ، وبالفعل خلال مدة قصيرة قامت إحدى الصغار المبدعات والتي لها تجربة رائدة وملفتة في آن في مجال كتابة القصص القصيرة الطفلة السورية " هيا قره " بمراسلتي ولم تكتف بذلك ، بل قامت بمحبة كبيرة على إرسال نسخ من مجموعاتها القصصية التي قامت بتأليفها ، لم تكن الكاتبة الطفلة " هيا قره " ضمن طابور الصغار الطويل في معرض الشارقة للكتاب بل تعرّفت على الكتاب من خلال قراءة خبر صدوره ..

فمن ذهب أو من يذهب إلى أن جيل هذا الزمن لا يقرأ كتب أو لا يبالي بإصدارات تخصص له فقد ظلمهم بلا شك ..!

بل العلة كل العلة في آباء وأمهات هذا الجيل وكل مسؤول عن طفل ؛ فهم الذين يضعون في يده جهازا يستهلك جل وقته ولا فائدة تذكر سوى أنه ينتقل من لعبة إلى أخرى .. وما من غاية سوى أن ينشغل الطفل فلا يسبب إزعاجا لوالديه اللذان يكونان مشغولان بدورهما بأجهزتهم ..!

بل أكثر الغايات تنحصر في باب التقليد الأعمى في مجتمع لاهث إلى اقتناء وتجريب كل شيء لغاية التقليد لا غاية الابتكار والتطور إلا ما ندر ..!

أما غايات الفهم والفكر والإدراك فما أقل من يسعى إليها لبناء شخصية ومستقبل طفله ..!

فهل من معترض ..؟!

 
ليلى البلوشي

هناك تعليقان (2):

  1. وما من غاية سوى أن ينشغل الطفل فلا يسبب إزعاجا لوالديه اللذان يكونان مشغولان بدورهما بأجهزتهم ..!
    فعلا شكراً لك على هاته الكلمات..واصلي

    ردحذف
  2. أعجبني نقدك لواقع الطفل والكتاب بعمان خاصة..مشاهد نراها وأفكار تجول بخاطرنا فأحسنت تسليط الضوء عليها..
    شكرا لروحك..
    سأحرص على اقتناء كتابك..

    ردحذف