الخميس، 21 فبراير 2013

حوار في مجلة نمساوية نسوية : الربيع العربي من وجهة نظر النساء ..


 
 
حوار في مجلة التضامن النسوي العدد 123 لمارس 2013.. أجرى الحوار الدكتورة / الشاعرة / الصحفية : إشراقة مصطفى حامد ..

 

حوار بعنوان: الربيع العربي من وجهة نظر النساء ..

 

الفرع الأول : وجهة نظرك عن الثورات العرب ودور النساء فيها ما قبل وبعد ..؟ بالطبع انطلاقا من الوضع فى بلاد أخرى على سبيل المثال فلسطين/ لبنان ...

 

يمكنني أن أعد أعوام ثورات الربيع العربي بأنها أعوام نساء ؛ فمن خلال هذه الثورات التي بدأت في تونس ثم مصر و اليمن و ليبيا و سوريا برزت إلى الشاشة دور الفاعل والحازم للنساء في شوراع الثورات خاصة في اليمن حيث إنه مجتمع متماهي في ذكوريته وغالبا دور النساء فيه غير ملموس ولكن ثورات الربيع أكدت للعالم أن المرأة كائن فاعل وحر .. ما أكثر النماذج في عالمنا العربي ..!

الشابة " إسراء عبدالفتاح " كانت مفجرة إضراب " 6 أبريل " 2008م ضد الغلاء والفساد وجاء اسمها ضمن قائمة 12 شابة أسهمن في تغيير العالم عام 2011م وذلك بعد جهودها في التغيير الحادث في مصر والذي انتهى بثورة 25 يناير ..

إلى اليمن السعيد الذي استحال إلى يمن تعيس في عهد نظام بائد استولى كالإخطبوط على شريان الدولة ، لكن الشعب اليمني أدرك إنهم سائرين إلى الحضيض وأن لابد من مقاومة ذاك التمدد السافر والظالم والمستبد وهنا برق نجم الناشطة " توكل كرمان " امرأة شقت لنفسها طريقا واضحا ومتوثبا في الشارع اليمني ، وهي مهمة شاقة في ظل مكانة المرأة الهامشية والمتغيبة في مجتمع اليمني ، ومن تلك التداعيات استحقت " توكل كرمان " جائزة نوبل للسلام كما صنفتها مجلة " تايم " ضمن أقوى 500 شخصية على مستوى العالم وضمن 7 نساء أحدثن تغييرا في العالم من قبل منظمة " مراسلون بلا حدود " ..

وحين حازت الناشطة اليمنية " توكل كرمان " على جائزة نوبل للسلام كانت رسالة للعالم الغربي والعربي بأن المرأة العربية امرأة فاعلة في مجتمعها وعلى الصعيد السياسي وهو حقل احتكره الرجال ..

السنوات الأخيرة هي أعوام النساء وهناك نساء كثيرات من دول الوطن العربي والخليجي برزن كمدونات كان لهن صوتهن المسموع في ساحات الوطن ..

المرأة العربية اليوم تكافح بجل طاقاتها وعلى أصعدة كافة وهو كفاح ناجم عن شعور عميق بالمسؤولية في الدرجة الأولى ، وللمشاركة في قرار بناء وطن يكفل حقوقها الإنسانية التي أسقطت لقرون بسبب معتقدات وآراء فرضها مجتمع ذكوري .. وشعارها أقرب لقول الشاعر إبراهيم نصر الله : " أنا لا أقاتل كي انتصر ، بل كي لا يضيع حقي " ..

هناك معتقدات جمة تريد المرأة العربية إجراء تغييرات عليها أو استبدالها إلى رؤى أكثر انفتاحا .. ولعل أبسط مثال عرضه الروائي " ممدوح عدوان " حين أشار في كتابه " حيونة الإنسان " بأن ثمة من قال إن السائر في الليل في شارع خال قد يحس يشعر بأن هناك خطوات تتبعه وأسباب هذا الخوف عديدة ، وهي مشتركة بين الرجال والنساء ولكن يضاف هذه الأسباب سببان متعلقان بالمرأة وحدها : الأول هو الخوف من خطر التعرض للاغتصاب والثاني لمجرد كونها امرأة ..!"

 

الفرع الثاني : هو كيف يمكن للنساء العربيات الاستفادة من تجارب النساء الأفريقيات في صناعة الثورات/ جنوب افريقيا , القرن الأفريقي /روندا / السودان .... الخ ؟

 

قلت مرة أن أكثر الأطفال تعاسة في العالم هو الطفل الأفريقي .. واليوم أضيف بأن أكثر النساء تعاسة في العالم هي المرأة الأفريقية ..!

رغم أن الظواهر تشير أن المرأة الأفريقية لها قسط من  الحرية ولكنها تدفع ضريبة حريتها باهضا ؛ فهذه الحرية جعل الرجل غالبا خاصة في بيئات يسودها المجاعة والحرب يعتمد كليا على المرأة كي توفر له طعامه وشرابه ..!

حرية المرأة الأفريقية هنا جاءت مضطرة فهي تخرج كي تعمل وكي توفر لقمة العيش وكي تشارك الرجل في حمل عبء الحياة القاسية والشاقة ..

وهذه الحرية نفسها تكون فارغة من الحقوق فكم من نساء يدفعن ثمن حريتهن حين يتعرضن للاغتصاب وللقتل على أيد رجال هم واثقون أن لا أحد يردعهم عن أفعالهم المشينة ..!

صراع المرأة الأفريقية بتأكيد هو تجربة عميقة وكبيرة في آن لكل نساء العالم خاص العربي منها ؛ حيث المرأة التي يسقط حقوقها مجتمع بطريريكي وهو ذات المجتمع الذي لا يكفل لها حرية تمنحها إنسانيتها ولا عدالة تكافئ إنسانيتها ولا كرامة تقدر إنسانيتها ..

يدور ببالي نموذج أفريقي المرأة السودانية " جليلة كوكو " في صراعها مع سلطات السودانية ؛ هذه المرأة الشجاعة تم اعتقالها من منزلها بحي الحملة بواسطة جهاز أمن المؤتمر الوطني في مارس الماضي بسبب توثيقها لجرائم حكومة المؤتمر الوطني في جنوب كردفان ومنطقة جبال النوبة، وما زالت حبيسة زنازين حكومة الجهل والقهر والجوع ..

الأم جليلة تقف في وجه ظلم النظام الديكتاتوري عارية اليدين لا تحمل سوى كلمتها التي يرتعد منها الجبناء وكأنها رصاصات تخترق قلوبهم..!

وما أكثر سجينات الرأي في أرجاء عالمنا العربي ؛ ففي سلطنة عمان هناك امرأة جسورتان كلتاهما سجنتا تحت نير الظلم والاستبداد هما الصحفية والناشطة " باسمة الراجحي " والمحامية " بسمة الكيومي " بسمتان جميلتان في قفص ضيق الأفق والحرية ..!

وفي السعودية كذلك نساء البريدة اعتقلن مع أطفال ؛ لأنهن عبرن عن رفضهن للاعتقالات التعسفية التي طالت أقرباؤهم ..! وكما في البحرين وسوريا وفلسطين إلى لا آخر مآسي الاعتقالات وتكميم أفواه ..!

هل نجعل الضوء يصرخ على معاناة تلك الطفلة اليمنية التي وئدت طفولتها في زواج مبكر فرض عليها من مجتمع متخلف أم على المرأة الأفغانية التي تساق في مجتمعها كما تساق الأتون ، منبوذة حتى من شأنها الأنثوي ، وأقل ما يقال للنساء العاملات هناك بلعنة الويل والتهديد  : " نحذرك بترك عملك في أسرع وقت ممكن ؛ وإلا فسنقطع أعناق أطفالك ونحرق ابنتك "! حتى وإن كانت هذه المرأة وحيدة بلا عائل تعيل أبناءها ..!

خصوصا - المتعلمات - وإن كن حفنة قليلة .. لا خشية على المرأة كما يعتقد ولا صونا لكرامتها ؛ بل خوف رجالهم من وصول المرأة لزمام السلطة!

ولكن ماذا عن مجتمع الإيراني حيث يرى أن تناول المرأة " الآيس الكريم " في الشارع جُرما تستحق عليه السجن وربما عقوبة الجلد ..؟! وفوق هذا قامت بإلغاء تخصصات جامعية في جامعات البنات كالهندسة والتاريخ واللغة الإنجليزية ..!

والإسلام الذي يزّجون قدسيته في أفعالهم براء منهم إلى يوم الحق ..! 

إنها السلطة الظلام التي لم تعي بعد أن المرأة العربية والأفريقية ما عادتا تابعات ومكسورات كما في عهود عتيقة .. عهود الظلم والاستبداد وتبعية مجتمع ذكوري اعتاد على إسقاط حقوق المرأة ..!

زمن كان قد اعتاد أن يغلق أفق المستقبل في وجوه النساء وهو يذعن بقسوة صارخة عبارته : ليس من اختصاص النساء ..!

 

 

ليلى البلوشي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق