الأحد، 6 يونيو 2010

أجواء عاطفية في إمارة رأس الخيمة


أجواء عاطفية في إمارة رأس الخيمة

الصيف هذا الفصل الذي يسحب الراحة معه على المستوى النفسي والجسدي ؛ فهو فصل يتعطل فيه معظم الناس غالبا ، خصوصا أولئك المغتربين الذين يجددون فيه علاقاتهم الاجتماعية المبتورة طوال فصول السنة الباقية من خلال فرصة السفر المتاحة فيه لهم .. وهو فصل محبب لي بالتأكيد ، لأنني أكون فيه معطلة عن مسؤوليات العمل ، وحيث يتمتعن طالباتي بإجازتهن يفترض أن يكون لي نصيب من هذا التمتع الجميل ..
ولا أنكر أن ثمة مهامات أخرى تنتظرني ولكنها في النهاية هي مهامات أحب ممارستها ، ولعل من أهمها القراءة وكما هي العادة خصصت كمًّا لا بأس به من كتب ؛ ونظرا لضخامة صفحاتها ولكثافة مضامينها أجلت قراءتها في فسحة مناسبة ، ينالها عن استحقاق فصل الصيف ولعل قبائل النمال توافقني على ذلك بشدة ..
وأنا حيث أعيش في إمارة رأس الخيمة ، والتي تتمتع بمزايا كثيرة وسأعدد اليوم ميزة مهمة جدا تضاف إلى مزايا هذه الإمارة التي حفلت في الآونة الأخيرة عمارة معمارية بأبراجها المتسلقة آماد سمائها ، فهي دائما تحفل بخصوصية تميزها غالبا عن الإمارات الست الأخرى في دولة الإمارات ، ففي صيفها تحرص على إتباع نظام خاص بها وحدها ، تخصص فيه عدة ساعات على فصل التيار الكهربائي ؛ آخذة على عاتقها أهمية ذلك من أجل توثيق الروابط الأسرية التي تتعاضد في هذا الفصل تحديدا ، فتجد أن الناس في تلك الساعات تتناول غداءها أوعشاءها في جو عائلي على ضوء الشموع في احتفالية حميمة انطلاقا من إرساء هذه الإمارة للدعائم الرومانسية ، ولأن هذه الإمارة ذات تاريخ صحراوي عريق ، فكان من الطبيعي أن تدعم خطتها العاطفية تلك بجو حراري حار جدا يشابه الأجواء الصحراوية للحياة البدوية العتيقة في تلك الأزمة ، وتأملوا الهدف النبيل الذي تحصده من خلال ذلك ، فكيف للناس المرفهين اليوم أن يشعروا بما مرّ به أجدادهم السالفين من مشاق العيش في خيام سوداء تسلط عليه الشمس لهيبها ، إن لم يذوقوا وابل ذلك في ردح من الزمن ..؟!
والساحر في هذه الأجواء التي تحسب لسياسية هذه الإمارة الرشيدة ، أنها عودت طلابها وهم الآن في مواسم الاختبارات على استذكار دروسهم في أجواء طبيعية خلابة ، حيث تنشرح صدورهم وهم يقتعدون مجالسهم في فسحة الحدائق العامة أو مع مجابهة الكورنيش حيث ازرقاق بحرها يعطي نوعا من استرخاء طبيعي للعقول على استيعاب المواد الدراسية الصعبة ..
ومن جانب آخر هذه الأجواء دعمت تجارة الشموع بشكل ممتاز ، فكل عائلة تحرص على اقتناء كميات كبيرة من الشموع على اختلاف أنواعها ، حتى أن محلاتها غدت في هذه المواسم توفر أنواعا رائعة منها ، سواء تلك التي يضوع منها روائح عطرية مغرية أو التي تحفل بألوان جريئة تداعب خيال المرء حقا ..
وأنا شخصيا أحتفل بهذه الأجواء على طريقتي الخاصة ، ولعل أكثرها متعة هو أن تقرأ كتابا يحفل بتفاصيل حميمية على ضوء الشموع ، بينما أكثرها مغامرة هو أن تكتب موضوعا مهما جدا تعبت فيه حتى آخر رمق على جهاز حاسوبك ، ثم فجأة يختفي في ظلام الأشياء المحيطة بك ..
ولأنها غدت مفاجآت صيفية ، فمن باب الاحتياط أصبحت كلما أنهيت عدة سطور من موضوع ما احرص على حفظه لأعود إلى فتحه واستئناف كتابة بقيته ، بعد أن اطمئن على كلماتي التي ضاعت كثير منها في جلبة هذه الأجواء التي لم استعد لها جيدا ..
ولا أنكر أن البارحة تحديدا كانت جرعة العاطفية مضاعفة قليلا ، فقد تصادف انقطاع التيار الكهربائي مرات عديدة ، ونظير ذلك وجدتني اصف لكم سعاره المحموم ، وقد استغرق مني كتابة هذا الموضوع ثلاث مرات ومازلت حتى هذه اللحظة لا أضمن لكم قراءته ..
ومن لديه الرغبة مشاطرتنا في عوالمنا الرومانسية التي لا يجد مثيلا لها سوى في إمارة رأس الخيمة ، فالدعوة مفتوحة للجميع ولكن رجاء اجلبوا شموعكم معكم ، وللمرفهين الذين لم يتعودا بعد على معايشة أجواء صحراوية عليهم بإحضار مهفاتهم معهم ..

هناك 5 تعليقات:

  1. السلام عليكم و رحمة الله،

    حياتك ي إمارة رأس الخيمة تتشابه و حد كبير مع الحياة في مناطقنا العمانية كالباطنه و ولاية السيب، و هما أكثر منطقتين أسمع عن إنقطاع التيار الصيفي فيهما لتوثيق العلاقات الرومنسيه بين المتواعدين و الروابط الأسرية التي فككتها كثرة أجهزة التلفاز من مشاهد لمسلسلاته التركية أو مبارياته الأوربيه أو رسومه المتحركه المترجمة للعربيه ( كسبونج بوب و بارني ) و لا أخفي عليكي ما لهذا الإنقطاع من أهمية تعودنا عليها في حياتنا اليوميه حتى بتنا ننام بنصف عين لنترقب فرج الإنقطاع الشبه يومي!

    و الأجمل هو الإعتذار الجيل الراقي في جرائد اليوم التالي و الذي يقول( تعتذر شركة . . . . عن الإنقطاع المفاجئ الذي حثل البارحه و ذلك للإرتقاء بالشبكه، نشكر لكم تفهمكم و تعاونكم. للإستفسار أرجو الإتصال على الرقم التالي . . . 800*****) و طبعا كالعادة لا مجيب. حتى لا يقطعوا عليكم لحظات الظلام المهيبه.


    قلبي معكم .. فأنا أحس بكم

    دمتم بود

    ردحذف
  2. " المجهول "

    أشكرك على تعقيبك ،

    مشكلة فصل التيار الكهربائي في إمارة رأس الخيمة أصبحت شيئا مألوفا لدى جميع السكان ، وفي ذاكرتي الطفولية صور هائلة عن هذه الظاهرة التي كنا نعدها وقتئذ فسحة من الحرية للهو كما يحلو لنا فالكبار مشغولون مع مشاكل الانقطاع ..

    على الأقل شركاتكم تقدم اعتذارها ، ولكن هنا يقال لنا أن الضغط على الكهرباء كبير جدا ، حتى أن بعض الشركات الكبرى تلجأ في الصيف إلى تغيير من أوقات دوام الموظفين كي تلاحق هذا الضغط ..

    ولعل هذا هو ما جعل بعض الأهالي الذين بنوا مساكنهم في أماكن جديدة في رأس الخيمة على انتظار رأفة الدولة كي توصل التيار إلى منازلهم الجديدة وهي أكبر وأهم مشكلة يعاني منها الأهالي ، لدرجة أن غدت بعض المنازل الجديدة سكنى الجن ؛ نظرا لخلو تلك البيوت الجديدة من ساكنها على مدار سنوات وهي تنتظر توصيل الكهرباء ..


    والعون من الله ..

    تقديري

    ليلى

    ردحذف
  3. أحساس جميل زين حروفك الرائع اختي الغالية,,
    وفعلا حسستينا بالأجواء الرومانسية والجميلة بهالامارة الرائعة,,
    دمتي بحفظ الرحمن

    ردحذف
  4. كلي احساس

    أهلا بك بين غيومي ،

    وليحفظك المولى حيثما كنت ،

    تقديري

    ليلى

    ردحذف
  5. سعيد الهطالي27 سبتمبر 2011 في 1:41 ص

    كم جميل أن يتعرف الإنسان على عادات وتقاليد وطقوس وثقافات الشعوب ، وأن يختلط ويتجانس مع الناس ويتعرف على ثقافة تفكيرهم وطبيعة سلوكياتهم، وميول طبائعم ، ونمط حياتهم من على قرب.. ويأخذ بالإيجابي ،والمفيد ،والنافع ويتأثر به ،ويأثر..

    رائعة دائما يا ليلى.

    ردحذف