الجمعة، 13 نوفمبر 2015

كاتب على باب الله ..!

كاتب على باب الله ..!

مجلة ثقافية تنشر فيها مقالة أو قصة أو دراسة أو بحث دون أن تحصل على مردود مادي مقابل نشرك ، مقابل جهدك الفكري و الأدبي ، ثم تجد نفسك فوق كل ذلك مطالب بشراء هذه المجلة التي كنت أنت و غيرك من الكتّاب / الكاتبات سببا أساسيا في مبيعاته في دور النشر و المتاجر و المكتبات ، فأين العدل و أين الإنصاف ، أين القانون الذي يصون حقوق الكاتب .. ؟!
يحدث هذا الأمر كثيرا ، مرارا و تكرارا في عالمنا العربي ، يحدث دائما ، ينسى كثيرون بل يتناسون عمدا و اعتباطا بأن أجر الكاتب في استحقاقه كأجر العامل في حقل العمل ، الأمر سيان ، كثير من المجلات و الصحف تؤجل دفع مستحقات الكاتب كما تؤخّر بعض الشركات دفع أجر العامل ، صحف و مجلات أخرى تنس مسألة الدفع المادي و لا تعد ذلك مشكلة تستحق التفكير أو حتى الاهتمام ، بينما البعض يأكل أجر الكاتب دون أن يؤنّبه ضميره بل ينام نومة الظالم مرتاح البال دون أن يبالي و لو قليلا بالحق المهضوم للكاتب حتى لو كان مبلغا رمزيا ، صاحب الشركة مطارد بالقانون و ثمة قانون يحفظ حقوق العامل ؛ لذا يضطر حين يكون مفلسا أن يبيع حتى ملابسه لدفع أجور العمال حماية لنفسه من العقاب القانوني ، و لكن على الكاتب ، الكاتب وحده حين تعاني المجلة أو الصحيفة من الإفلاس أو تغلق لأسباب لا حد لها في عالمنا العربي ، فإن عليه أن يكون كائنا مثاليا ، و يسقط أمر حقوقه ، المجلة مفسلة و اعتذار مدير المجلة أو الصحيفة هو بمعنى اسقط حقوقك المادية أيها الكاتب لا مستحقات لك عندنا ، طالما لا يوجد قانون يحافظ حقوقك أو يهتم بها ، فلماذا أبالي بها أنا مدير المجلة المفلس ..؟!
" أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه " هل فكر يوما مدير مجلة أو صحيفة أن الحديث النبوي يشمل الكاتب و أجره أيضا ..؟
 الكاتب كأي آدمي على وجه الأرض لديه مسؤوليات حياتية ، فالمسألة هي مسألة مبدأ ، لكن هذا المبدأ يعاني من خلل فظيع في مجتمعات ترى أن عدم دفع أجر العمال نظير عملهم في إحدى الشركات أمرا مستهجنا و لكن في الوقت نفسه لا أحد يستهجن ضياع أجر الكاتب ..؟
إذا كان مدير المجلة أو رئيس تحرير الصحيفة هو كاتب أيضا و لا يرى بأسا في إهمال الأجر المادي للكتاب ناهيك عن إهمال جهده الفكري فكيف يمكن أن نلوم المجتمع ..؟!
المجتمع المغرم بالمسلسلات و أفلام السينما و برامج الحوار و كليبات الفنانين والفنانات و يطرب مع كلماتهم و ينتشي بها و كلها تظهر حشدا من النجوم ، النجوم الذين يتعلق بهم و يكون ضمن الملايين يتابع أخبارهم على وسائل التواصل الاجتماعية ، تتمظهر ثقافة ظهور النجوم ، و ينسى الجمهور و ينسى المجتمع أن الكاتب هو من كتب تلك الكلمات لأغنيته المفضلة بصوت فنانه المفضل ، و أن الكاتب هو من كتب سيناريو المسلسل العظيم الذي يتابع حلقاته بشغف ، و أن الكاتب هو من فكر و أطلق كافة طاقاته الخيالية منها و الواقعية في كتابة الفيلم السينمائي الذي حاز على جوائز ، كل هذه المرئيات والبصريات وراءها كاتب ، لكن من يبالي بالكاتب ، لا يكفي أنه وراء الكواليس بل حتى أن أجره لا يتعدى بضع نتف تقدم له لا يقارن البتة بأجر الفنان الذي يجني الملايين ، يحدث هذا فقط في عالمنا العربي ..؟
من كرّس هذه الثقافة الدونية تجاه الكاتب و جهوده و أجره ..؟ من جعل هذه الثقافة تتفشى ..؟ هل فكر أحد يوما ما أن الفنان و الممثل و النجم ينتهي أمره تماما حين لا يكون ثمة كاتب خلاق أو مؤلف سيناريو جيد ، هل كان لمسلسل " قلم حمرة " أن يحظى بالشهرة و القبول العربي الكبير من قبل جمهور المتابعين لولا فكر و جهد كاتبة السيناريو " يم مشهدي " ..؟
الكاتب الذي يرفع صوته في مظاهرة رفع أجور العمال الغلابة في وطننا العربي ، العامل الأجير الذي يهضم معظم حقوقه ، الذي تؤّخر أجوره ، الذي يعاني بسبب الأزمات الاقتصادية و جشع الرأسماليين ، الذي يموت يوميا مقابل ضخ أسرته بالحياة على حساب نفسه ، الكاتب نفسه عاجز عن المطالبة بحق رفع أجره ككاتب حين ينشر مقالة أو قصة أو دراسة ، كيف يحق له أن يطالب بهذا إذا كانت حقوقه المادية مأكولة ، إذا كانت حقوقه مسقوطة أصلا ..؟!

ليلى البلوشي

هناك 25 تعليقًا:

  1. أحسنت وأجدت في الطرح..أعجبني أسلوبك

    ردحذف
  2. كلام جميل وصادق ومستحق 🌺

    ردحذف
  3. Nice Blog, thank you so much for sharing this blog with us. Visit for
    Lifestyle Magazine

    ردحذف
  4. https://taalimpressblog.blogspot.com/2020/03/blog-post_20.html?m=1

    ردحذف
  5. لا زلت أتذكر تجربتي في مجلة أكثر من حياة الإلكترونية في2013و2014 التي كان يرأسها المترجم أحمد المعيني، كانت من ألطف التجارب وأرقاها في التعامل مع الكاتب، حيث كنت أتولى كمدير تحرير الرد على الكتّاب فورا بمجرد أن يرسلوا المقال وأوافيهم برغبتنا في نشر المقال أو الاعتذار فور رد لجنة القراءة وكذلك كان المعيني يحوّل لهم مستحقاتهم بمجرد نشر المقال وخاصة الذين كانوا خارج سلطنة عمان ، وهذا ما أكسب المجلة شعبية كبيرة لدى الكتّاب الشباب في الوطن العربي وكتب لنا كثيرون بذلك.. متأسف جدا لتوقف تلك المجلة وتلك التجربة لأسباب مالية .. فقد كانت مجلة تديرها مبادرة تطوعية قرائية ... مبادرة أكثر من حياة.. لذلك لم تجد الدعم الممول لتواصل..

    ردحذف