الاثنين، 29 أغسطس 2011

لو أنهم في منطاد واحد ..!








لو أنهم في منطاد واحد ..!


جريدة الرؤية العمانية ..




صرّح الروائي السويدي " هيننغ مانكيل " صاحب أكثر الروايات البوليسية مبيعا في العالم عن رد فعله تجاه " أندرس بريفيك " في مجزرة يوتويا بالنرويج قائلا : " مهما كتبت من قصص خيالية فإن الحقيقة تبدو هي الأسوأ ، إذا استخدمت الجانب الشرير من عقلي لأكتب مثل هذا الحدث وعن رجل يمشي متمهلا في معسكر صيفي هادئ وبهدوء يقتل شخصا بريئا وراء آخر ، فإن القارئ سيعتقد أن هذا غير ممكن على الإطلاق وقد يعتبره سخفا " ..




مضيفا أن شخصية " بريفيك " هي شخصية مملوءة بالكراهية وتعاني من حالة نفسية سيئة واضطرابا نرجسيا هائلا ، لكننا نستطيع القول بأن في أوروبا نماذج جيدة لبشر وزعماء مروا عبر تاريخها وفي قلوبهم ثمة كوة مضيئة عن الإسلام والمسلمين في أوروبا وخارجها ؛ على سبيل المثال لا الحصر نذكر الرئيس الأمريكي في عهود عتيقة " توماس جيفرسون " هو أكثر رئيس أمريكي ارتبط اسمه بالإسلام والمسلمين _ كما قيل _ وكانت لديه نسخة من القرآن الكريم يستمد منها بعض القوانين الأمريكية ، و" جون آدامز " وهو رئيس أمريكي سابق ، هذا الرجل نعت الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأنه " أعظم الساعين في التاريخ إلى الحقيقة " وفي الوسط الأمريكي لا يفوتنا ذكر الرئيس الأمريكي " بيل كلينتون " الذي دعا الصائمين في عهد لمأدبة إفطار ؛ كسبيل لتوثيق أواصر الصلة بين المسلمين والمسيحيين في أمريكا وغدت عادة سنوية سار عليها من خلفوه ، ورغم أن ثمة تحفظات لسعي هؤلاء الرؤساء لضخ روح الإسلام في المحيط الأمريكي بين المسلمين ، لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نسقط التناقض الفاغر بين موقفي كل من " جورج بوش " و" توني بلير " اللذان يعلنون على الملأ احترامهم للإسلام وعملهم ببعض آيات القرآن الكريم ؛ إلا أن كلاهما شنّا في وقت ما حملة ضد الإسلام بمسمى " شن حرب صليبية ضد الإسلام " ..! ولازالت عبارة الممثل الهوليوودي " جورج كلوني " تدوي في أذني حينما قال : " جورج بوش وتوني بلير ورايس سوف يتبرأ منهم التاريخ ذات يوم " .. تبرأ منهم يا " جورج كلوني " تبرأ وانتهى ..!




ولعل الصحفية البريطانية " لورين بوث " وهي الأخت غير الشقيقة لزوجة الرئيس الوزراء البريطاني " توني بلير " والتي أعلنت إسلامها منذ وقت قصير ، لعلها لم تبالغ حين أكدت عن نظرة الغربيين إلى الإسلام مشيرة أن نظرة الغرب إلى المسلمين نظرة خاطئة فهم يعتقدون أن المرأة المسلمة ما هي سوى فقيرة وملفوفة بعباءة سوداء ولا تملك رأيا في المنزل ولا تعمل أي شيء ..!




" لورين بارث " إعلامية مشهورة في الأوساط الإعلامية عبر العالم ، التي اعتنقت الإسلام بعد سنوات قضتها في فلسطين زارت خلالها كل من مصر ولبنان والأردن ، والتي غدت تبدأ يومها بالصلاة وتنهيه بالصلاة وتخرج من المنزل محجبة بعد إشهار إسلامها ..




الطامة التي تعانيها العقلية الغربية كبريفيك وغيره ؛ أن هذه الثلة متعفنة بالأكاذيب التي روجتها الصهاينة والمتعصبين من الغرب عن الإسلام والمسلمين ، فهم ضحايا مغفلون لمهرجي الإعلام الرخيص الذين ينكب عملهم على ترويج إشاعات مغرضة عن ثقافة الإسلام ؛ بإرساء صورة واحدة عن الاسلام وعن المسلمين بأنهم متوحشون ويعانون من أزمة امتصاص الدماء البشرية غير الخاضعة لحكم الدين الإسلامي ؛ حتى تتخلل الصورة المشوّهة في أذهانهم فيعتقدون معها بالإجماع أن الإسلام مكهرب بأفكار تقتضي هدم كل ما لا يمت شعائر الإسلام ..!




أشار مرة " جورج واشنطن " وهو أول رئيس أمريكي بقوله : " إن أمريكا مفتوحة لاستقبال المظلومين والمضطهدين من جميع شعوب والديانات " ؛ رغم أن هذا التسامح تقلص تدريجيا في أعقاب هجوم الحادي عشر من سبتمبر ؛ ووحدهم المسلمون هم من دفعوا الثمن ..!




وياله من حلم عتيق مفرط الجمال ..!




ويبدو أن هذه العبارة رسخت كمعنى في أيام " قرطبة " ؛ كما عرضه فيلم وثائقي يحمل عنوان " الخروج من قرطبة " الذي يحكي عن أعظم فصل في فصول التاريخ الأوروبي ألا وهو إسبانيا المسلمة ، لمدة تزيد على 800 سنة ، كانت أجزاء شاسعة من شبه جزيرة أيبيريا تحت الحكم الإسلامي ، وتعد تلك الفترة من الأندلس كما يسميها الإسبان من أصول إفريقية وحتى يومنا هذا حقبة سادها " التسامح " ؛ حيث عاش فيها اليهود والمسيحيون والمسلمون معا وبسلام في معظم الوقت تحت لواء " العيش المشترك " وكأنهم في منطاد واحد - الضرر يصيب والخير يعمّ - الجميع بلا استثناء ؛ فيا زمان الوصل في أندلس ...!




العقلنة الأوروبية في زمن مضى ظلت راسخة في أن الإرهاب هو أصل نابع من دين مسمى الإسلام ، لكن بعد تفجيرات أوسلو لعل النظرة الأوروبية استبدلت شطرها من اليمين إلى اليسار وإن بنسبة ضئيلة كحفنة أمل لنا نحن – المسلمين – من تهم كل دمار مبعثه مسلم ..!




ما ينقص أوروبا وكل الذين تشوهت عقلياتهم عن الفكر الإسلامي هو قراءة التاريخ ؛ فثمة أمثلة كنيزك وامضة لأشخاص عرفوا الإسلام وفهموا حقيقته ومن هذا الفهم والمعرفة اقتبسوا ثمرة الدين الإسلامي واشهروا إسلامهم بكل فخر ، وما أكثرهم من زعماء وسياسيين ومشاهير في الفن ورياضيين وأطباء وعلماء ورجال دين ومفكرين وأناس بسطاء كـ " السموأل يحيى " أهم عالم توراة ومؤلف كتاب " إفحام اليهود " ، " يوسف إستس " قسيس أمريكي سابق ، " كيتس إليسون " عضو في كونجرس الأمريكي ، " إتيان دينيه " مفكر ورسام فرنسي ، " دانيال مور " شاعر وكاتب أمريكي ، " محمد علي كلاي " وأشهر على علم في ملاكمة الوزن الثقيل ، " مالكوم إكس " ...، وغيرهم الكثيرون الذين استوطنوا الإسلام عن قرب فجسّ صميم قلوبهم ..





ليلى البلوشي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق