الثلاثاء، 5 يوليو 2011

إنهن نساء أولئك الملثمين ..!






إنهن نساء أولئك الملثمين ..!




" جريدة الرؤية العمانية "




" قبائل الطوارق " تلكم القبائل المعروفة بالأصالة والقوة ، والرجل منهم لا يأكل لحم إبله الذي سار عليه في الصحراء ، رجال تجشّموا صون صفات أجدادهم على نحو مقدس حتى على المستوى التكوين الجسماني من طول القائمة والبسالة والصلابة والإخلاص خاصة الوفاء بالعهود ؛ لدرجة أن المؤرخين وصفوا وفائهم للعهد بأنه " إسراف " ، في مجتمع ذكورهم يتسمون بهذه السمات وأكثر ؛ فماذا عن إناثهم ..؟!




وإذا ما عرفت قبائل الطوارق بحياة حافلة بالأساطير والدهشة والغرابة والبساطة والطيبة في الوقت عينه ؛ فلنسوتهن أساطير وقصص معلوكة بالغرابة ليس هذا فقط ، وإذا ما كانت قبائل الطوارق يطلق عليهن بالاسم الأصلي لهم بـ " إيماجغن " أو " تماشق " وهما مرادفان لأمازيغ ومعناها " الرجال الأحرار " ؛ فيمكنني القول بيقين تام أن هذا المعنى ليس قاصرا على الرجال وحدهم ، بل حتى لنسائهم نصيب الأسد من هذا المعنى فهن " نساء أحرار " ..




تقول الروائية التشيكية إيزابيل الليندي : " حيث توجد نساء توجد حضارة " .. ولكني أضيف حيث توجد الطارقية توجد حضارات معجونة بسحر الأنفة والدهشة وأشياء أخرى آسرة ؛ فـ" نساء الطوارق " ؛ كما نقلت من إحدى أساطيرهم : أسطورة الصحراء التي تحكمها " ملكة الجن "، والتي كان سكانها هم جنودها ، ولكنهم ظلوا تحت سطوتها حتى أخذوا يسترون وجوههم خشية أن تتسرب الأرواح الشريرة لجنود الملكة إلى أجسادهم، فكان عقاب الملكة بأن حرمت أبناءهم من الملك والسلطة في مملكتهم ، وجعلت الحكم في يد النساء ، وعيَّنت الملكة " تين هينان" ، والتي حكمت في " أرض الهجار " ، وعن تلك التسمية " الرجال الملثمين " تقول الأسطورة التي يرويها الطوارق عن توارثهم للثام ؛ بأن رجال أكبر قبائلهم ارتحلوا بعيدا عن مضاربهم لغرض ما ، فجاء العدو يطلب خيامهم التي لم يبق فيها غير النساء والأطفال وكبار السن ، فنصحت عجوز حكيم النساء أن يرتدين ملابس الرجال ويتعممن وبأيديهن السلاح ؛ فيظن العدو أنه يواجه الرجال حقا ، ففعلن وقبل التحامهن مع العدو ظهر رجال القبيلة ووقع العدو بين رجالها ونسائها وانكسرت شوكته .. الطارقية هنا كما أثبتت الأسطورة لم تكن فقط تلك الملكة التي أسست " مملكة أهاكار " ، بل كذلك كانت محاربة تذود عن أبناء قبيلتها بجسارة لا تقل عن جسارة الرجل ..




وبعد هذه المعركة عزم الرجال على تلثيم وجوههم حتى غدا شأنا مقدسا عند قبائل الطوارق ، لكن المدهش أن نساؤهم مكشوفات الوجه واليدين والجيد أما النقاب فهو شأن خاص بالرجال ، ولباس المرأة الطارقية عبارة عن ثوب طويل من القماش ، وكما قيل إنه شديد الشبه بالساري الهندي غير أنه ساتر ، كما أنها لا تزين وجهها بالمساحين ولا صدغيها بالحلي إلا بعد أن تأتيها عادتها الشهرية ، وحينئذ وحسب التقاليد السائدة عند هذه القبائل يقام احتفال الطمث الأول للبنات وهو احتفال يسعد المرأة ؛ لأنهن يفعلن ما تفعله النساء الأخريات من وضع مساحيق والتزين بالأقراط والأساور ، والمرأة الطارقية هي امرأة مستقلة وتتمدد هذه الاستقلالية على نحو أكبر في حال زواجها ، وغالبا الزوج الأول نتيجة لتدخل الأهل ينتهي بالانفصال ، بينما لهذا الطلاق حكاية أخرى لا تقل غرابة عن مثيلاتها ؛ فالطلاق يتم في وسط احتفالي تحتفي به المرأة بنيل حريتها فترتدي أفخر ما لديها من ثياب وتتزين بأروع ما لديها من ثمين الجواهر، كيف لا ، ويحق لها بعد هذا الانفصال أن تختار رجلها ؛ لتقترن به دون الرجوع لأهلها ، حيث يحق لها بعد زواج الأول وربما لإقناع الأهل أن تدخلهم في بقية زيجاتها قد يودي بالعلاقة القائمة بين الزوجين ، كما يحق لها أن تتزوج أكثر من مرة ، بينما الرجل قلما ينكح بأكثر من امرأة ، لا في حال مرض زوجاتهم ولا في حال عدم إنجابهن الأولاد ، فلا يتم الزواج الثاني إلا بعد تسريح الأولى بالانفصال ..!




ولأنها امرأة تتباهى بحريتها وعزة نفسها ؛ فترفض المرأة الطارقية أن تقترن بالرجل المتزوج أو أن تشارك الحياة مع رجل يفكر في امرأة أخرى ، كما أنها لا تقبل مطلقا في أي ظرف كان أن تتعرض بالضرب من قبل الرجل ، وهو تصرف يعد عارا للرجل الذي يمد يده على امرأته وإذا وقع هذا الضرب ؛ فإن القبيلة بمجموع رجالها ونساءها تزدري هذا الرجل ؛ حتى تغدو حياته مستحيلة ؛ لدرجة التفكير الجاد في الرحيل بعد هذا النبذ والخزي من قبيلته ، وهي نظرة الازدراء نفسها تخنق الرجل في حال تسببه في حبل المرأة خارج مؤسسة الزواج ، فهو من يدفع الثمن لا هي ..




ويعرف أن مجتمع الطوارق هو مجتمع " أمومي " كالمجتمع الياباني الذي يتصف بالصفة ذاتها ؛ الذي جعل المرأة اليابانية تستعيض عن تقلص مكانتها في المجتمع إلى دورها المهم في البيت الياباني ، هو ما جعل اليابان مجتمعا أموميا بامتياز ، إلا أن المرأة الطارقة في - مجتمعها الأمومي – لها دور في داخل البيت وخارجه ؛ فهي التي تقرأ وتكتب بعكس الرجل ، ولهذا يُنسب الرجل أو الإنسان عموماً إلى الأم ؛ فهي قبائل تصل نسبهم من الأم ؛ فإن كانت الأم طارقية فهو طارقي ..




كما أنها من ناحية الأعمال فإنها تصنع الخيام وتنصبنها وحقائب السفر والأواني الفضية كما أنها تساهم في عديد من الصناعات تكون هي مبتكرها ومنشئها الفعلي ، والجميل أن الرجل يعاون زوجته في أعمال الطهي ، كما يقومان كلاهما يدا بيد لرعاية الجمال والأغنام وحرث الحقول ، ليس هذا فقط ، فللمرأة الطارقية نصيب في مشاطرة الرجال في حفلات سمرهم ؛ حيث خليط من الشباب و الفتيات وأكثرهم عشاق بمباركة أفراد القبيلة كلها بينما تصدح الأغاني ، ويمكن القول كما يؤكد أبناء من هذه القبيلة أن الغناء والموسيقى عند الطوارق كالأوكسجين ، إنهم يتنفسونه بشكل طبيعي ويعيشون عليه ، فهم يرقصون بمناسبة وبدونها ، فالرقص هو الوجه المعبر عن سلوكيات وانفعالات شتى لهؤلاء القبائل ..




ومهما قيل عن نساء الطوارق ؛ هؤلاء العرب الأصائل ، فإن لهن خصوصية لا تصل بأي شكل من الأشكال في خصائص كثير من النساء في العصر الحديث ، في هذا العالم المتحضر ومهما تداعت بعض منها في نسوة الطوارق وعصرنت شطرا من عاداتهم ؛ فإنهن أوفر حظا بأشواط عن مثيلاتهن في بقاعات شتى ؛ فهي امرأة مستقلة قولا وفعلا تنتقي زوجها وتتزوج أكثر من مرة دون مشاورة أحد بعد زيجتها الأولى ويتم تطليقها بسهولة ، كما يحق لها الحب بمباركة القبيلة كلها ؛ فالقبيلة على ثقة بأن أفرادها من كلا الجنسين حريص على عدم الخروج عن مبادئه الأخلاقية والاجتماعية ؛ إنه مجتمع المرأة الطارقي عرف كيف يقتل إبليس الشكوك في علاقات المرأة و الرجل ، فها هي المرأة العربية وغيرهن من نساء مسلمات هنا وهناك ما تزلن مقيدات ليس حقوقا ومشاعرا فقط ، بل هن متهمات أبدا في مجتمع غُزل من خيوط الشك ..!




هل نجعل الضوء يصرخ على معاناة تلك الطفلة اليمنية التي وئدت طفولتها في زواج مبكر فرض عليها من مجتمع متخلف ؛ أم على المرأة الأفغانية ؛ التي تساق في مجتمعها كما تساق الأتون ، منبوذة حتى من شأنها الأنثوي ، وأقل ما يقال للنساء العاملات هناك بلعنة الويل والتهديد : " نحذرك بترك عملك في أسرع وقت ممكن ؛ وإلا فسنقطع أعناق أطفالك ونحرق ابنتك "؛ حتى وإن كانت هذه المرأة وحيدة بلا عائل تعيل أبناءها ..!




خصوصا - المتعلمات - وإن كن حفنة قليلة ؛ لا خشية على المرأة كما يعتقد ، ولا صونا على كرامتها ؛ بل خوف رجالهم من وصول المرأة لزمام السلطة ..!




ولكن ماذا عن مجتمع الإيراني ، حيث يرى أن تناول المرأة " الآيس الكريم " في الشارع جُرما تستحق عليه السجن وربما عقوبة الجلد ..؟!*




والإسلام الذي يزّجون قدسيته في أفعالهم براء منهم إلى يوم الحق ..!







ليلى البلوشي




هناك تعليقان (2):

  1. قد لا اسستطيع التعبير . , ’

    في ما في قلبي . ,’

    في ما داخلي . , ’

    في ما وسط لساني . , ’


    . , ’



    ولكن يمكنني أختصار كل ذلك . , ’

    بـ كلمه وآحده . , ’




    ( آبداع ) . , ’



    <-- فقد تستطيعين الشعور بكل ما فيني دآخل هذه الكلمه . , ’







    . , ’

    ردحذف
  2. قوم لهم شرف العلى من حمير

    وإذا دعوا لمتونة فهم هموا

    لما حووا من العلياء كل فضيلة

    غلب الحياء عليهم فتلثموا



    رائع بوحك وموجع ذالك الفارق بينهم وبين ما آل اليه مجتمعاتنا العربيه ....اتكأت ع الجرح ....

    ردحذف