السبت، 17 يوليو 2010

أطفالنا بين جاذبية المجلات الالكترونية وحميمية المجلات الورقية


أطفالنا بين جاذبية المجلات الالكترونية وحميمية المجلات الورقية
استطلاع : إيهاب مباشر
جريدة الوطن " الأشرعة " ..

نشأت مجلات الطفل في العالم العربي عام 1870م بعد مرور أربعين عاما على صدور أول صحيفة للأطفال في العالم في فرنسا ، وأولى هذه المجلات العربية حملت عنوان " روضة المدارس المصرية " وكان يشرف عليها رفاعة الطهطاوي ، وبعدها صدرت مجلة " روضة المعارف " في لبنان ، ومجلة " الصبيان " في السودان ، مذ ذاك التاريخ توالى صدور مجلات الأطفال في العالم العربي ، وتربعت المجلات الورقية على عرش صحافة الطفل ، فنشأت " حميمية " من نوع خاص بينه وبين إصداره الورقي ، وبعد التطور التكنولوجي الهائل وثورة المعلومات والاتصالات ، توالى صدور المجلات الالكترونية الخاصة للطفل بشكل " جذاب " أغراه على التخلي – ولو بشكل مؤقت – عن مجلته الورقية ، ومنذ ذلك الوقت نرى أن الكثير من الأسئلة طرحت نفسها ، تماشيا مع هذا التطور ، وهذه الحرب الخفية بين الإصدارين ، فهل ستبقى المجلة الورقية محافظة على موقعها وتواصلها مع الطفل أمام المجلة الالكترونية ، أم سيأتي اليوم الذي تتلاشى فيه المجلة الورقية لحساب المجلة الالكترونية ؟ وما الدور الذي تقوم فيه مجلات الأطفال ، لبناء شخصية الطفل العربي ؟ وكيف يتواصل الطفل مع ما يتقدم له من أدب ، على المواقع الالكترونية ، وماذا عن تواصله مع المجلات الورقية ، محليا ، إقليميا ، عربيا ؟ وما الذي يميز المجلة الورقية وتفتقر إليه المجلة الالكترونية ؟ وهل يميل الطفل إلى المجلات الكترونية ، التي توجه إلى جمهور محدد من الأطفال ، وهل بعض المجلات الالكترونية ذا توجه إسلامي ، تقدم وجبة ثقافية كافية وكاملة للطفل ؟ وهل المواقع العربية الالكترونية للمجلات الورقية ، ومواقع المجلات الكترونية ، تلبي حاجات الطفل العربي ؟ مجموعة لا بأس بها من الأسئلة التي حملناها إلى كتاب أدب الطفل والمهتمين به ، فكان استطلاع " أشرعة " الذي حمل عنوان " أطفالنا بين جاذبية المجلات الالكترونية وحميمية المجلات الورقية " فإلى تفاصيله ..

أفضل حظا

بداية كانت مع الكاتبة ليلى البلوشي ، لبحث مصير المجلة الورقية وهل ستظل محافظة على موقعها وتواصلها مع الطفل أمام المجلة الالكترونية ، وما الدور الذي تقوم به المجلات الورقية لبناء شخصية الطفل العربي ؟ وكيف يتواصل الطفل معها ، فجاء جوابها من صميم تجربة واقع معاش ، فقالت : ( أطفال اليوم أفضل حظا بكثير من أطفال الزمن القديم ، حيث لم يكن ثمة وسيلة تثقيفية سوى الكتب المدرسية وترفيهية سوى التلفاز بقنواته القليلة وبعض مجلات التي تجمع ما بين التثقيف والترفيه ؛ رغم ذلك لا تجد طريقها إليهم إلا نادرا ..
طفل اليوم هجمت عليه وسائل العلم والمعرفة والتسلية دفعة واحدة ، فهناك مجلات متنوعة يجدها في أقرب بقالة لمنزلهم ، والتلفاز أصبح يدللهم فالبث مباشر على أربعة وعشرين ساعة يوميا بلا كلل يقدم رسوما متحركة وبرامج للأطفال متنوعة ، وهناك جهاز صغير وهو اختراع هذا العصر بكبسة زر واحدة يمسك الطفل بالكون في عولمة صغيرة هي عالمه الخاص ..
وكل جديد هو جاذب للطفل ، مادة اغرائية يبقى أثرها لفترة طويلة المدى ، لكن ما مدى استفادة الطفل الحقيقي من هذا الشيء الذي يراه مدهشا .. ؟
لا تتوقعوا مطلقا أن الطفل حينما يقابل شاشة الحاسوب أن يفكر بتنمية ثقافته ، أو أن يضغط على أزراره السحرية ليفتح أبواب المعرفة ، بل إنه على خلاف ذلك نراه ينطلق وبلا تردد ليتعرف على عوالم التسلية ، ومن لعبة إلى لعبة يشبع لديه حافزه الحركي ، وآخر ما يفكر فيه هو أن يلج مداخل المجلات الالكترونية المخصصة لمخاطبته ، فهو إلى اليوم لا ينكر وجود تلك المجلة الورقية ..

وسيط

وتضيف ليلى البلوشي : ( والطفل لا يفكر كما يفكر الكبار على أساس أن النشر الالكتروني بديل عن النشر الورقي ، بل كل له بروزه وكل ما يزال يحتفظ بمكانته ، الاختلاف يظهر حين يتوقف وصول المجلة المفضلة لديه ، فيكون النشر الالكتروني بديل بالنسبة له ، هذا إن كان الطفل تواقا للمعرفة .. وهنا نشير إلى دور الوسيط المجتمعي المحيط به ؛ فهذا المحيط إن كان يولي أكبر اهتمامه بالمعاملات الالكترونية فمن الطبيعي أن ينتقل الطفل تدريجيا إليها ، فكثير من المدارس اليوم تحتم على كل طفل أهمية وجود جهاز حاسوب خاص به ؛ كي يستقبل الفروض والمهام المدرسية من خلالها ، وكما أن معظم أمهات اليوم يتابعن مستوى أطفالهم في المدارس من المواقع الالكترونية التي تخصصها المدرسة لتلاميذها .. وقد يقرأ الطفل مجلة ورقية ثم يقابله في نهاية الموضوع الذي قرأه إحالة للمراسلة أو تعرف المزيد من خلال موقع الالكتروني للمجلة نفسها ، فكل هذه العوامل ذا تأثير كبير على تحول الطفل من النشر الورقي إلى النشر الالكتروني .. )

تجربة

( ومن موجب تجربتي الشخصية مع تلميذاتي بدأت أتماشى مع العصر الجديد ، فألزمت تلميذاتي على إرسال الملفات والفروض المدرسية على بريد مخصص لهم ، لكن من جانب آخر أحرص في حصص الاستماع والتحدث وهو فرع من فروع مادة اللغة العربية على اختيار قصة مناسبة من المكتبة وجعلها مصدر دراسة وتحوير ..
فما تزال المجلة الغنية بالصور والحكايات المثيرة محببة لقلوب الصغار ، ولكن لا ذنب لهم في أن العصر في كل يوم ينجب لهم اختراعا جديدا ، وكل جديد يحمل معه دفقة فضول ، وفضول الصغار أكبر بكثير من فضول الكبار .. ولا يمكن أن نلغي أهمية مجلات الطفولية للصغار ، فما تزال لمجلة ماجد الصدارة في حب الأطفال لقراءته كل أربعاء ، ولا يمكن أن ننكر مطلقا دورها الريادي الكبير في تنشئة الأطفال من جوانب عدة ، وغيرها من المجلات ذات تأثير على فكر الطفل ، وحب الأطفال لهذه المجلات هي من يبقيها حية إلى اليوم ، وإذا ما انطفأت رغباتهم نحوها ؛ فإن هذا سرعان ما سيؤثر عليها .. )

تفضيل

( ويأتي عامل التفضيل إذا ما اتصفت المجلة الالكترونية بعوامل يجعلها متفوقة على النشر الورقي من المؤثرات الصوتية والصور المتحركة ، لكنه يظل تفضيلا مؤقتا وليس له ثوابت ؛ لأن لا وجود للثوابت مع الكائن الصغير الذي نتعامل معه ، فهو حركي ، متقلب المزاج ، مرن ، من الممكن جدا أن يبدل رأيه بأسرع مما نتصور ، كاللعبة الجميلة التي يبكي من أجل امتلاكها وحين تشترى له يشبع منها بعد مدة زمنية قصيرة فيتخلى عنها بالتمزيق أو إهدائه لصديقه .. وإذا ما كانت ثمة ثوابت في حياة الطفل لخسرت دور النشر ، ولأعلنت كل محلات الألعاب إفلاسها ..!
و ثمة قاعدة مهمة موجودة في حسبان الطفل ، وهو أنه لا يلغ أي فن ، ولكن يتبع فضوله إلى كل ما يثيره ، فإذا ما كانت القصص مؤثرة ؛ فمن الممكن جدا أن يفضلها على ألعاب الحاسوب وهلم جرا ..)

ساحة شاغرة

(عندما نتحدث عن الطفل العماني نرى فجوات عديدة ، ماذا قدم المجتمع له ؟ من يكتب له ؟ هل هناك مؤسسة تعنى به ؟ هل هناك مجلات وملاحق تخاطبه ؟ وما دوره في مجتمع الكبار ؟
هناك جهود متفرقة ، يتيمة ، يقوم بها أنفار من الكتاب ، وهؤلاء الكتاب أيضا بحاجة ماسة لإلقاء الضوء عليهم كي لا يتخبطوا في ظلام الإنكار ، كي تستحيل جهودهم الصغيرة إلى مفاجآت كبيرة ، كي تنقل خطواتهم من حيز ضيق إلى حيز واسع ..
ساحة الطفل العماني ميدانيا ما تزال شاغرة ، وإذا ما انتقل إلى النشر الالكتروني وتعلق به فله عذره ؛ لأن العالم المحيط به لم يوفر له بدائل أخرى ، فلا مجلة تخاطبه ولا جهة معنية توفر ما يتطلبه ، فلا يبق أمامه سوى المجال الالكتروني ، هذا إن كان هذا الآخر متوفرا لديه ..ثم هل هناك مناسبات تختص بأدب الطفل سواء كتابات يكتبها الكبار للأطفال أو مسابقة لأقران صغار يكتبون لأطفال مثلهم ..؟ كل هذه الخطوات هي التي تدعم سياسية وفنية أدب الطفل في كل دولة ، وإن لم يكن لها وجود فمن النادر توقع نهوض هذا الأدب بشكل يسير ، فهذه المسابقات تحفز الكتاب ، وتخرج أسماؤهم إلى النور ، وتدفع بعجلة الأدب نحو التقدم ..)

مزايا

المزايا التي تتسم بها كل من المجلة الالكترونية والمجلة الورقية كانت مدخلنا للحديث مع الكاتب حسن اللواتي فقال : ( هناك مجموعة من المزايا التي تتمتع بها كل من المجلة الورقية وأرى أن العديد من المجلات الورقية تتمتع بالتبويب الجيد والقدرات الإخراجية والفنية المتميزة إذ تشجع على متابعة المواد المنشورة وتحقق نوعا من الفائدة والمتعة ، وأحجام بعض المجلات يساعد على سهولة التصفح وفي المقابل فالمجلات الالكترونية تستخدم وسائط مختلفة تتمثل في الصوت والصورة والحركة والقدرة على التفاعل والتواصل المباشر بالإضافة إلى تجدد الموقع من ناحية الإخراج والمضمون ومزايا أخرى مثل سهولة التصفح وسرعة التحميل والعودة إلى المجلة في أي وقت مع الحصول على بعض أعداد قديمة وبالتالي هذا الأمر يساهم في استقطاب مزيد من القراء ..)

خصوصية

وعن توجهات بعض المجتمعات العربية والتي تنعكس على إصدارات الأطفال فيها ، وهل هذا يخدم أطفال العرب بشكل عام يقول الكاتب حسن اللواتي : ( الكثير من المجلات العربية تتمتع ببعض الخصوصيات الثقافية والاجتماعية المختلفة ، وربما يحق لها أن تقدم خدمات مثل هذه ولكنني مع المشاريع والأنشطة التي تخدم أكبر عدد ممكن من أبناء الوطن العربي خاصة أن العوامل المشتركة التي تجمعنا أكثر بكثير وهناك بعض المجلات التي تخدم قطاعا كبيرا من أبناء المجتمع العربي مثل مجلة أحمد الصادرة عن دار الحدائق اللبنانية ومجلة ماجد الصادرة عن شركة أبوظبي للإعلام ..) ..

طموح

وعن مدى استفادة من المواقع الالكترونية ، وهل تلبي الطموح ، يقول حسن اللواتي : ( المجلات الإلكترونية تعتمد على التقنيات الحديثة وتحتاج هذه المواقع إلى تكاثف مجموعة من الجهود والطاقات التي لديها إلمام ومعرفة متكاملة بهذه التقنيات بالإضافة التي لديها وعي بثقافة الطفل واحتياجاته وبالتالي يمكننا الجمع بين الاثنين بين الشكل الجذاب والمضمون الهادف والمتميز وهناك حاجة إلى فريق عمل من كتاب وفنانين ورسامين وأصحاب الخبرة في مجال تصميم المواقع وهندستها بالإضافة إلى أسرة التحرير الاعتيادية والمكونة من رئيس التحرير ومدير التحرير والمحررين والعالم العربي لم يستغل شبكة الانترنت كما ينبغي ..)

توجهات متنوعة

هناك بعض مجلات الالكترونية ذات توجه الإسلامي ، موجه للأطفال ، فهل تقدم هذه المجلات وجبة ثقافية كافية وكاملة للطفل ؟ ولماذا ؟ سؤال موجه للكاتبة خديجة الذهب ، فأجابت قائلة : ( في الحقيقة الاهتمام ينصب في اتجاه واحد لا يكفي للطفل ، وبالطبع التوجه الإسلامي لمجلات الأطفال ، توجه مطلوب وضروري لثقافة الطفل ، ولكن هذا الطفل بحاجة إلى مجلات ذات توجهات وأهداف متنوعة ، شاملة ومتكاملة في مختلف المجالات ، حتى تسهم هذه المجلة في إمداد الطفل بالمعلومات والمعارف التثقيفية والعلمية المتنوعة ، التي تثري حصيلة الطفل المعرفية وتغرس القيم الإسلامية والتربوية في نفوس الأطفال ، وتمدهم بكل جديد ومفيد ، ضمن حدود تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ، فإذا توافرت للطفل المجلة ذات التوجهات التثقيفية الشاملة ، والمعارف المتنوعة ، عادت على الطفل بالفائدة لإشباع فضوله ، ورغبته في البحث والاستكشاف عما يدور حوله من الأشياء التي تثير فضوله وتزيد من رصيده المعرفي ، بما يتوافق ويتناسب مع اهتماماته وميوله ؛ فتترسخ المعلومات في ذهنه منذ الصغر ، ويختزنها في ذاكرته ، فتنمو مداره المعرفية ومهاراته وقدراته المختلفة ، التي تعبر من أهم المؤثرات في تكوين شخصية الأطفال ، ومساعدتهم على التفوق الدراسي ..
وبذلك يتحقق الهدف المرجو من هذه المجلات ، في إعداد جيل بناء ، متسلح بالعلم والإيمان ، وتتكون شخصية الطفل المفكرة والإبداعية ، القادرة على مواجهة الحياة في مختلف مراحل عمره ؛ فيصبح فردا فعالا مفيدا لوطنه وأمته .. )

تشويق وإبهار

وعما يجذب الطفل في المواقع الالكترونية تقول خديجة الذهب : ( أول ما يجذب الطفل ويشد انتباهه ويجعله يقبل بشكل لافت على الموقع شكل الموقع العام والجذاب ، وما يحتويه من عناصر جذب وتشويق وإعجاب ، عبر الصورة والصوت والحركة من صور ورسومات معبرة بالألوان الزاهية ، وصور معبرة ذات مستوى فني وجذاب ، من مواد ومعلومات سهلة الأسلوب ، لغتها بسيطة ومشوقة ؛ تسهل استيعاب الطفل لها ، وتغريه بالإقبال عليها ، وتحقق في نفس الوقت المتعة والتسلية له ، المجلة الورقية والمجلة الالكترونية ، لكل منها وسيلة للتواصل عن الأخرى ، ولكل منهما فائدتهما الخاصة ، فالمجلة الورقية هي الأكثر انتشارا بين الناس ، لما لها من مزايا وسحر خاص ، بتوفير الحميمية والألفة ، التي تربط الطفل بمجلته التي يمكن حملها ، والانتقال بها من مكان إلى آخر ، مثلا عند جلوسه بين أفراد أسرته ، أو في فراشه قبل نومه ؛ مما لا يستلزم وضعا ولا تجهيزا خاصا لجلسة القراءة ، فيبدأ بتصفح مجلته ، واستيعاب من معلومات متنوعة بداخلها ، وهذا ما لا توفره المجلة الالكترونية ، التي لا تمكن الطفل من لمس وتقليب صفحاتها بيديه ، أو وضع خط تحت مقطع ما شد انتباهه ،
كما أن المجلة الالكترونية بما تحتويه من غزارة في المعلومات ، وتنوعها صور ورسومات ملونة وأصوات صادرة ، بالإضافة إلى سرعة التنقل من موضوع إلى آخر ، فضغطة واحدة على زر تفتح له أبوابا متنوعة ، كل هذه العوامل المثيرة والشيقة ، تجذب الطفل ويتفاعل وينسجم معها ، وقد تشتت انتباهه وتجعله غير مركز على موضوع معين ، وبذلك يقضي الطفل أوقاتا أطول في التصفح واللعب والاستمتاع أمام شاشة الكمبيوتر ، ويمكن القول إن المجلة الورقية موجودة ولا غنى عنها ، والمجلة الالكترونية موجودة أيضا ولا غنى عن وجودهما معا تماشيا مع التقنيات الحديثة ومتطلبات العصر ..) ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق