الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009

كم عمرك ..؟


كم عمرك ؟

بعد أن كمم مشاعرها بشهد عباراته ، وطوّقها بوشاح غنجه ودلاله ،
تمطى لسانه سؤالا كان يجول في دهاليز فكره ما بين كرّ وفرّ ..

تشجع وهو يبتسم بحذر :
_ حبيبتي ، يا علقة قلبي وكمثرى روحي ، مضى على حبنا عدة أشهر ،
ولكني للآن لا أعرف كم عمرك ؟
تكورت عيناها فغدتا وكأنهما عينا دمية اقتلعتا من محجريهما :
- حقا حبيبي ، لكنك أنت الذي لم يبادرني بسؤالي عن عمري .. !
انفرجت أسارير شفتيه وتنهد صدره رنة ارتياح بعد أن اطمأن إلى وقع سؤاله عليها :
- ها أنا أبادرك بالسؤال الآن يا حبيبتي .. فكم عمرك ؟
تقلصت ملامح وجهها النضر وهي تحك بأصابع الحيرة طرف شعر رأسها ،
وبعد سهود نطق لسانها :
-لكن يا حبيبي ، سؤالك أدخلني في متاهات الحيرة ..
تحفز لوقع عبارتها الأخيرة وراح يردد " متاهات الحيرة " ثم أعقبها بقوله :
- لماذا يا حبيبتي ، سلم عمرك من متاهات الحيرة ..؟!
تنهدت بهسيس صوتها الناعم وهي تبادله الرد :
-وكيف لا تريدني أن أتحيّر وأنت تضعني أمام خيارات عدة .. ؟!
-آه .. " خيارات أم جزرات " .. أقصد أي خيارات ترمين إليها ..
لعل سؤالي لم يكن واضحا بما فيه الكفاية .. ؟!
-كلا يا حبيبي ، بل واضح وضوح رموش اللهب في عين الشمس ..
-إذن لعلي أحرجتك بسؤالي ، أعلم من الغباء مساءلة المرأة عن عمرها ،
سامحيني حبيبتي وعديني فضوليا هبط على خصوصية من خصوصياتك..
- حبيبي لن أعدك فضوليا .. بل حق من حقوقك أن تحيط بعمري ..
أشرقت ثنايا وجهه وهو يقذف سؤاله :
- أترين هذا حقا ..؟!
- قطعا حبيبي ، لا داعي للخفر .. اسأل .. اسأل ..
- إذن حبيبتي سأعيد سؤالي مرة أخرى على طبلة أذنيك الرقيقتين سماعا ..
فكم عمرك ؟
- ها أنت تفتح أمامي أبواب الخيارات مرة أخرى .. !
-أية خيارات يا حبيبتي ، فلو أنك استفهمتي عن عمري لأجبتك بحفاوة خمسة وثلاثين عاما ..
-قالت بحزم : حبيبي ، أعد سؤالك علي مرة أخرى ..
-كم عمرك يا حبيبتي ؟
- ها أنت فتحت أمامي خيارات .. حسنا.. قد تستاء الآن من لفظة " خيارات " ،
ولكن سؤالك يفتح أمامي خيارات .. !
بعد نفاذ صبر :
- حبيبتي .. خيارات أم جزرات ، هل من ممكن أن تحيطي جهلي بها معرفة .. ؟!
- أنت الآن سألتني عن عمري ..
قاطعها بنفاذ صبر:
- سألتك عن الخيارات .. !
- حسن كما ترغب ، سألتني عن عمري .. وهذا العمر يشمل عدة خيارات ،
وأنت تريد أن تعرف تلك الخيارات ، وهذا حق من حقوقك ، لكن أية خيارات منها تقصد ؟!
- الخيارات التي كنت تتحدثين عنها ..
- إنها كثيرة ..
- عدديها يا حبيبتي ، كي اقطف منها ثمرة اختياري ..
-ألم أعددها عليك بعد ، لكنك أنت الذي لم يطالبني بتعديدها ؟
- ها أنا ذا أطالبك من فوري بتعديدها عليّ وهو حق من حقوقي كما أشرت آنفا..
- صحيح هو حق من حقوقك دون شك حبيبي ، الآن سأعددها عليك ،
أنت تريد أن تحيط بالخيارات التي أعنيها أنا وهذا ما سأفعله الآن ..
العمر يا حبيبي ، يشمل عدة خيارات .. وأنت ستتعرف عليها الآن ..
- ردّد بحماسة : أجل .. أجل سأعرفها .. ما هي ؟!
- أي حبيبي ، عندما تسأل شخصا ما عن عمره ينبغي أن تحدد له الخيارالذي تعنيه ؛
كي يكون جوابه على سؤالك شافيا ..
- عدديها حبيبتي ونوري جهل حبيبك ..
- نعم سأنوّر ناظريك الآن ، أين وصلت يا حبيبي لقد قاطعتني ؟!
- وقفنا عند تنويرك لناظري من غث الجهل ..!
- صحيح ، سأنورك الآن بقولي القيم .. كما تعلم بل ستعلم الآن ،
فإذا ما سألك شخص ما عن عمرك ، فقل ثمة خيارات فأيا منها يعني بالضبط ..
وذلك الشخص قد لا يعرف كما لا تعرف أنت الآن ، وأنا سأعددها عليك ،
وأنت بدورك ستعددها عليه ..
أما الخيارات التي ترغب في معرفتها هي ..
- ما هي ... ما هي ؟!
- لكن قبل ذلك .. أعد علي سؤالك مرة أخرى ، كي أجيبك ..؟
- سألها بحنق : كم عمرك يا حبيبتي .. يا عمري .. يا روحي ..
- حبيبي.. سأجيبك بقولي ..
وأنا سأقول لك أن العمر به خيارات عديدة ..
فهل تعني مثلا عمري الشكلي ، أم عمري الوظيفي أم عمري النفسي أم عمري الطولي ،
أم عمري الروحي أم عمر الحسي ... الخ أرأيت يا حبيبي ، نحن أمام خيارات عديدة ..؟!
- لكن حبيبتي أسقطتي سهوا خيارا مهما ..!
- حقا .. وما ذا الخيار الذي أسقطته سهوا .. !
- قال ببراءة : عمرك الميلادي ..
- ردت بدهشة ممزوجة بحزن : أوه ... يا حبيبي المسكين ، ألا تعلم ماذا حصل له ..؟!
- لا حبيبتي ، ماذا حصل له هل بترت رجله أو حطمت رأسه مثلا ؟!
- مزاحك رائق يا حبيبي ، لكن عمري الميلادي بل أعمارنا الميلادية وئدت منذ أزمان طويلة ..
عندما تزاحمت الخيارات الأخرى في حياة البشرية .. لكن كيف فاتك هذا الأمر ؟!
- أحقا فاتني ..؟!
- أجل فاتك ..
- اخبريني كيف حصل ذلك ؟
-أنت تضعني أمام خيارات .. وأنا سأخبرك بها .... الخيارات..
قاطعها وهو يفّر هاربا :
- لا أريد مزيد من الخيارات ... لا خيارات.. لا .. خ ... يا .... ت ... ت .....!




2007م

هناك 4 تعليقات:

  1. هههه، رائع يا ليلى،
    هذا أول تعليق لي هنا،
    لكنه ليس أو مرور ، لقد قرأتُك كثيرا هُنا.
    فأنا أحتفظ بزاويتك هذه في ركن بزاويتي.


    ود يا رائعة.

    ردحذف
  2. يا الله ..حتى في المكان الذي نبحث فيه عن الهدوء تفاجايني بمرواغة أنثوية جديدة..
    "هو أنا ناقصك انتي كمان!"

    ابداع يا استاذة ليلى..

    الفنتكي مر من هنا..

    ردحذف
  3. أهلا بك يا علا ،

    يسعدني مرور طيفك الدائم ، مررت بدوري على مدونتك وأعجبني فكرك النير تجاه قضايا معينة ..

    على درب التوفيق ،

    ليلى

    ردحذف
  4. أهلا بك يا موسى ،

    وبمرورك في متنفسي ..

    كن بألف خير ..

    ليلى

    ردحذف