الاثنين، 23 يناير 2012

أسئلة في رجولة مقموعة وأنوثة متحررة ..! ج 2







أسئلة في رجولة مقموعة وأنوثة متحررة ..! ج 2




جريدة الرؤية العمانية ..




نستكمل هنا التساؤلات المرتبطة بالجسد والحرية ، وموقع علاقتهما الشائكة بين ضديّ الاستغلال وطموحات التحرر الواعي ..




السؤال الثالث : هل المتحررة راضية حقا بالتخلي عن مكاسب " الشرقية " فيها ..؟!




في حوار لمجلة باري ماتش في عام 1989م مع السيدة " عبيدة حسين " وهي كانت أول نائبة منتخبة في البرلمان الباكستاني ردا على سؤال حول الصعوبات التي لقيتها كامرأة سياسية علقت بقولها : إنه أقل صعوبة لأنني امرأة ، ففي الشرق تتمتع المرأة بحماية ورعاية لمجرد أنها أنثى ، نعم بالتأكيد كان دربي ستكون أكثر صعوبة لو كنت في الغرب " ..




قياسا على هذه العبارة وغيرها لا يمكن النكران أن المرأة الشرقية تتمتع بمزايا وخصائص واستثناءات تفتقدها المرأة الغربية ، فهناك في أوروبا تصرف لا يدعوا للدهشة البتة حينما يشتري الزوج له نصف رغيفه ويترك زوجته تبتاع نصف رغيفها ؛ ولكن العربية التي لم تألف هذا السلوك في شرقها ؛ فإن أقل ما تفعله هو شتم الرجل ونعته بالبخل والمساس برجولته إن لم تتطور الأمور إلى الطلاق ..!




كما أن مطالب المساواة بين الجنسين في الغرب ومناداة المرأة بها أثرت عليها ؛ ففي الوظائف ثمة جهات لا تراعي حال المرأة الحامل ولا تحرر لها إجازات للوضع أو الاعتناء بالطفل ولا ساعات الرضاع ..! ولمن يطالع كتاب " حياة منقوصة _ أسطورة تحرر المرأة في أمريكا " لمؤلفته " سيلفيا آن هوليت " وهي تحكي تجربتها المريرة كأستاذة جامعية في إحدى الجامعات الأمريكية حين رفضت إدارة الجامعة منحها إجازة أمومة واضطرت نتيجة ذلك للإجهاض ، بل إن عميد الكلية أنذرها إن حملت ثانية فسوف تتعرض للفصل من وظيفتها ، ولكن نداء أمومة كان أقوى فحملت للمرة الثانية وأكملت مشوارها الوظيفي بمعية أربعة أطفال أنجبتهم تباعا ..!




السؤال الرابع : لماذا مفهوم التحرر عند المرأة يكمن في حدود الجسد وعند الرجل في نبذ المذاهب والأديان ..؟




وزير الداخلية الإيطالي السابق عندما طلبوا منه حظر الحجاب قال : " كيف تريدونني أن أفعل ذلك والعذراء كانت ترتدي الحجاب ..؟! "




النساء الرافعات لشعار التحرر في معظم دولنا العربية يعتقدن أن الحجاب قيد والتستر عبودية ، وأنهن كلما خلعن الحجاب وكلما قصرت التنورة عن الركبة ؛ فهذا هو التحرر ؛ كثيرا ما يتناهى إلى أسماعنا بعض من الفتيات يرفعن أصواتهن بعنجهية غريبة عندما تخلع إحداهن الحجاب فتهتف بفخر : أوووف ؛ تحررت أخيرا ..!




والجدلية تكمن أن هذه المرأة عندما تتحرر بمفهومها تظل ملاحقة داخليا بعدم الرضا عن من حولها في المجتمع وترفع صوت هجومها خاصة على المحجبات ، وتفكير نزع الحجاب ومهاجمة النساء المحجبات ؛ مبعثه قصور وعيها الفكري والثقافي والعلمي وهو بحد ذاته محاججة ودفاع عن حيز حريتها الضيق المختصر في نزع الحجاب .. !




و رغم هذا معظم المحجبات أو اللاتي نشأن في بيئات محافظة على مدار سنوات يجدن سببا وجيها للعودة إلى التحجب والسير على نهج التربية والبيئة التي خرجن منها ؛ ولعل شريحة معظم الممثلات والمغنيات والإعلاميات خير دليل ..!




لكن التي ترعرعت في بيئة متحررة ؛ فإن الوضع يختلف تماما وليس ثمة أزمة وبل هي تمارس تحررها بشكل طبيعي دون أن تنبذ الفئات الأخرى المختلفة عنها مظهرا وفكرا ؛ و تحيا على سجيتها بلا عقد ، وفوق هذا نجد عند هذا النمط التزاما ورقيا في الأخلاق والمثل أكثر من تلك المرأة التي كانت في بيئة منغلقة ثم حررت نفسها على - حد قولها - من براثن الغابة التي حادت عن سربها ..!




" ثورة الحريم " حين تنحرف صوب الشذوذ والتطرف والبعد عن الواقعية والرغبة في الاستفزاز جهات معينة أو تحدي الجنس الآخر بدلا من البناء داخل بلاط القيم الإنسانية يبدو حينئذ أمرا داعيا للاستنكار والنبذ وخارج نطاق الاحترام ..!




بل السعي الحقيقي هو أن تدعو المرأة المتحررة إلى " ثورة كرامة " للقضاء على مفهوم " المرأة الدمية " ومحاربة الأفكار البالية التي تنتقص من حقها على أصعدة عدة في الحياة العامة والخاصة ، كثير من النساء محجبات وملفوفات في عباءات لأجل عيون العرف والعادات والتقاليد وأوامر ولي الأمر ؛ الأمر خارج نطاق الرغبة وخارج نطاق الاقتناع والمتحررة هنا من الطبيعي أن يغدو أولى مطالبها في جدولة المطالبة هو السفور ؛ انطلاقا من مطالب شخصية وتعميمها ؛ وهي تعتقد أنها بذلك تحرز تفوقا في سلم مطالبها التحررية ؛ ولهذا تقع صدمة موقف المجتمع والذكور من خطوتها وندائها المتحرر بل حتى من قبل بنات جنسها ؛ فالمجتمع بعرفه والذكر بعاداته وتقاليده وقل ّ منهم من يلفت بقين إلى مسألة الدين وحكمه في هذه المسألة ..! أما بنات جنسها فليس كلهن محجبات لدواعي أعراف أو ضغوط عادات وتقاليد بل رغبة داخلية كامنة في الستر والاقتناع الكلي ..




لهذا المسألة ليست في تعرية جسد بل في صحوة الأفكار وتطويرها بما يتناسب وقيم الإنسانية العامة ، تحرير من بعض القوانين الاجتماعية المتوارثة ووجهات النظر التقليدية التي لا تنطوي على أي معنى إنساني والتي تشوّه شخصية المرأة كإنسانية ، والتي تسقط إنسانيتها ككائن حي لها حقوق كما لها واجبات ، لها صوت وعقل ليس فقط جسد مغري ووجه فاتن ..!




بينما الرجل لا أقل قيدا من الأنثى في مجتمعاتنا العربية ؛ هذه الذكورية المنفوخة من قبل القبيلة بأنه نسر الصحراء وأسد الغابة تضع على كاهله شروط ومسؤوليات الرجولة مذ خشونة أظفاره ؛ ولرجل اليوم مفاهيم في قاموسه مختلفة تماما عن مفاهيم بيئته ونمط قبليته ؛ فكان من نتاج هذا التباين ما بين الرغبة في الانفتاح الخارجي وإرضاء المثل الداخلية ينشيء زعزعة في كيان الرجل ويسقطه في دوامة التناقض ، ومنهم من يسير على نهج التناقص طوال مشوار تعاطيه في الحياة مع الناس ليرضيهم وليملع صورته أمامهم ، والنمط الثاني يعلن عصيانه وتمرده على ملأ ويصب جام غضبه على الدين وأبسط طرق التحرر على - حد اعتقاده - هو الخروج عن الطريق المستقيم على شكل إلحاد وازدراء الأديان والمذاهب ..!




ترسبات العرف وتراكمات بعض العادات والتقاليد تظل غائرة في نفوس أفراد المجتمع ؛ لهذا الرجل الشرقي عندما يرتبط بامرأة غربية تبهره حريات الغربية في امرأته في البدء ولكن حينما يمتلكها ؛ فإن الوضع يتغير ويبدأ الرجل بممارسة تنغيمته الشرقية المعروفة بالعودة إلى أصله الشرقي وأعرافه وتقاليده ..




إن مفهوم الحرية في كل المجتمعات العربية والمحافظة على الطريقة الإسلامية تنظر إلى الحرية على أنها تخلص من عقدتي الجنس والدين دون التفكير في النماء الفكري المختص في التعليم ، والنماء الوظيفي المختص في العمل ، والنماء الأخلاقي المختص بقيم ومفاهيم الصدق والوفاء والإخلاص واحترام الرأي الآخر ، وهذه الأخلاقيات هي عماد الحرية وجوهرها وما يفوتهم أن الحرية مسؤولية لهذا تشكل عبئا لمن اعتاد على العبودية ..




وهذه الجوقة هي أكثر من تنبذ مبدأ " حريتي وحرية الآخر " كشيء واقعي فاعل ، بينما يطبلون محافلهم بثرثرات عريضة وطويلة وممتدة عن الحريات الفارغة عن وزن الفعل الحقيقي ..!




السؤال الخامس : لماذا الرجل الداعي إلى التحرر يضع أول شروطه تحرر جسد الأنثى ويكون هذا السعي هو أهم أهداف تحرره ..؟!




تفاعل الكثيرون من الجنسين مع هذا السؤال الذي طرحته على حائطي في الفيس بوك ؛ وقد أجمعت آراء الذكور والإناث على أن الرجل المتحرر غرضه من تحرير جسد المرأة ؛ لأنه عبد شهواته وإطلاق هذه الدعوة هي غاية خصبه له ..




وخرج الحوار بأسئلة طرحها المتحاورون ، أما السؤال الأول : " لماذا دعاة تحرير المرأة من الرجال يطالبون بمطالب لا تدعو إليها داعيات تحرير المرأة ؟! " أما السؤال الثاني : " لماذا دعاة تحرر المرأة يستثنون نسائهم منه ؟! "




ويبدو أن " المرأة " سوف تظل صراعا ما بين المتدينين والمتحررين ؛ فالمتدينين ينادون بتغطيتها من رأسها إلى أخمص قدميها لئلا ينفذ إليها هواء ملوّث ، والمتحررون يطالبون بتحرر جسدها وكأنها عاهة يجب أن تعرض للتشميس ..!




وسؤال أخير : لماذا لا يسأل هؤلاء الصائحون بأصواتهم الترهيبية والترغيبية المرأة عن مطالبها ..؟!




اكتفي بوضع هذا السؤال ، والبقية لكم أيها القراء ؛ لتتجولوا في لغز إجابته ؛ فلا نية لي مطلقا التحدث عن لسان بنات جنسي ؛ لإيماني المطلق أن لكل واحدة منهن صوت ولم تلتهم القطط ألسنتهن ..!










ليلى البلوشي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق