السبت، 10 أكتوبر 2015

اعترافات مصوّر في نظام بشار ..!

اعترافات مصوّر في نظام بشار ..!

كنت اعتقد أن ما نشره الكاتب السوري " ممدوح عدوان " في كتابه " حيوّنة الإنسان " من أهوال تعذيب الجسد البشري و تحطيم كيانه الإنساني كليّا ، وكيفية تعاطي الأنظمة مع الجثث ، وكيف أنهم يقومون بإخضاع و تطويع جنودهم للتمثيل بتلك الجثث البشرية وتشويهها كما لو أنها حيوانات خُلقت لتُعذّب بوحشية ، بضمير ميت ومشاعر باردة ، كنت اعتقد أنه كان يبالغ بطريقة ما لاسيما و أن تفاصيل كتابه كانت في زمن ما قبل الثورات العربية ، في ذلك الزمن أجل كنا نسمع أن النظام البعثي يده من حديد على كل من ينقد السلطة ، لكنها وقتئذ كانت تمارس وحشيتها بطريقة سرية للغاية ؛ لتبقى صورتها ملمّعة أمام عدسات العالم ، ولكن الآن ، في زمن اهتياج الشعوب صارت تمارس استبدادها بطريقة علنية أمام العالم كله فالقناع سقط ، سقط تماما ، وصار شيطانها ينفث سمومه بجنون في سبيل الالتصاق بكرسي الحكم ..!
و ما قامت به صحيفة الجارديان من نشر مقابلة مهمة مع مصوّر بشار ، الذي كان يعمل في الشرطة العسكرية ، وكان عمله يختص بتصوير الجثث التي تموت أثناء التعذيب الجسدي في سجن النظام و المتظاهرين الذين يتم تصفيتهم أثناء المظاهرات السلمية هي خطوة جريئة لفضح هذا النظام الفاشي ..!
اعترافات هذا المصوّر نشرت باللغة الانجليزية ، وقام الكاتب والمترجم السعودي " خالد العوض " بترجمتها إلى العربية ونقلها للعالم عبر حسابه تويتر ..
يحكي المصور حكايته بالتفصيل مع كتمان بعض الأمور التي تخفي شخصيته ، خوفا من مطاردة النظام المجرم ، فقد كانت مهنته تنحصر في عمل يتطلب سرية تامة ، فالآلة في يده ستكشف طريقة هذا النظام الوحشي ، وتفضح تعاطيه مع شعبه ، طالما كنا نسمع ونقرأ عن هذه الحيوانية التي كان نظام بشار يمارسها بكل حقد تجاه شعبه غير أن ثمة هناك من كان ينكرها ، أولئك الذين باعوا ضمائرهم للنظام كانوا ينكرون و يتبجحون بأنها مجرد إشاعات كيدية يروّجها كارهي النظام ، لكن اعترافات المصوّر والوثائق المصورة التي التقطها بعدسته تؤكد أنها كانت من قلب الحقيقة ..
يسرد المصور كيف كان يطلب منه أن يتوجه إلى مكان إطلاق نار لتصوير الموقع ثم يذهب إلى حيث تحفظ الضحايا في ثلاجة الموتى لتصويرها ، يقوم بتصوير الجثث من 1 إلى 30 ثم يطلب منه الخروج فورا " نأخذ لقطات متعددة للجثة الواحدة ؛ لكي تسهل عملية البحث .. للوجه .. كل الجسم .. اليدين .. والصدر .. الأطراف " ..
هؤلاء الضحايا الذين قتلهم النظام ، كان ضابط المسؤول يقول عنهم بأنهم إرهابيين ، لكن المصور يؤكد بأنهم كانوا في مظاهرة سلمية و أنهم مجرد متظاهرين سلميين وكان زميل له يبكي قائلا : " الجنود شوهوا الجثث " كانوا يسحقونهم بأقدامهم ويقولون " ابن الزنا "..!
أما السجناء فأنكى أنواع التعذيب و أشده كان من نصيبهم ، كان يرى المصور أثناء التقاط الصور الأخيرة لهم آثار شمع محترق على الجسم ، و آثار موعد غاز على وجوه الضحايا وشعرهم ، كانت علامة الموقد الدائري المعدّ للطبخ مطبوعة على الأجساد ، ليس هذا فحسب ، بل كانت هناك جروح عميقة ، مليئة بالقيح وملتهبة ، لأنها كانت مفتوحة طوال الوقت بلا علاج ، أجساد كان مغطاة بالدم ، وكان الجنود يحركون هذه الجثث بأقدامهم بلا احترام " لم بحياتي شيئا كهذا ، كان النظام يعذّب السجناء لاستخراج المعلومات ، الآن يعذبّهم مستهدفا الموت تحت التعذيب " ..!
لقد تخلصت تلك الجثث من عذاباتها ووجدت في الموت راحة لها من كل شيء دنيوي ، لكن عذاب الضمير والرعب كان من نصيب المصوّر الذي كان يتخيل نفسه أو أحد أفراد أسرته مكان هذه الجثث المشوّهة ، لقد عذبّت بشراسة حتى كان الموت راحتها بل كان يشعر بأن خوفه متمدد ، خوف من الله عزوجل يوم الحساب " ماذا عسانا أن نقول عندما نسأل يوم الحساب : ماذا عملتم مع هذا النظام المجرم ..؟ لماذا بقيتم ..؟ هذه الأسئلة تخيفنا " ، خوف من النظام وشره لاسيما و أنه شهد وحشيتها بأمّ عينيه ، فقد كان يصفّي الجميع بأنذل الوسائل الموجودة على الكرة الأرضية ثم يقتلهم " رأى سامي مرة من خلال فتحة الجدار جنودا يجبرون شابا على قول : لا إله إلا بشار ، ثم قتلوه ، لا أريد موتا كهذا " ..
و الخوف من الثوار أيضا ؛ لأنه كان في نظرهم مع النظام وليس مجرد مصوّر يقوم بعمله ، هذه الأسباب المتكالبة عليه هي التي دفعته يعترف بكل شيء رآه و شهده بنفسه لأحد أصدقائه المقربين ، و بدأ ينقل له الصور بسرية تامة ..
لقد استطاع " قيصر " و هو اسم حركي لحمايته تهريب أكثر من 55 ألف صورة رقمية في وحدة تخزين بيانات USB خارج سوريا ، الصور التقطها بين عامي 2011م و 2013 م لأكثر من 11 ألف ضحية ماتت تحت التعذيب في السجون ، وقد أقامت الأمم المتحدة في مارس الماضي معرضا لجزء من هذه الصور مع التحفظ على شخصية المصور ، من خلالها تمكنت صحيفة الجارديان بعد جهد طويل من الوصول للمصور لإجراء هذه المقابلة ..
قام هذا المصور بشجاعة نشر الصور و ترويجها على الرغم من أن ذلك يكلفه حياته ؛ كي يعرف العالم جرائم بشار في حق الإنسانية ، في حق شعبه المعزول الذي فرّ أكثر من نصفه إلى خارج الديار و أصبح لاجئا في معظم دول العالم ، وعلى الرغم من ذلك المتحكمون بهذا العالم مازالوا يفاوضون السفاح بشار ، لقد كان هذا الأمر محبطا للغاية له ولكل من ساعده لنشر الحقيقة " نحن محبطون ، توقعنا ردة فعل أقوى ، بعد كل هذه الصور المروعة يقرر السياسيون التفاوض مع بشار " ..!
" الأصعب ليس أن يموت المرء ، بل أن يموت الذين حوله كلهم ويبقى هو حيّاً " كما ذهب الروائي " عبدالرحمن منيف " ، نحن الأحياء الأموات حقا ..!
كم عليهم أن يموتوا معذّبين ، وكم علينا أن نحيا لنتعذّب ؛ كي نشهد كل الجرائم الإنسانية و أسوأها في تاريخ البشرية  ..!
يا طلقة الرحمة  ..!

ليلى البلوشي

هناك تعليق واحد:

  1. مرحبا...هل مازلت مصدقة هذه الاكاذيب؟؟!!

    ردحذف