الاثنين، 1 نوفمبر 2010

القاصة أزهار أحمد في " أنا ويوكي " والحصان الذي فقد ذاكرته " ..



القاصة أزهار أحمد في " أنا ويوكي " و " الحصان الذي فقد ذاكرته " ॥

القاصة " أزهار أحمد " من الكاتبات اللاتي يشهد لهن بجهودهن الكبيرة في مجال ارتقاء ونهوض أدب الطفل في سلطنة عمان ، ليس على مستوى الإصدارات الطفولية الموجهة للطفل والتي صدر لها منها حتى الآن مجموعتين ، بل يضاف لها جهودها المتفرقة الشخصية للاهتمام بالطفولة في مجالات عدة ، توثقت بعضها في إنشاء ورش خاصة للأطفال تعنى بتعليمهم أساليب الكتابة القصصية ، وكل هذا يجعلنا أمام كاتبة طموحة ومعطاءة ولها غايات كاشفة كالشمس للارتقاء بالطفولة في مجالات شاسعة ..

* * *

* استثمار وقت الفراغ في " أنا ويوكي " 1

" أنا ويوكي " مجموعة تخاطب الناشئة ما بين 12 إلى 18 سنة ..
فالكاتبة وظفت شخصيتين لسرد مجموعة حكايات ، تمر بهما ذينك الشخصيتين في أحداث الحياة اليومية ، وهما في العقد الثاني من عمرهما ، التقيا في معهد للدراسة بمدينة " يورك " جنوب بريطانيا ..
لسان الحكاية الفعلي هي " ندى " وهي فتاة خليجية من سلطنة عمان ، تحكي قصصا ووقائع مختلفة جمعتها وصديقتها من أصل ياباني " يوكي " ..

ومن خلال ذلك نرى أمامنا مجموعة قصصية اعتمدت في سير أحداثها على بؤرة الشخصيات ، بمعنى أننا أمام قصة شخصيات ، وفي مثل هذا النوع من القصص تكون الشخصية هي في واجهة العمل القصصي ، وذلك يستدعي من الكاتب جهدا كبيرا ؛ كي يدعم شخصياته بشكل جيد في سرد الأحداث والوقائع يوظفها معها جنبا إلى جنب ، حتى تكون مؤهلة للقيام بدورها الحيوي الفعال ويضيف إليها من الخيال والمرح والحماسة ؛ لتؤثر في كيان الطفل وتدفعه دفعا إلى متابعتها بتشويق كبير ..

ومن جانب آخر نجد عناية بالأسلوب التحليلي حيث جاء على وفاق مع الشخصيتين ؛ فقد وصفتهما الكاتبة ورسمت حالتهما النفسية في مواقف مختلفة ، فثمة انفعالات محتشدة من الفرح إلى الدهشة إلى الحزن إلى الخيبة إلى الفزع إلى الضحك ، وهكذا جاءت خليط تلك الانفعالات بمرتبة مثيرات توقظ أحاسيس الطفل وتحرك مشاعره ، ليكون بذلك متعاطفا معها سعيدا لسعادتها وخائفا لخوفها .. انفعال فرح في قول ندى : " وقبل أن نسمع نداء القطار شعرت أني سعيدة وأكاد أطير من الفرح " ..
وانفعال حزن : " نظرت يوكي إلى نظارتها الجديدة المحطمة بحزن .." .
ولكي تضفي الكاتبة مصداقية أكبر وتفاعلا من قارئها الصغير ، فإنها جعلتهما تتحدثان بضمير المتكلم ..
وتكاد تخلو المجموعة من صراعات كبيرة التي تتأزم بها الأحداث ، فمعظم الأحداث هي خلق حياة يومية ، جاءت عادية لكنها في الوقت نفسه عرفت جيدا كيف تحول عاديتها إلى عوالم لا تخلو من الدهشة والفرح والامتلاء ، لتعطي بذلك انطباعا بهاجس الإمتاع ، ولعل خلو المجموعة من أزمة العقد الكبيرة والصراعات الممتدة هذا ما حررها من عناصر الثبوت في المكان والزمان ، فنحن هنا أمام مجموع أمكنة ومجموع أزمنة ، يختلف تعاقبهما تبعا للأحداث المختلفة ، وعنصري المكان والزمان هنا تشكلان انفتاحا على عوالم الكبار ، فمكان هنا هو : معهد الدراسة / سينما / سوق / رحلة إلى البدو / شاطئ ..الخ .
كما الزمان : الصباح / مساء ..

أيضا لا أفكار محددة ، بل هي خليط من أفكار طارئة بالتحديد نظرا ؛ لأن الشخصيتين هما في سن البلوغ تعشقان المغامرة وتحبان التجريب ، تحرصان على إنجاب أفكار مغامرة وضجها مع الأحداث اليومية ، هي أفكار خاصة ، مستقلة ، وكأنهما تخاطبان الطفل على أن يجيد طرح أفكاره الخاصة ، وأن يعرف جيدا كيف يصنع من أفكاره عالما مستقلا بالدهشة والجمال ..

والمجموعة هنا عنيت بأطفال تعدوا مراحلهم الطفولية الأولى وهم على أعتاب المراهقة والبلوغ ، وهي مرحلة حرجة جدا في حياة الطفل تصاحبها تغيرات على عدة أصعدة نفسيا وجسديا ، كما أنها مرحلة انتقال الطفل من طفولته إلى عالم يضج بالكبار ، ومن المهم جدا أن نهيئ الطفل لعالمه الجديد ، أن ننبهه إلى جماليات ومتع هذا العالم بكل اختلافاته وتغيراته ؛ فهي مرحلة عمرية لا تقل إمتاعا وأهمية عن المرحلة الطفولية التي كان فيها بأحلامه وتطلعاته ، بأحاسيسه ومشاعره ، بكافة مزاجياته وتقلباته ..
جاءت أحجام الحكايات متفاوتة من حيث عدد الصفحات ومعظم الحكايات تتعدى الصفحة الواحدة مع حوارات قصيرة نراها هنا وهناك في عمق الأحداث وبذلك نحت نفسها عن مطب الترهل ، رغم أن ذاك السرد الطولي مع معظم أحداث المروية يتماشى مع المرحلة العمرية ، فالقصص هنا لا تحاكي أطفال ما بين الرابعة والتاسعة ، بل ناشئة على أعتاب المرحلة الطفولية المتأخرة مثلما أوضحنا سابقا ؛ ويبدو أن الكاتبة أدركت نهجها الحكائي مذ البدء حيث أنها نوعت في حواراتها رغم قصرها إلى حوارات خارجية وأخرى داخلية ، الحوار الخارجي في مثل قول : " أخذنا هدايانا ويوكي تقول بامتعاض : يا لها من مفاجأة ، أما أنا فكنت هادئة وصامتة وقلت في خوف : كدت أجربه ، هل تصدقين ..؟ " ..
والحوار الداخلي : " قلت في نفسي : ها يوكي أنت الآن لست غاضبة وتأكلين حلاوتي أيضا " ..
وتعاقبت أساليب ما بين الإنشائي والخبري خصوصا في افتتاح مطلع الحكايات ، ففي الحكاية الأولى من المجموعة المعنونة بـ " أنا ويوكي في مقاطعة البحيرة " تقول الكاتبة على لسان الشخصية بأسلوب خبري : " حين كنت في العشرين من عمري وكانت يوكي أكبر مني بعام واحد ، التقينا في معهد للدراسة بمدينة يورك جنوب بريطانيا .."
بينما الإنشائي تبدى في قصة " أنا ويوكي نلعب البولينج " وتقول افتتاحية القصة : " هل تعلمون شيئا ..؟ في هذه القصة ستحبونني كثيرا .." ..

كما عنيت الكاتبة بلغتها جيدا ، فجاءت راقية ، موحية ، حركية ، منفعلة حيث يستدعي الانفعال ، لغة مطرزة بالصور التشبيهية والكنايات : " كان يقف كالتمثال ضاما يديه إلى صدره " ، " الجبال مكسوة بالأزهار والبحيرات مغطاة بالطيور والسماء جميلة وصافية " ، " كأننا ثبتنا بمسامير في الرمال " ..

يضاف لهذه المجموعة " أنا ويوكي " ؛ أنها تعلّم الطفل كيف يستثمر وقت فراغه ، كيف يحوّل أحداث اليومية العادية في حياته إلى أخرى مضمخة بالتشويق والدهشة ، إنها تضج فيهم حب الحياة وتجريبها على نحو ممتع قدر المستطاع ، وقد وظفت الكاتبة رسالتها هذه في ثنايا حكاياتها ودعمتها بعنصر مهم وهو الطرافة ، وهذا بدوره قضى على رتابة عادية الأحداث كما أنها غلفتها بعنصر آخر لا يقل عن الأول أهمية وهو عنصر الضحك ..


* عناوين مبتكرة وأفكار عصرية في " الحصان الذي فقد ذاكرته " 2

ما يثير لوهلة أولى في هذه المجموعة التي تتناسب وأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 5 و 14 عاما ، هو العنوان المعنون به المجموعة بـ " الحصان الذي فقد ذاكرته " ؛ هذا العنوان ينجب دفقة من التساؤلات المدهشة التي ستطرأ على عقل قارئها مهما كان سنه ، ولا يتوحد هذا العنوان الذي يشكل مفتتح القصص كلها في عامل الحفز ، فثمة عناوين أخرى في المجموعة نفسها تتميز بقدرتها العالية على الإثارة والجمالية والغرابة في الآن معا ، على نحو: " صائد الأحلام " ، " العلكة السحرية " ، " مصباح أديسون " ، " السمكة المنفوخة " وغيرها من العناوين في مجموعة واحدة من شأنه أن يخلق إبداعه المتفرد ، ولعل من أهمها هي الحيرة التي يجد القارئ الصغيرة نفسه أمامها ، فأي قصص المجموعة سيبدأ في التهامها مشبعا به شغف فضوله ، أيبدأ بقصة التي انتقتها الكاتبة لتتصدر غلاف المجموعة أم بقصة الأولى أم الثالثة أم الأخيرة ..؟ أتوقع أن حيرة كهذه غرست بشكل أو بآخر في عقل القارئ الصغير ..

العناوين المبتكرة جذب معه أفكارا متعددة وشخصيات متعددة بتعدد أفكارها ، ففي القصة الأولى من المجموعة والتي عنوانها " صائد الأحلام " بطله صبي في 12 من عمره ، يريد أن يصيد الأحلام ويجمعها في علب ، ثم يصنع منها سلعا رائعة ملونة ..
وفي قصة " العلكة السحرية " ثمة دمية على هيئة كلب ، لديها القدرة على الكلام وتمضغ علكة سحرية تقوم بأفعال سحرية حيث تطير مع صاحبتها إلى غيمة ..
بينما قصة " مصباح أديسون " بطلها طفل مر بتجارب مؤلمة حيث مات معظم أقربائه ؛ وهذه التجارب الموجعة عن الموت جعلته يتحدى الموت بشتى الأشكال ردحا من الزمن في حياته ، وهذه القصة تطرح تساؤلات فلسفية بريئة في ذات الوقت يحاول فيها الطفل أن يعرف ماهية لغز الموت من خلالها حيث يقول : " ما هو شكل الموت ..؟ متى يأتي ..؟ وهل هناك أناس يختارهم ..؟ هل يتربص بأحد معين ..؟ " ولكنه في ختام القصة يعرف أن العمل وحده هو ما يجعل الإنسان يتغلب على شعور الموت ، بالروح يبق المرء لا بجسده وحده ..
في حين تصدمنا القصة التي انتخبتها الكاتبة لتتصدر غلاف مجموعتها القصصية " الحصان الذي فقد ذاكرته " فنجد أمامنا حصانا اسمه " الأبيض الأسرع " رائع الجمال ، ممشوق ، لونه كالثلج ، ومن أذكى الأحصنة وأنشطها .. ولكم ينخدع الطفل بهذا الوصف الافتتاحي الذي أطلت به القاصة بطلها في المجموعة ، لتصدمه على حين فجأة بأن هذا الحصان نفسه التي تحدثت عنه بكل تلك الروائع يعاني في إحدى الصباحات من فقدان ذاكرته ، ولم يكتف بذلك بل طفق يقوم بممارسات تخالف واقعه المخلوق كحصان ..!
وتستمر قصص المجموعة في عرض أفكارها التي تتصف معظمها بالغرابة ، كما وظفت الكاتبة فيها جرعات من الخيال في كل قصة بمقاطع من الأحداث تنافي الواقع ، تستفز عقل الطفل تدفعه إلى التخيل الابتكاري ..

ويمكن وصف هذه الأفكار التي انتقتها الكاتبة لعرض أحداث قصصها بأنها أفكار عصرية ، تحاكي الواقع الحالي الذي يعيش فيه الطفل ، حيث العولمة غدت مثل محقق الأمنيات بالنسبة له ، فما يكاد يتمنى شيئا حتى يجده منتصبا أمامه بطريقة أو بأخرى ، فعالم الطفل اليوم زاخر بأشياء كثيرة على مستوى البرامج الترفيهية والألعاب الالكترونية والمواقع المعروضة والمسابقات القائمة كلها تخاطب الطفل وتهيئ له مطالبه ، لهذا على كاتب الأطفال أن يراعي هذه التطورات وأن يكون جاريا لها ، كي يحقق أهدافه التربوية من عرض قصص تلامس في الطفل فضوله ، تضج خيالاته بأفكار إبتكارية تصنع منه طفلا مبدعا ، يفكر ، يخترع ، ينظر إلى الحياة نظرة مغايرة تحفز فيه ممارسة دوره بأي شكل من الأشكال ؛ ليغدو صانع مستقبله مذ هو طفل صغير .. هذا ما يؤكده " فيشر " : " إذا كان على أطفالنا أن يتوقعوا إشكالية التغيير، سواء على المستوى الفردي أو الاجتماعي ، وأن يتغلبوا عليها ويتعلموا مواجهتها ، فإنهم بالإضافة إلى حاجتهم إلى تعلم كيفية التأقلم مع المستقبل ، فإن عليهم أن يتعلموا كيف يشكلون أيضا إذا كان إعداد الأطفال لمواجهة التغيرات السريعة هو أحد تحديات التربية ، فإن تعليمهم التفكير بإبداع يصبح حاجة ملحة " ..

كما نرى أن الكاتبة اختارت في مجموعتها هذه التنوع على مستوى اختيار الشخصيات ، فنجد أمامنا شخصيات إنسانية كـ قصة " صائد الأحلام " ، " مصباح أديسون " ، " أنا والبقرة والتلفزيون " ، حيوانات كمال " ، " صديق الكراكي " ، " بطل الغيوم " ..
وشخصيات حيوانية كـ قصة " الحصان الذي فقد ذاكرته " ، " السمكة المنفوخة " ، " الفيل المستقرس " ..
وشخصيات أخرى أنسنتها الكاتبة كـ دمية كلوب في قصة " العلكة السحرية " ..
ومما لا شك فيه أن التعدد في اختيار الشخصيات ، يحاكي مزاجيات الطفل ، فالطفل يضجر في بعض الأحيان حين تكون المجموعة زاخرة بشخصيات من نمط واحد ، بينما تعدد أنماط الشخصيات تحاكي أذواق الأطفال المتفاوتة والمختلفة بين كل مرحلة ومرحلة ، فالمعروف أن أطفال في مراحلهم الأولى تلاقي الشخصيات الحيوانية النسبة الأكبر من اهتمامهم ، بينما أطفال في مراحلهم المتأخرة يميلون إلى قصص ذات شخصيات إنسانية ؛ لكونها بالنسبة لهم واقعية أكثر مهما غدت غريبة في عرض أفكارها ..

ثمة ثيمة مشتركة سيطرت على بعض شخصيات المجموعة ، وهذه الثيمة هي " ثيمة الأحلام " فبعض الشخصيات شكلت الرؤى التي يراها في الليل دورا كبيرا في هامش حياته ، كما نجد في القصة الأولى من قصص المجموعة " صائد الأحلام " ، وقصة " أنا والبقرة والتلفزيون " ، وقصة " صديق الكراكي " ، " حيوانات كمال " أخيرا قصة " السمكة المنفوخة " ..
وهؤلاء جميعا جعلتهم أحلامهم يتصرفون بتصرفات غريبة ؛ على سبيل المثال بطلة قصة " حيوانات كمال " يتخلى عن تناول جميع أنواع اللحوم ويصبح نباتيا ؛ لأنه حلم بكابوس مخيف يرى فيه فلاحا ضخما يسحب حيواناته من مزرعته يذبحها ويرميها في مرجل كبير يغلي ..

هناك قصة من قصص المجموعة تدعى بـ " قصة شادي الطويلة " ، نلامس أن هذه القصة وجودها خطأ في المجموعة الزاخرة بشخصيات متنوعة وأفكار مثيرة ، فهذه القصة موجهة للكبار وليست للصغار ، والشخصيات التي انتقتها الكاتبة هما اثنان شاب وشابة بالغان يناقشان أمورا يعنى بها الكبار سواء من حيث الاهتمام أو التصرفات ..
ولعل هذا يلفتنا إلى شيء مهم في قصص الموجهة للأطفال ، فسوف يلاحظ معظم الكبار الذين يقرؤون القصص لأطفالهم أو التي يقرأها الطفل بنفسه ، بأنهم دائما يركزون على الشخصية التي تكون في مثل سنهم ، فإذا ما كانت الحكاية زاخرة بشخصيات متنوعة من كبار وصغار ، فإن الطفل يركز جل اهتمامه في الحكاية على شخصية الطفل في القصة ؛ لأنها تحاكيه ، ولأنها تغري فضوله ، ولأنها تحرك غيرته نحوه فهو يريد أن يكون مثله بغض النظر عن الدور الذي يؤديه ، إذن الأطفال ينجذبون إلى شخصيات تماثلهم في المراحل العمرية ، وفي الاهتمامات ، وفي حس المغامرة ؛ لأنها وبإضافة ما ذكرنا من أسباب تمثل بالنسبة له قدوة يقتدي بها ..

تفاوتت القصص في تقديم شخصياتها في مفتتح حكاياتها ، فبعض القصص تقدم الشخصية في قالب تعريفي للأطفال ؛ وهذا من شأنه أن يوثق العلاقة بين الطفل القارئ وصاحب الشخصية كقصة " مصباح أديسون " : " يعيش سامي حياة هادئة مثلكم مع والديه وإخوته وأقاربه ، يذهب إلى المدرسة ولديه أصدقاء ومعلمات ومعلمون ، يحب السباحة والوجبات السريعة والآيس كريم ..." .
وبعضها الآخر تدخل في موضوعها مباشرة دون تعريف بالشخصية كقصة " كليلة والأستاذ سعيد " : " بينما كانت البعوضة كليلة تطير وتصورت عند نافذة بيت الأستاذ سعيد ، رأت بقعة حمراء كبيرة على طاولة .."

ولا يغيب عن المجموعة التوافق بين رؤى الكاتبة للأشياء وتصوراتها لها وبين رؤى الأطفال لها ، ومن المهم جدا أن يراعي الكاتب قصص الأطفال هذا التصور التعبيري للأشياء .. ولكل قصة زمن ومكان وحدث وصراع وشخصيات ، ويمكن وصف العقد في القصة لم تكن في الأحداث ولكنها جاءت للأفكار الغريبة الطارئة التي يفكر بها كل شخصية ولهذا تتماثل شخصيات الكاتبة هنا في غرائبية خيالاتها ، كما اتضح عناية الكاتبة بلغتها حيث أنها لغة متمكنة في إيصال أفكارها للطفل ، وموصوفة بأبعادها الواقعية والشاعرية في الآن معا ..

الحكايات هنا تحاكي البيئات القريبة من الطفل ، والطفل حريص على أن ينبت إبداعه في هذه البيئة ؛ لرغبة التفرد في الانجاز وللتمتع ، وتحرضه على التفكير الإبداعي ، وتقول له بحب كبير أن ثمة متع في الحياة جديرة بصيدها كما الأحلام ..


على هامش النقد الفني :

مجموعة " أنا ويوكي " جاء غلافها متوافقا مع المرحلة العمرية المخصص لها ، الصور متناثرة في الصفحات وتفاوت الألوان ، لكنها جاءت غامقة توحي بأجواء الكآبة أكثر منها بالفرح ، فالأطفال في كل مراحلهم الطفولية يميلون غالبا للألوان المبهجة والفاتحة في درجاتها ، كما نوع الخط جاء متعبا للعينين ..
بينما نجد المجموعة الثانية " الحصان الذي فقد ذاكرته " أن المجموعة هنا استوفت الشروط الملائمة لكتاب الطفل من حيث الغلاف السميك غير قابل للتمزق مطلقا ، والخطوط الواضحة والألوان والرسوم المليئة بالفرح والمعبرة بشكل جيد عن شخصياتها ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ " أنا ويوكي " حكايات للناشئة والشباب ، أزهار أحمد ، الغلاف واللوحات الداخلية حسني مجاهد ، المراجعة اللغوية هشام حمزة ، مطبعة المستقبل ، أبوظبي ، ط1 ، 2007م .
2 ـ " الحصان الذي فقد ذاكرته " ، أزهار أحمد ، رسوم ابتهاج ، النادي الثقافي ، ط1 ، 2010م .



ليلى البلوشي

هناك تعليقان (2):

  1. وااايد حلـووو الموضــوعــ... ^^

    ردحذف
  2. تسلمين على الطرح الرائع

    ردحذف