الخميس، 21 يناير 2010

هل للروائح .. رائحة ؟


هل للروائح ..رائحة ؟

هل لكل شيء رائحته ؟ هل للأشياء غير الملموسة رائحتها أيضا ؟ هل تختلف رائحة الأمهات من مكان إلى مكان ؟ أو هن مثل زهر الليمون وأطيب ، مثل رائحة المشموم وأزكى ؟ مثل رائحة الخبز في كل مكان وأعطر ، هل للروائح فلسفتها مثلما هي للألوان ؟ هل ثمة رائحة خاصة للوقت ، الخيانة ، الحب ، السفر ، الوطن ، الكراهية ، المال ، الجار ، الأصدقاء ، الطفولة ، الذاكرة ، مثلما للقهوة رائحتها ، والتي لا يخطئها الأنف ، هل نحن نشم روائح الأشياء ، أم نضفي عليها من معارفنا ومكنونات نفوسنا ، ما يجعلنا نميزها بالعلامات التي نحن نضعها ؟ هنا بعض من رائح الأشياء :
رائحة الخيانة .. تشبه رائحة الرصاص المحترق أو رائحة اللون الرمادي المنبوذ في زاوية ، الخالي من العافية ، الخيانة تشبه رائحة المسمار ..!
رائحة الوطن .. تشبه رائحة الثرى والمطر ، رائحة الماء والشجر ، ورائحة أشياء كثيرة يجلبها الخير معه ..!
رائحة الأب .. تشبه رائحة فرحة السفن الآبية أو رائحة ظل الشجر القديم ..!
رائحة الخوف .. تشبه رائحة الفراغ ، والمنزل الخاوي ، وبوابة موصدة منذ لا يتذكرون ..!
رائحة الكذب .. تشبه رائحة الطرق الضيقة الموحلة بمخلفات الحمير والبغال الهرمة ..!
رائحة المعرفة .. تشبه رائحة نور مختبئ أو رائحة نهر عجوز لم يمل من المسير ، ولا من سرد حكاياته لبيوت أبوابها وشبابيكها تنتظر ظله البارد ..!
رائحة الأخت .. تشبه رائحة الهيل والزعفران والقهوة في فنجان صباحي يحوي الشتاء والضحكة والمحبة ..!
رائحة الحب .. تشبه رائحة الصباح الباكر في كل مكان ، مثل رائحة الخشب المبتل في غابة بكر ، مثل شهيق العودة إلى المنزل في كل مكان ، مثل رائحة بيت الكمان الصغير ، مثل رائحة الموسيقى في كل مكان ..!
رائحة البخل .. تشبه رائحة عصارة المرارة ، والحريق على المعدة الفارغة ، وتلك التي تنفثها رائحة التخمر عادة ..!
رائحة المرأة التي تعشقها حكايات المساء .. تشبه رائحة شعرها المبتل بأول مطر الصيف ، وضوع جسدها الذي ينشد قصيدة الماء دائما ، وسر الحناء المطبوع في الكف ، وتلك الابتسامة التي يرسمها أول ضوء الشمس على وجهها ، مسك الورود وعبير الأزهار التي عدتها الكتب المقدسة من أسرارها ..!
رائحة الشهامة .. تشبه رائحة العشب الأخضر ، ولحى استطاعت على صدور رجال الخير ، لا يغادر النبل وجوههم ، أنى هبت الريح أو مالت الدنيا على واحد ..!

الكاتب " ناصر الظاهري "
جريدة الاتحاد الإماراتية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق