الثلاثاء، 19 يناير 2010

الأدب السوداني تارة أخرى ..


الأدب السوداني تارة أخرى ..

لم أتوقع لمقالتي المعنونة بـ " الأدب السوداني نضجته الشمس وغافلته الريح " أن تتلقى ذاك الكم الهائل من الاهتمام والنشر ، فإذا بأضواء من صحف ومجلات ومثقفي العرب يحتفون بالمقالة وبنشرها في معظم المواقع والصحف ، كان هدفي من تلك المقالة هو إبراز رأي شخصي عن أدب يحفل بالكثير وأدباء من قطر عربي موسومين بالدهشة ، وكنت أتوق بشدة أن يغدو هذا الرأي الشخصي رأيا عاما ..
لقد وصلتني ردود كثيرة ، كما وصلتني كتب وقصص وروايات تتناول الأدب السوداني ، ولكن الأروع من ذلك كله هو الاحتضان السوداني الجميل لبعضهم البعض ، فمعظم تلك القصص والروايات أرسلها لي بعض قراء سودانيين محبي للأدب والفكر ، وكل واحد منهم كان يسعى وبكل حب أن يمدني باسم كاتب جيد ويستحق الإشادة والمتابعة في تلك القطعة الجغرافية من العالم ..
والرائع أيضا أن مقالتي التي تحدثت بشكل عام عن الأدب السوداني ووضعه الراهن ، ثم خصصت الأديب " عبدالعزيز بركة ساكن " كنموذج من أدب السوداني المميز ، ولهذا أبدت بعض الصحف والمجلات رغبتها في التعرف على هذا الكاتب وإنتاجه الإبداعي ، ولقد أسعدني كثيرا ما جاء على لسان الأديب بركة ساكن في أثناء مشاركته في بعض الملتقيات : (هذه الدراسة التي كتبتها الأستاذة ليلى البلوشي، بلا شك فاتحة خير للكتابة السودانية بشكل عام، و لقد نشرت حتى الآن في عشرات المواقع العربية، ولدى مختلف التيارات الفكرية و الجهوية، و احتفى بها أناس شتى، ولقد كان حظي منها وفيراً، لأن الكثير من المجلات المرموقة قد اتصلت بي تريد أعمالي، وقلت يا بركة من جاه الملوك تلوك ) ..
بهذا أستطيع القول بأن المقالة قد حققت ما كنت أطمح إليه ..

ومن الردود الجميلة التي وصلتني من الأستاذ " عبدالله الطاهر " يحكي فيها عن إشكالية الأدب السوداني وحقه المهضوم في الانتشار :

( حضرة الأستاذة ليلى البلوشي .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وعساك بالخيرات ..
وردتني ضمن مجموعة الجزائر الثقافية مقالة لك حول الأدب السوداني وأعجبتني أيما إعجاب ، واتفق معك أن الإشكالية الرئيسية لعدم معرفة العرب بالأدب السوداني يرجع لإشكاليات تتعلق بالاستقرار السياسي ، لكنني فوق ذلك أحمّل جزء كبير من المسؤولية للعرب ، هم غير منفتحين على السودانيين بشكل كبير ، إنما انفتاحهم منصب على دول بعينها ، وتوقفوا عند الطيب صالح كأنما حواء السودانية توقفت عن الإنجاب ، لأنهم لا يريدون أن يعرفوا أكثر مما عرفوا ، بل بالعكس كان يمكن أن يقودهم معرفتهم بالطيب صالح للتساؤل مادام هذا هكذا فماذا يوجد غير ذلك ، ربما يكون هناك أكثر من ذلك ، قد لا تصل لقامة الطيب صالح لكن على الأقل فربما تكون هناك كتابات بمستوى عال ، قليلون هم أمثالك الذين بحثوا وقرءوا .. إشكالية أخرى يمكنك إضافتها وهي أن المجتمع السوداني أثرت فيه الصوفية بشكل كبير فجعلته أقرب إلى الزهد والتقشف والابتعاد عن تعظيم الذات ، وقد تنزلت هذه القيم عند الكتاب والمثقفين السودانيين ، فجعلتهم لا يميلون كثيرا للتواصل مع الآخر الخارجي ، ولا يميلون إلى نشر مخطوطاتهم ، وأثر الصوفية في السودانيين كبير على مستوى كل المجالات ، لقد دخلت الصوفية السودان منذ فترات تاريخية قديمة من المغرب العربي ، وكانت فيها ممارسات أقرب إلى أهل هذه المناطق ودخل في ذات اللحظة الإسلام فارتبط الإسلام بالانتماء إلى طريقة صوفيه ، فكل من يدخل الإسلام عليه أن يختار طريقة صوفيه محددة كي ينتمي إليها ، وكان ذلك هو السبب الرئيسي بها وتتأسس وفقه الكثير من الممارسات التي كانت سببا في وضع حدود لانطلاق وانتشار الأدب السوداني .. حضرت ذات مرة مؤتمرا لمجمع اللغة العربية في السودان ، وكان يرأسه العالم الجليل البروفيسور " عبدالله الطيب " – يرحمه الله – وفي فترة الاستراحة أقام المجمع مأدبة غداء فذهبنا ، وهناك رأيت البروفيسور " عبدالله الطيب " وهو يحمل أطباق الأكل ويتحرك هنا وهناك بتواضع عجيب ، منذ حينها وأنا أفكر في هذه التأثيرات التي تركتها الصوفية في التركيبة السودانية ، ولعلك تعلمين تواضع الأديب الراحل " الطيب صالح " وحديثه الكثير عن أنه لم يفعل شيئا يستحق ، ورغم طيبة قلبه وصلاح دواخله ، فقد ذكر ذات لقاء في " التلفزيون السوداني " أن اسمه لا يعبر عنه فهو لا طيب ولا صالح ، وقيسي من ذلك على العديد من الأدباء السودانيين ، وقد كتب الأستاذ " محمد المكي إبراهيم " وهو من الشعراء السودانيين المفوهين ودبلوماسي قدير ، أيام دراسته الجامعية في ستينيات القرن الماضي ، كتابا حول " الفكر السوداني أصوله وتطوره " كتب أن من التأثيرات السلبية للتصوف على السودانيين قصر النفس الكتابي ، وإن كنت لا أتفق معه في ذلك ، فهناك العديد من المؤلفات والمخطوطات التي وردتنا منذ تواريخ سحيقة ، ولكن الإشكالية في النشر ؛ لأن السودانيين لا يميلون للنشر ، رغم توفر العديد من المخطوطات ، وأمس القريب كان يحدثني زميل لي عن " بركة ساكن " ثم تطرق الأمر إلى عدد من الذين يكتبون ويملكون مخطوطات لم تنشر ، فقلت له لدينا مشكلة في ثقافة النشر في السودان ..
المهم .. لقد أعطت الخلطة العربية الإفريقية في دماء السودانيين مسحة خاصة في أدبهم جعلته عميقا وحنينا ، وقد أثرت فيهم السياسة لتجعل في كتاباتهم الكثير من الرفض والخروج والتمرد .. لن نلوم أنفسنا ولن نلوم الآخرين ، على مقربة منك في قطر يوجد الصديق الرائع " عبدالغني كرم الله " وهو من أميز الكتاب الشباب ، سأحاول خلال الأيام القادمة أن أرسل لك عددا من القصص له ولغيره .. بالمناسبة الحوار الذي أشرت إليه مع الصديق العزيز " محسن خالد " كنت قد أجريته معه أنا في عام 2005م ، ونشر في مجلة أوراق الجديدة التي كنا نصدرها أيام وجودي في السودان ، حاليا أنا مقيم في هنا في مملكة البحرين ، وبإذن الله سنعقد في الفترة 4 ـ 6 فبراير المقبل ملتقى حول الأديب الراحل " الطيب صالح " يقيمه النادي السوداني بالتعاون مع مركز عبد الرحمن كانو الثقافي وسنصدر عددا خاصا من مجلة " حضارة سودان " وهي مجلة تصدر هنا عن النادي الثقافي السوداني في مملكة البحرين ، وأرغب في إذنك بنشر مقالك حول الأدب السوداني في المجلة ..)

كامل احترامي
عبدالله إبراهيم الطاهر
مدير تحرير صحيفة النبأ
مملكة البحرين
مدير تحرير مجلة حضارة السودان

هناك 7 تعليقات:

  1. تحية واحترام لك سيدتي الانيقة ليلى البلوشي وحديثك المفعم عن الادب السوداني الذي اعتبره من اكثر ادب العالم حنينا وعمقا وذلك لما فيه من اغراق ذاتي حد الدهشة ربمالم تسنح الفرصة لكثير من المهتمين بامر الثقافة سواء كانوا من اخواننا العرب او غيرهم للاطلاع بما فيه الكفاية على الادب السوداني لكنني حسبت ان الطيب صالح ربما اتى في التوقيت المناسب ليشير للجميع الى ان السودان ما زال في رحمه الكثير والكثير ..
    صدرت عن دار الحضارة المصرية مجموعة قصص قصيرة للقاص السوداني المبدع ببشرى الفاضل بعنوان (ثلاث مجموعات) كما ان سارة حمزة الجاك اتت الى الساحة لتفرض نفسها بقوة بمجموعة قصص قصيرة بعنوان (صلوات خلاسية) ومازال الابداع الخلاسي متدفقا لك منى اطيب المنى استاذة ليلى البلوشى حتى الملتقى
    محمد بخيت
    محب للادب عموما والسوداني بخصوصية عميقة

    ردحذف
  2. ..

    الأستاذ الفاضل " محمد بخيت " ، مرحبا بك ويبدو أنني لم انتبه لهذا التعليق الجميل الذي ذيلت به حول الموضوع ..

    حقا الأدب السوداني أدب غني ويستحق اللفتة والاشادة والاهتمام ، وأنا شخصيا متابعة له وأتواصل مع بعض كتابه ، والذين يتصفون حقا بتواضع جم وحب التعامل مع الآخر ولكن على استحياء عظيم ..

    شكرا لوجودك وتعليقك الجميل

    تقبل عميق تقديري

    ليلى

    ردحذف
  3. الاستاذه ليلي البلوشي
    تحييه واحترام
    ان الادب السوداني يسخر يكثير من المبدعين السودانيين الذين انجبتهم حواء السودانيه امثال الطيب صالح وعبد العزيز بركه ساكن في روايته الطواحين.
    ولكي مني خالص التقدير لتطرقك للادب السوداني
    اشرف حسن بخيت

    ردحذف
  4. الاستاذة المحترمة :ليلى البلوشى
    تحية طيبة
    نشكرك على اهتمامك بالادب السودانى والعمل على لفت الانتباه له ونحن ايضا نتابع الادب الجزائرى باهتمام واحترام

    ردحذف
  5. انا اسفة جدا جدا للغلط فى جنسيتك ونحن نحترم الادب العمانى

    ردحذف
  6. Hey my name is Honest Montana I am from Detroit USA I came to study Arabic Language in Sudan , I have published my tow books in America , I have my book in Arabic I would like you to put some of mt stories in some Arabian Magazines

    Thanks

    Honest

    honestmontana@yahoo.com

    ردحذف
  7. الاستاذه ليلى البلوشي ... لعل الطيب صالح قد أوفى إشكالية انتشار الأدب السوداني حقها عندما ( أشار له بعض محدثيه العرب فى لندن عن تواضع المبدع السودانى المبالغ فيه والذى يمنعه من النشر والانتشار وتقديم نفسه الى العالم ..فقال : الانسان السودانى بطبعه مجبول على التواضع وعندنا التكبر عيب ومنقصه ، وحياتنا نفسها خشنة جافة أشبه بشجرة تنمو عندنا اسمها (السيّال) لها اشواك قاسية وتتحمل كل المناخات ..تعيش طويلا ولاتموت بسهولة لأنها لا تُسـرِف فى الحياة )... مودتي . حامد إبراهيم الزبيدي . hmidzubaidi@yahoo.com

    ردحذف