الاثنين، 30 نوفمبر 2009

وأسقطتك سهوا..!


وأسقطتك سهوا ً !

كنت َ الحضور دوما
وكنتٌني الغياب أبدا
رسمت َ شخصك َ بأصابعي فيك
فأعلنت الدفوف عرسك
والطبول كفني ..

***
أنت الشمول في كل الفصول
وأنا الاختصار بعقدة فصلك
فأزهر عمرك ربيعا
وَيتُم عمري خريفا ..

***
تعود لترحل في مسكني الأبدي " قلبي "
وأرحل لأعود في مسكنك المؤقت " قلبك "
فتشتعل شبابا في ّ ،
وانطفئ شيبا فيك ..

***
ترتشفني قدحاً
ولا تكف عن عادة التخمة مذ عرفتك
ولا أكف عن محاولة رشفك
فيرتعش قدحي جوعاً مذ ..

***
تتلبسني ذنبا يغتفر
واتلبسك خطيئة تعفر وجهي التراب
فيدفع جسدي ثمن ديتك
وتدفع جسدك عني امرأة أخرى ثمنا ..

***
لفظت َيوما : أحبك ِ
ويقينكَ : أكرهك ِ
ولفظتُ يوما : أكرهك َ
ويقينيِ : أحبك َ
فكذّب السنين يقينك
وخمّنت السنون صدق يقيني ..

****
احتضننا موعد مع الكرز
قطفت لي وقطفت لك
هبت ريح فاصلة
كيت وكيت ....... ،
فأسقطتني عمدا وأسقطتك سهوا ً.. !


كتبت : 21 / 3 / 2006م

السبت، 28 نوفمبر 2009

لذة عابرة



لذة عابرة


" إنه يريد مني خمرة شفاه

ما الذي أقوله لقلبي المفعم بالأمل

إنه يبحث عن لذة عابرة

ولا يدري أنني أبحث عن حب يدوم "


فروغ فرخزاد

الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

UAE



العيد لا يتأخر عن مواعيده ..
لكن بعض المناسبات تضطر لنرجسية العيد أن تقدم مواعيدها ..
الشارع الإماراتي والهيئات العامة والمدارس ارتدت ملابس عيدها الوطني ..

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

الحذاء الضيّق



الحذاء الضيق

انتعلوا حذاء ضيقاً عند ذهابكم لطلب يد فتاة. ألبسوا حذاء ضيقاً بعض النمر عندما ستلتقون للمرة الأولى بمن سيصبح حماكم في المستقبل.تستطيعون الزواج من الفتاة التي تريدون عندما ترتدون حذاء ضيقاً. حتى لو رفضت تلك الفتاة فإن والديها سيجبرانها على ذلك وهذا مجرب لا محال.لقد تعلمت تلك الحقيقة قبل سنوات طويلة.عشق “سيرمت” فتاة حتى الجنون. وبسبب هذا العشق أهمل جميع أشغاله وأعماله. جميع أصدقائه كانوا يشفقون عليه وعلى حالته حتى أنني قلت له ذات مرة:- أتحبك الفتاة أيضاً؟

- وأي حب!!..

- إذن تزوجا.

- وكيف أتزوج يا أخي فأنا وحيد هنا في استنبول . أمي وأبي في أرظروم ولا أحد لي هنا. ومن سيطلب الفتاة من أمها؟.

- ياهوه..! تلك الأزمان ولت، اذهب مباشرة إلى والدها وقل له “توافقت واتفقت مع ابنتكم لذلك أرجوكم أن تمدوا لي يد المساعدة للزواج بها”.

- وأنا من أجل ذلك سأتزوج. والد الفتاة غني، وبغير هذه الوسيلة لا أستطيع ضمان حياتي. هيا لنذهب، والدا الفتاة في البيت اليوم.
- لا أستطيع يا عزيزي سرمت.

- ياهوه..! إنها خدمة أخوية. وبفضلها ستنقذ حياتي.وافقت لأنه كان على وشك البكاء. حذائي الذي انتعله مهترئ، أضحى مثل تمساح فاغر فمه، أيعقل أن نذهب إلى بيت الفتاة بهذا الحذاء. ولا نقود لدي لشراء حذاء جديد. طلبت سلفة من معلمي على الرغم من معرفتي ببخله وأنه يعتبر من أبخل من في ببيالي. قال لي يومها:

- هاه، تذكرت، عليك عشر ليرات هل سددتها؟أما مديرنا الإداري فهو رجل طيب، أنقذني وأعطاني خمس عشرة ليرة على أن يحسم المبلغ من راتبي. اتجهنا أنا وسرمت مباشرة إلى سوق الأحذية المحلية، هناك تباع أرخص الأحذية.تعتبر الأحذية ذات المقاسات دون السبعة والثلاثين، أحذية ولادية وتباع بأربع عشرة ليرة وسبعين قرشاً، وما فوق وحتى الستة وأربعين أحذية رجالية أغلى بعشر ليرات، مقاس قدمي ثمانية وثلاثين.إن هذه المفارقة تعتبر من أكثرها ظلماً في هذه الحياة. أيعقل أن أدفع عشر ليرات زيادة بسبب نمرة واحدة؟!.


عدا عن ذلك من غير المعقول أن يكون سعر الحذاء ثمانية وثلاثين بسعر الستة وأربعين. لم استطع شرح هذه المظلمة للبائع بأي شكل من الأشكال لذلك اتجهنا إلى المدير، أظهر تفهمه إلا أنه قال:

- ماذا نفعل إذا كانت الأنظمة السارية هكذا؟لم أستطع ضبط نفسي لذلك رحت ألقي كلمة قائلاً:

- سحقاً لجميع أنواع الظلم في العالم.
- اصمت وإلا فتحنا محضراً بذلك.جمعنا ولملمنا كل ما لدينا أنا وسرمت إلا أن ذاك لم يكف لشراء حذاء مقاسه ثمانية وثلاثين.قال لي سرمت
خذ سبعة وثلاثين.
- ضيق لا يناسب قدمي.
- تنتعله من أجل خاطري.

- ياهوه..! أي خاطر وماطر في الأحذية والأقدام؟قلت بيني وبين نفسي ماذا أفعل؟. من أجل خاطر الصداقة اشتريت الحذاء. أبرزت النوايا الحسنة لانتعال الحذاء، حقيقة حاول البائعان كثيراً مساعدتي، مسكين، سرمت، حبات العرق تنساب من جبينه، وأخيراً نجحا وربطا رباط الحذاء وقالا:

- هيا قم.قالا لي ذلك لأني كنت ملقى على الأرض. نهضت بعدما حملاني من تحت إبطي ، وحال نهوضي صرخت:- أغيثوني.أتمنى أن لا يحرم الله قدماً من حريتها، فحرية القدم لا تشبه حرية الصحافة ولا حرية الوجدان.
قال البائع:
- سيتوسع الحذاء عندما تسير عليه قليلاً.أي مسير فأنا لا أستطيع الحراك. خرجنا إلى الشارع وأنا أشعر أن شرايين مخي تنتفض لدرجة أن حبات العرق أخذت تنساب من أسفل ظهري، في هذه اللحظات قال لي سرمت:

- هل حضرت قصصك الساخرة التي سترويها لوالد الفتاة؟.ركبنا الترمواي.

- رجاء يا سرمت أزل هذه البلاء من قدمي.

- لا تخلعه سيتوسع بعد قليل.على ما يبدو أنه لن يتوسع ، وبسبب الألم قلت له:

- سأخلعها وعندما ننزل من الترمواي انتعلها ثانية.وأي حال وصلت إليها حتى أشفق على الركاب والمراقب والجابي، لذلك هبوا جميعاً لمساعدتي في خلعها، حاولوا كثيراً إلا أنهم فشلوا. أحد الركاب قال:

- لنقصهما وننقذه.قلت له:

- لا!!.كيف سيقصه وبألف يا ويلاه جمعنا ثمنه، لا سيما أن في أعماقي أملاً بتوسع الحذاء وانتعاله براحة.نزلنا من الترمواي وأنا أصرخ متألماً، أتأوه وأتأخأخ ولم أدر كيف مشينا.في الطريق سألني سرمت:

- هل حفظت القصص الساخرة التي سترويها، رجاء قل له ما تشاء وأضحكه، لأنه عندما يضحك سيلين وسيزوجني ابنته. رجاء أرو له نكات جحا ولا تنس قصصاً أخرى.عندما وصلنا إلى البيت لم أعرف كيف ألقيت بنفسي على الديوان وغطيت وجهي بيدي.

- سألنا والد الفتاة:

- ما سبب زيارتكما؟راح سرمت يستغيث بنظرات حتى كاد أن يبكي. أما أنا فلم أستطع التفوه بحرف واحد. كنت أتصبب عرق الموت، ووجهي محمراً كالشوندر. وكل قطعة من جسدي تلتهب من الحمى.لاحظ سرمت أن لا أمل مني بالمساعدة، لذلك انفكت عقدة لسانه وراح يثرثر ويروي الحكايات، بينما كنت أتصبب عرقاً.سألتني والدة الفتاة:

- لم لا تتحدث؟أجابها سرمت:

- إنه خجول جداً يا سيدي.يداي بين فخذي، وأنا أتقلب من الألم، أثناء ذلك أحضرت محبوبة سرمت القهوة. من ينظر في وجه الفتاة يهرب إلى آخر الدنيا، جازاك الله يا سرمت أمن أجل هذه الفتاة كل هذا.في النهاية نجح سرمت في رواية كل ما حفظ من قصص ساخرة كذلك نجح في إضحاك الرجل وزوجته حتى “طقت خواصرهما”، وجهي متغضن من الألم، وفي عيني أشعر بشرارة تشبه البرق.أخيراً عرض سرمت رغبته في الزواج من ابنتهم. أجابه والدها:

- لنفكر بالأمر.بينما قالت والدتها:

- خيراً إن شاء الله، إنها القسمة والنصيب.بعد ذلك سألني هل أنت أعزب؟عندها أجبتها مطأطئاً رأسي:

- نعم.كانت الكلمة الوحيدة التي تفوهت بها.بعد خروجنا من عندهم تركني سرمت غاضبا بعدما أنبني قائلاً:

- أي صديق أنت؟. يا خسارة.هكذا بقيت وحيداً وسط الزقاق، جلست على الرصيف، كنت سأمشي حافياً لو استطعت خلع حذائي. لكنه التصق بقدمي. فلم ينخلع وكأنه أصبح جزءاً من جسدي.لا أدري كيف وصلت إلى مركز الجريدة. وألقيت بنفسي على أريكتي متمدداً:

- أنقذوني يا أصدقاء!.حاولوا كثيراً دون جدوى:

- قطعوه، قطعوه.كل واحد منهم حمل سكيناً أو مشرطاً أو موس حلاقة.اقترح أحد الأصدقاء قائلاً:

- هذا اختصاص، لا بد من عمل جراحي.لقد التصق الحذاء بقدمي لدرجة أنهم قطعوه، ومع ذلك لم ينخلع، وأخيراً نجحوا بعدما قطعوه إرباً إرباً. وبذلك استطاعت قدميّ معانقة حريتهما. وأنتم تعرفون معنى ذلك.ثلاثة أيام لم أستطع المشي بتاتاً. وكل ما حدث تم بعد ذلك.سابقاً/ كنت أنتعل ثمانية وثلاثين لكن بعد ذلك، حتى الأربعين بات ضيقاً على قدمي، فقد كبرت قدماي بعدما عانقتا حريتهما، ألسنا هكذا نحن بني البشر عندما نتحرر من أي احتجاز ومهما طال أمده نتضخم ولا نستطيع الدخول من باب البيت.


بعد أربعة أيام قدم إلي والد الفتاة التي طلبها سرمت، وبعدما تحدثنا بموضوعات شتى قال لي:

- قررنا، أنا وزوجتي، تزويجك ابنتنا.ذهلت مما سمعت:

- لم؟ لم أفهم…
- لأننا أعجبنا بك كثيراً، لم نصادف طوال حياتنا شاباً خجولاً مثلك، لم نر شاباً ذا تربية عالية مثلك، يوم أتيت إلينا كنت تقطر عرقاً من شدة الخجل ووجهك مبقع حمرة، لم تتفوه بتاتاً وكنت مطأطئ الرأس، شرف لأي عائلة دخول صهر مؤدب إليها.

- وماذا عن صديقي.. ماذا سيحل به؟.

- أرجوك اتركه، فهو ثرثار أحمق، وقليل الحياة. تصرف بشكل غير عقلاني، حسب ظنه أنه كان يروي قصصاً ونكات . لا فتاة عندي كي أزوجه.راح الرجل يزورني مرة كل ثلاثة أيام ممتدحاً تربيتي وحيائي:

- أنا بحياتي.. مثلك مؤدب، ذو أخلاق عالية، وجهك يقطر حياء.. لا تدري أين تضع يديك..

- يا سيدي أنا لا أفكر بالزواج الآن.

- فكروا بالأمر.. سآتي ثانية ونتحدث في الموضوع.وهكذا أخذ الرجل يزورني كل يومين أو ثلاثة أيام ليتحدث ممتدحاً حيائي، تربيتي:

- لم أرد شاباً ذا تربية عالية، وأخلاق.. وجهك مبقع حياء.. لا تعرف أين تضع يدك..ذات يوم لم أستطع ضبط أعصابي، أخرجت من درج طاولتي قطع حذائي ذي السبعة والثلاثين ملفوفة بجريدة وألقيت بها أمامه وصرخت به:

-ها هي الأخلاق والتربية والخجل خذه وزوجه ابنتك!

تذكروا عندما تنوون الذهاب لطلب يد فتاة أن تنتعلوا حذاء ضيقاً..


_________________________________


عزيز نيسين (1915- 1995) :


اسمه الحقيقي محمد نصرت نيسين من مواليد تركيا عام 1915 في جزيرة قرب استانبول و استخدم اسم عزيز نيسن الذي عرف به فيما بعد كاسم مستعار كنوع من الحماية ضد مطاردات الأمن السياسي في تركيا و رغم ذلك فقد دخل السجون مرات عديدة يعتبر عزيز نيسن واحد من أفضل كتاب ما يعرف بالكوميديا السوداء في العالم أو ما تسمى بالقصص المضحكة المبكية و المضحك المبكي في حياته انه و برغم شهرته الواسعة في كل ارجاء العالم كمبدع فذ الا ان بلده الأم تركيا لم تعطه من حقه سوى القليل توفي عزيز نيسن في تموز عام 1995م


الجوائز التي نالها :


-جائزة السعفة الذهبية من إيطاليا عام 56، 1957
-جائزة القنفذ الذهبي من
بلغاريا
-جائزة التمساح الأولى من الاتحاد السوفيتي 1969م
-جائزة اللوتس الأولى من اتحاد كتاب
آسيا وأفريقيا 1975م
- الجائزة الأولى عام 1968م على كتابه (ثلاث مسرحيات أراجوزية)
- جائزة المجمع اللغوي التركي عام 1969م

السبت، 21 نوفمبر 2009

دمي قوس قزح ، ما هو لون دمائكم ؟




17


دمي قوس قزح ، ما هو لون دمائكم ؟

سرت في خاطري فكرة ، أنا التي همّشت نفسها في ركن ضيق من مقهى يلجه أخلاط كثيرون ولكنهم في النهاية مثلي بشكل أو بآخر ، مرتابون من كل شيء طارئ ، حذرون من الغرباء ، يطفحون بالفضول تجاه مكنوناتهم الخاصة بهم من هذا الكون الفسيح ، كل هذا لا يهم ..
الفكرة التي طرقت باب عقلي مريبة نوعا ما وربما شاذة بالمعنى الأدق لمفهوم المفردات ، الفكرة كانت تلح علي قائلة : ماذا لو تلون دمك بمزاج الحالة النفسية التي تمرين بها ؟
فغرت فاه لوهلة ، وحينما تنفست سؤال الفكرة على نحو خارج من الدهشة وبشيء من فضول حكيم قلت لها : ماذا تعنين بذلك ؟

أجابت الفكرة كحكيم كشف معضلة : سؤال جميل ، ما أعنيه هو أن لون دماؤكم أحمر كما هو معروف ، لكن ماذا لو تغير هذا اللون طبقا للحالة النفسية للفرد إلى ألوان مختلفة ، لنقل مثلا إذا ما كنت سعيدة فإن لون دمك سيكون أحمر وهو معدل لون طبيعي جدا للبشرية ككل ، لكن إن كنت حزينة فلون دمك يميل للأسود ، أما إذا ما كنت مرتاحة فإن لون دمك سيكون أخضر ، إذا ما كان ضميرك يؤنبك فإن لوم دمك سينزف أزرقا ، أما اللون الأبيض فيشير إلى النقاء الروحي والأصفر في حالة المرض والبرتقالي في حالة الغضب ، في حالة الحب اللون الزهري وفي حالة الإحباط رمادي وهلّم جرا ..


تنفسّت الفكرة على نحو واقعي ، ورأيت أن هذه الطريقة ستوفر عناء طويلا يهلك كاهل أطباء النفس والعلماء عموما ؛ لأنهم لن يضطروا إجراء تجارب وفحوصات للتشخيص ، فيكفي ملاحظة لون الدم ودرجاته وبالتالي الحالة التي ستصاحب صاحبها ..
مذ طرحت الفكرة علي هذا التفكير المغاير لتركيبة دمائنا هجمت عليّ أحاسيس غريبة ، وفي يوم من الأيام التي تلت نزفت لسبب ما ، فهالني ما رأته عيناي ............... !

الخميس، 19 نوفمبر 2009

متفرجة



احجز مقعدك وكن متفرجا على العالم ..

الاثنين، 16 نوفمبر 2009

فضل العشر




فضل العشر


" عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر .. قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء "

الجمعة، 13 نوفمبر 2009

أسأل ُعن حجر لي




اسأل ُعن حجر لي


" إني سعيد بأن أكون حجرا ..

الحجر من الخارج أحجية :

لا أحد يعرف حلها

أما من الداخل ، فلابد من أنه بارد وهادئ

مع أن بقرة تدوس عليه بكل ثقلها ،

ويرميه طفل في النهر ،

الحجر يغوص ببطء ورباطة جأش

إلى أعماق النهر

حيث تأتي الأسماك وتربيّه وتصغي "



الشاعر الأمريكي " تشارلز سيميك "

الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

صاحبة الابتسامة الساحرة



صاحبة الابتسامة الساحرة


يذوب معهن كل ليلة ورغباته تهطل بتدفق شلال.. وماؤه الآسن يكاد يغرق غرفته المظلمة وما فيها ..
أحيانا من حرارة رغباته المنصهرة يتوه كليا مع تلك المشاهد الفاضحة لنساء عاريات .. فيلعقهن بمحجريه كأنهن في أحضانه وبين فخذيه ، هكذا تنوس لياليه بين القنوات المشفرة والصور المتلاحقة في شبكة الانترنت وأشرطة الفيديو ..
وفي صباح يغادر بكسل إلى ( دوامه ) ورأسه دائخة من لياليه الحمراء وعيناه مرهقتان في غيمة من هالات سوداء أشبه بمتعاطي الهيروين ، يتصاعد تثاؤبه لاعنا في نفسه : " عليك لعنة الله يا محمود ، كل هذا بسببك " ..
محمود الموظف الذي اشتهر بترويج أشرطة فيديو الإباحية ومفاتيح القنوات المشفرة والمواقع التي تتعرى صورا فاضحة .. لطالما أغراه : " صدقني يا يحيى ، ستقضي أجمل لياليك مع أي امرأة يرغب بها مزاجك .. أمريكيات .. فلبينيات .. لبنانيات .. كل ما تشتهيه مخيلتك موجود .. ما عليك سوى كبسة زر " ..
وهاهو يقضي سهراته في البيت إما جامدا أمام التلفاز أو ساكنا أمام الانترنت .. وأمه المسكينة تعتقد أنه أصبح رزينا ولا يسهر خارج المنزل مع ( شلته ) الفاسدة تلك ، كم بعثرت نصائحها في وجهه ، وكم بصقت حسرتها في تعديل سلوكه ، لكن كبسة الزر السحرية جعلته طوع عيني أمه التي لا تعي ما يفعل في غرفته المظلمة دوما ..
يذكر أنها منذ أسبوع في يوم عيد ميلاده الثالث والثلاثون كم أهرقت دموعا وهي تستجديه أن يتزوج ؛ كي تسمع غطيط أحفادها الصغار وهم يلاعبونها وينادونها جدتي ..
منذ ذلك اليوم وسيرة الزواج تخاتل في ذهنه ، تحفر أخدودا في فراغ قابع في ذاته ، يستشعر معها أنه بحاجة إلى امرأة حقيقية يعجنها بين يديه ، يقبلها ، يعانقنها ، وأن تلك المواقع والصور الفاضحة قد همدت روحه وجسده وعمره ..
" نعم ، يجب أن أتزوج .. "
هكذا عزم .. وقرر أن يفاجئ أمه المسكينة التي لا تملك في الدنيا غيره ..
ولما توجه إلى المنزل .. دفق خجلا في وجه أمه برغبته في الزواج ، لم تصدق في بادر الأمر ، وهي التي كانت لسنوات تناشده ذلك ، وسرعان ما ارتفع زغرودتها نشوة به ..


* * *


قرر أن يتخلى عن أشرطة الفيديو وأن يلغي الانترنت نهائيا من حياته ، وغيّر موجة القمر الصناعي الذي كان يعرض قنواتٍ إباحية واستبدلها بقنوات دينية و ثقافية وفكرية ..
وذهب مع أمه والسعادة لا تسعه لخطبة ابنة عمه .. فأمه دوما تقول : " ابن العم لبنت العم " .. ولما فاتحوا العم وابنته بالموضوع ، ضربا قاعدة بنت العم لابن العم عرض الحائط .. بحجة أن حظه من التعليم لا يتكافأ مع ابنة العم حاملة شهادة دكتوراه بينما هو دون المستوى المطلوب ، خرج من بيت عمه وتعاسة تجره جرا ، لكن أمه سرعان ما بددت تلك الغيوم السوداء بأن الفتيات يملأن المنطقة كلها وما له سوى أن يشير كي تسجد إحداهن جارية تحت قدميه ..
فذهبوا إلى منزل جارتهم أم سناء ، لديها بنات كثر كالنمل ، ولابد أنهم سيرحبون به .. ويهللون لقدومه ، وقع اختيارهم على إحداهن ، ولكنها ألقت سياط رفضها في وجهه قائلة أنه أكبر منها بكثير فهي ما تزال في طالبة في مقاعد الدراسة ، ولما جاوزا الطلب لأي واحدة من أخواتها ، زعقن رفضا بأنه اختار أختهن السابقة دونهن في البداية ..
غادرهم وموجه من الغضب تموج في داخله : " إنهن فعلا ناقصات عقل ودين " ..

* * *


استفحل به شبح اليأس .. شهور وهو يدور مع أمه من بيت إلى بيت ومن منطقة إلى منطقة ، بل لم يتركوا بقعة واحدة من المناطق المجاورة ، والأبواب توصد في وجهه ، منهن من تقول أنه بدين ، وأخرى ترى أنه طويل أكثر من اللازم ، وبنت فلان تنعته بالجاهل ، وأخرى تطلب مهرا يقصم الظهر ، وفتيات المناطق الأخرى رفضن بحجة رفض فتيات منطقته الذي ترعرع معهن في سنن الطفولة ، حتى أمه المسكينة ما عادت تهرق دمعها طلبا لغطيط الأحفاد ..
غير أن بصيصا من النور ومض في داخله عندما اقترح عليه أحد أصحابه أن يتزوج من أجنبية ، فهن أرخص ولا يسببن وجع الرأس كبنات البلد ..
ولما توجه للجهات المختصة طلبا للإذن ، قذف العامل معاملته في وجهه وهو يذعن : " سنك القانوني لا يسمح بذلك ، عد عندما تكون مخرفا وإحدى رجليك في القبر وأخرى في الحياة " .. !
شق قدميه الثقيلتين بينما تناهى إلى أذنيه وهو يغادر بجسده صوت العامل وهو يضرب كفا بكف مع زملائه في المكتب قائلا : " لا حول ولا قوة إلا بالله ، بنات البلد مكدسات كالذباب في الوطن وهو يفتش في خارجه .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. اللهم ثبت عقول الشباب ..!"

* * *


قلّب الهاتف بين يديه .. وعزم على الاتصال بمحمود كي يأخذ منه أشرطة الفيديو ومفاتيح دخول القنوات والمواقع الاباحيه ، وينسف فكرة الزواج نهائيا من حياته ..
قهقه محمود الذي رحب به وبطلبه ، واتفقا أن يستلم ما طلبه منه في العمل ..
وعندما أطبق على أنفاس هاتفه النقال .. رأى أنه منتصب كالنخلة أمام إحدى محلات لبيع أقمشة نسائية ، كان محلا فاخرا يكتظ بالنساء من أشكال وأحجام مختلفة ، قذف لعانه في سره لهن وهو ينعتنهن بالبغايا ، غير أن منظر إحداهن على الواجهة المحل كان غريبا .. كانت تحدق فيه بابتسامة مغرية يشق شفتيها العليا والسفلى كرزتين مضمختين بحمرة قرنفلية ويسفر عن أسنان لؤلئية داخ معها بأحلامه وهو يجاريها بابتسامة أكبر ..
قرر أن يتجرأ ويقترب منها ، دفع الباب .. توجه نحوها مباشرة .. رغم أن صفا من النساء تكتلن حولها ، وكلهن غانيات .. غير أنها هي من خفق قلبه لها من أول نظرة ، كانت ترتدي بنطالا من الجينز مع قميص وردي مقلم باللون الذهبي اللامع ..
" يااااأالاه .. على تلك الجبال الشامخة في مقدمة صدريتها المكشوفة .. "
رأى أن ابتسامتها مشجعة على الاقتراب أكثر ، فاقترب منها حتى كادت أنفاسه تلامس وجهها الغض ببياض الزنبق النقي ..
هل يضع يده السمراء على يدها البيضاء ، سرعان ما تراجع عن هذه الفكرة الشيطانية .. خصوصا أن أنظار المارة الكاشفة بدأت تلتهمهما ..
وودعها حيث هي ، بعد أن تأكد أنها مرابطة في هذا المحل دوما ..


* * *


كل يوم وهو يرابط عند بوابة المحل الزجاجي اللامع والابتسامة الساحرة ذاتها تشرق بين شفتيها منفرجتين لذة ، مرة يراها بالجينز الأزرق الضيق ممزق عند حواف الكوعين يعلوه قميص من الشيفون الأحمر بلا أكمام تزين صدريتها حبات من الفصوص الفضية البراقة .. ومرة أبصرها في فستان ذهبي تتمايل فيها كخصر أفعى رشيقة ، يرتفع بانسيابية كنك يستر عنقها الطويل ممشوق البياض وينفرج بفتحة ضيقة بين النهدين الضاجين في حبسهما السافر ..


* * *


تعشش في داخلها ودارت أمانيه حولها غير قادر أن يتنفس امرأة أخرى ، ظلت لليال وهي تذرع في مخيلته بابتسامتها الطاغية ، وقرر أخيرا أن يمتلكها ..
جرى إلى أمه ليزف لها خبره ، ولما أخبر أمه لم تصدق أذنيها ، وظلت تهاجمه بسيل أسئلتها عن أهلها وفصلها ومن أي منطقة قطفها ..
خرج من عندها وهو يردد بحبور : " ستعرفين كل ذلك لاحقا " ..

* * *


جهزت أمه كل تفاصيل الحفل ، بعد أن بعثت بطاقات الدعوة لكل الناس ..
بينما توجه هو إليها ، وأقعدها إلى جانبه ، حتى أن مهرها لم يكلفها كثيرا ، وأخذا يجوبان معا المحلات التجارية لشراء مستلزمات الزواج من قمصان النوم والملابس الداخلية والأحذية والحقائب اليدوية .. الخ ..
ولما عانق جسدها ثوب الزفاف لم يصدق عيناه ، وظل يلقي على مسمعها وبيلا من كلمات الغزل ..
حتى وصلا إلى صالة الأفراح ، والناس تجمهروا من كل حدب وصوب ، ليتعرفوا على العروس الفاتنة ، هاتف أمه أنه وصل مع عروسه وأخبرها أنهما سينزلان معا ..
كانت القاعة مظلمة .. وأضواء الملونة الوامضة تتراقص بخفوت سافر ، وارتفع صوت موسيقى الزفة يفترش القاعة كلها في سكون هامد ، بينما الأعين كلها منتصبة على منصة النزول ، والبوابة تشرع كما الصدفة بهدوء يستفز فضول الحاضرين .. أمه بدأت تزغرد وتبكي في آن ..
دخلا معا .. والابتسامة الساحرة إياها على شفتيها المغريتين بحمرة ، والناس بعضهن شهقن وبعضهن غرقن في ضحكن متواصل ، وأخرى تحوقل بعجب الدنيا والناس ..
بينما هو يجر دمية ( المنيكان ) بابتسامتها الساحرة خلف وميض من أضواء الملونة الراقصة ..

السبت، 7 نوفمبر 2009

شروط الزواج




شروط الزواج / الكاتب الإيراني كيومرث صابري



حينما خرجت من الدائرة ، بدأ الثلج ينهمر حبة حبة ، حينما وصلت إلى الرصيف ، كانت الأرض قد اكتست ثوب البياض على مد البصر .
رفعت ياقة معطفي ، وأخذت الطريق أمامي ، لا يزال أمامنا من الشتاء الكثير ، قلت لنفسي إذا استمر البرد هكذا ، فسوف نرى الويل حتى آخر الشتاء . حينما دخلت البيت ، شاهدت والدتي في الباحة تجمع الغسيل عن الحبل ، منذ عدة أعوام ، وأنا أمازحها عند هطول الثلج :

_ أماه ، جاءنا برد يقتل العجائز ! واليوم حينما هممت أن ألهج بهذه العبارة ، بادرت هي للقول :

_ يبدو أنه برد يقتل العزّاب ، أليس كذلك ؟ لم يكن في بيتنا عازب غيري ، أطلقت الوالدة مزحتها بعد عدة سنوات ! ذهبت مباشرة إلى غرفتي ، أوقدت المدفأة ورحت أتملى الصقيع من خلف النافذة ، سئمت النظر للصقيع ، في عالم الأخيلة المجنحة ، سافرت نحو فتيات الأقارب :

_ زري ؟ سيمين ؟ عذراء ؟ مهوش ؟ بروين ؟ على فكرة ، ربما جالت فتاة في خاطر أمي ، دفعتها لمزحتها هذه ... نيران فتيات الأقارب لم تسخِّن لنا قدح الماء ، في عالم الأخيلة المجنحة أيضاً ، هششت بعصاي على غربان فتيات المحلة :_ سوسن ؟ مهري ؟ مرضية ؟ ابنة كربلائي تقي ؟ ابنة جم بناه ؟ ابنة...؟لو لم تدخل والدتي الغرفة ، لما علم إلا الله .. كم كنت سأسافر مع هذه الأوهام ، قالت وهي تدفئ يديها :

_ قل لي ، ما رأيك في زينب ، ها ؟ ابنة آقا بالاخان ؟! يقولون أن القلوب سواق تلتقي ، ولكن ثبت لي يوم ذاك أن الأدمغة أيضاً سواقٍ تلتقي .... يبدو أن والدتي شعرت أني أفكر بهن ...
قلت لها : اسمعي يا أماه ، لحد الآن لم أقل أي شيء ، ومن الآن فصاعداً لك أن تفعلي ما تشائين...ولكن بالله عليك لا تلقي بنا في بئر؟
قالت : أبي بئر يا ولد ... أنا التي ابيضت جدائلي في هذه المحلة ، لا أعرف بناتها ؟ ابنة أقا بالا خان أنسبهن لك ، كلما رأيتها في الزقاق تخيلت يداها في يدك ، لقد خلقتما لبعضكما !

_ لا اعتراض لدي ، ولكن ماذا عن والدها ؟ هل يزوج أقا بالاخان ابنته لموظف مسكين مثلي ؟

_ ولم لا ؟ ... إنها ابنة آقا بالا خان على كل حال ، ليست ابنة السلطان .
_ ولكن آقا بالا خان ليس بالقليل ، أولاً هو ( آقا ) (1) وثانياً (بالا) وثالثاً (خان) (3) ... أليس ثرياً .. ماذا يعوزه إذن ؟ لا داعي للتفكير في هذه الأمور . دعني أتصرف أنا ... هل أذهب ؟
_ نعم ، اذهبي وأعدي لنا الغداء ... أنا جائع جداً!
_ أذهب لأعد الغداء ؟
_ نعم ماذا إذن ؟
_ أردتُ أن أذهب لبيت آقا بالا خان لأتحدث في الأمر مع زوجته زرين(4) خانم ! .
_ بهذه السرعة ؟
_ ليس بهذه السرعة طبعاً ... أنتظر حتى العصر وأذهب .
تريثت قليلاً ثم قلت : _ حسناً , لا بأس !
انصرفت أمي فرحة نحو أعداد الغداء ، تمددت أنا على السرير لأفكر في زوجتي القادمة ...
البرد يشتد لحظة بعد أخرى ، برودة السرير تستفزني أكثر ، حقاً كأنه البرد قاتل العزاب الذي تحدثت عنه أمي !


********


حينما عادت ٍأمي من بيت آقا بالا خان كان الليل قد أرخى كل سدوله ، ولكن حتى في هذا الظلام ، يمكن رؤية فكها الأسفل ساقط لحاله وفمها فاغر من الوجوم .
_ ها ما الخبر ؟ وقفت في الغرفة كأنها ملك الموت أو من شاهد ملك الموت .
_ ألم أقل لك أن آقا بالا خان ليس قليلاً ؟ ... ماذا قال ؟
قالت بصوت مرتجف : لم يكن في البيت ، تحدثتُ مع زوجته ... وابنتها كانت أيضاً .
_لم يوافقوا ؟
_لا يمكن القول أنهم لم يوافقوا ، ولكن قالوا يجب على العريس أن يغير أصدقاءه .يرعى نفسه ومظهره أكثر ، ويعود في المساء باكرا إلى بيت ، ليتعود على ذلك من الآن .
_ ماذا قالوا أيضاً ؟ سألوا هل عنده بيت وسيارة ؟ قلت لهم : لديه ماكينة حلاقة ، وسيشتري السيارة لاحقاً إن شاء الله ! والبيت أيضاًً يمكن التفكير فيه ، أودع مائتي ألف تومان في المصرف ليضيف إليها قريباً ، والبيت أيضاً سيشتريه فيما بعد إنشاء الله !
_ ثم ماذا ؟ قالوا إن شهادته الدراسية جيدة ، لكن راتبه قليل ! وعليه أن يقدم قطعة ملك ضمن مهر العروس حتى لا يتحدث عنا الأقرباء بسوء .
_ ثم ماذا ؟
_ ثم إن ابنتي لا تجيد أعمال البيت ، لذلك عليه أن يستأجر لها خادمة وخادماً !
_ ثم ماذا ؟
_ ثم قالوا : فضلاً عن هذا أسمحوا لنا أن نفكر في الأمر ، ونتحدث مع والدها ، ونعلمكم الجواب بعد ثلاثة أشهر ! ... _ ودعتهم ورجعت ... وأنا أيضا ودعت أمي وذهبت لأقضي ليلتي مع الأصدقاء في لهو الشباب حتى لا يبقى اللهو حسرةً في النفس إذا تزوجت .
لم يخبرونا بشيء خلال الأشهر الثلاثة ، كانت الأيام الأخيرة من مهلة قانونية سبقت حكماً وزارياً بنقلي إلى الجنوب ، حينما كانت والدتي تحزم الأمتعة ، أوصت أقدس خانم زوجة جيراننا مرتضى خان ، أن تتصل في رأس نهاية الأشهر الثلاثة بزرين خانم وتكتب لنا النتيجة .


***********


وصلتنا رسالة أقدس خانم ونحن في الجنوب ، علمتُ أن زوجة آقا بالا خان بعثت في اليوم الأخير من الشهر الثالث خبراً : ( إذا لم يغيِّر العريس أصدقاءه فلا ضير , ولكن عليه أن ينفذ باقي الشروط ! ) بعد أشهر وصلت رسالة أخرى تقول :( قالت زوجة آقا بالا خان ، لا ضير إن لم يرع نفسه ومظهره ، لكن عليه أن ينفذ سائر الشروط . ) وبعد أشهر أخرى وصلت رسالة أخرى : ( لا مانع أن يعود متأخراً في الليل ، ولكن لا يتأخر كثيراً فتبقى ابنتي لوحدها ... وعليه طبعاً تنفيذ الشروط الأخرى !) الوقت ينقضي بسرعة ، بعد كل خمسة أو سته أشهر تصل رسالة من أقدس خانم تعلن عن إلغاء أحد الشروط السابقة : زوجة آقا بالا خان جاءت لبيتنا بنفسها وقالت : _لا داعي للسيارة أيضاً K لأن زحام الشوارع لا يشجع على اقتناء سيارة خاصة !... ولكن يجب أن ينفذ العريس باقي الشروط ! قالت لي زرين خانم في الحمام : قال آقا بالا خان البارحة : لدينا بيت ولا ضرورة لأن يفكر فيه ، لكنه يجب أن ينفذ سائر الشروط . ....آقا بالا خان وزوجته أخبروني البارحة :يمكن التنازل عن قطعة الملك في مهر العروس ، لكن الأمور الأخرى مهمة ! .
اليوم رأيت زينب نفسها في الزقاق ، المسكينة تملكها الهزال بشدّة...
قالت : أعيش حتى براتبه القليل ، ولكن لابد أن يستأجر لي خادماً وخادمة ! ...


***********


لا أدري بالضبط كم من السنين أنقضت ، لكنني أعلم أن ابنة آقا بالاخان بلغت السن الذي تسمى من تبلغه ( عانساً ). العوانس إذا كن واقعيات يجب أن لا يفكرن في الزوج ؛ لكيلا تنقبض قلوبهن كلما رنُّ جرس البيت !...شيئاً فشيئاً ، كدت أنسى الموضوع ... خصوصاً وأن أقدس خانم قطعت رسائلها ... حياتي كانت تجري في سياقها الطبيعي ، إلى أن وصلتني ذات يوم رسالة لم يكن لي عهد بالخط الذي طرز بياضها ، فتحت المظروف على عجل .
كُتب فيها : ( السيد برهان بور ) ... بعد التحية ، وددت أن أخبركم ، لأجل استئناف قضية زواجنا ، لا حاجة حتى للخادم والخادمة ، لأنني طوال هذه الفترة أتقنت في مدرسة بيتنا كل الأعمال المنزلية من طبخ وخياطة وتجميل وحلاقة وتطريز ، وحزت فيها على شهادة دبلوم . ( أنا بانتظار جوابكم , الجواب , الجواب , الجواب .... زينب ) .
في اليوم التالي ، حينما أفرغ ساعي البريد صندوق حارتنا كانت رسالتي ذات الأسطر المعدودة من جملة ما فيه من رسائل . كتبت لها : السيدة الفاضلة زينب خانم ! قرأت الرسالة التي بعثتها ، لكنني لم أفهم بالضبط من الذي تقصدينه من ( السيد برهان بور) ؟ إن كان قصدك أحمد برهان فهو يدرس حالياً في الصف الأول الابتدائي ولا شأن له بهذه الأمور ، وأنا والده ... ولا أعزب غيره في البيت ! أبلغي سلامي للوالد والوالدة ..... ( قربان علي برهان بور( . على فكرة ، نسيت القول أنني بعد شهرين من نقلي إلى الجنوب ، تعرفت على فتاة شيرازية سوداء الشعر والعينين ، لم يكن لديها أي تحفظ على أصدقائي أو مظهري أو تأخر عودتي إلى المنزل ، ولم تطالب بمنزل وسيارة وراتب ضخم أو قطعة ملك لمهرها ... فضلاً عن هذا ، كانت بارعة في الطبخ وأعمال المنزل ... والأهم من كل هذا إن والديها لم يكونا ( آقا بالاخان ) و( زرين خانم ) .


(1) بمعنى : السيد .

(2) بمعنى : الأعلى أو الرفيع .

(3) بمعنى : الإقطاعي .

( 4 ) بمعنى : عسجد أو ذهب .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


كيومرث صابري :


يعتبر كيومرث صابري رائد السخرية في عصر الجمهورية الإسلامية، وُلد هذا الرجل الذي اشتهر بلقب شخصيته الساخرة (كل آقا) عام 1942م في منطقة صومعة سرا، عاش طفولة فقيرة، اشتغل معلما ثم حصل على ليسانس في الآداب من جامعة طهران، ولج عالم الكتابة الساخرة منذ أيام شبابه الأولى، ثم كتب في مجلة توفيق الساخرة التي لم تدم طويلا، مما شجعه على تأسيس مجلة (كل آغا) التي ستكون أول منبر ساخر في إيران عام 1960م إذ استقطبت أقلاما شابة، ومنها تخرج الكثير من كتاب السخرية في الأدب الفارسي الحديث، حظي كيومرث صابري بثقة رئيس الوزراء الإيراني شهيد رجائي في صدر الثورة فعينه مستشارا ثقافيا وإعلاميا عام 1982م، إلا أنه استقال بعد عامين واعتزل العمل السياسي متفرغا للكتابة الساخرة المنتقدة للحكومات المتعاقبة، وفي العام 1999م لقبه الرئيس محمد خاتمي باسم (كل آقا) الشعب الإيراني، وفي العام 2003م أوقف صابري صدور مجلته (كل آقا)، وبعدها بفترة قصيرة توفي نتيجة إصابته بمرض السرطان.

الجمعة، 6 نوفمبر 2009

مبتسمون



ترى ما سر ابتسامتهم تلك ..؟!