السبت، 28 أبريل 2012

دعوة لمهرجان الشارقة القرائي ..


دعوة : أصدقائي / صديقاتي .. أدعوكم غدا .. الأحد الموافق 29 / 4 / 2012م لحضور مقهى ثقافي في اكسبو الشارقة من الساعة 6 إلى 7 ضمن فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل تحت شعار " اكتشف أصدقاء العمر " .. وورقتي ستكون عن " الطفل الموهوب " .. حضوركم سوف يشرفنا ويسعدنا :)

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

أطفال قاب قوسين أو أدنى من الموت ..



أطفال قاب قوسين أو أدنى من الموت ..

جريدة الرؤية العمانية

إذا ما كان ثمة أطفال وفق المصور الاسترالي " جيمس موليسون " في كتابه " حيث ينام الأطفال " تختلف أنماط حيواتهم وأحلامهم وفق مكان وأفرشة نومهم وهو مشروع تبناه بالتجوال بين بيئات يترعرع فيها الأطفال من مختلف دول العالم بمقارنة سبل معيشتهم وهي مقارنة ربما يراها البعض مجحفة تظهر التناقض الفاغر بين الأغنياء والفقراء ..
ولكن في الوقت ذاته في الجزء الآخر من العالم ثمة أطفال محظوظين ॥ لكونهم ولدوا وترعرعوا في بيئات احتضنتهم وأوجاعهم وأحلامهم بكرم مفرط قلّ أن نجد له مثيلا .. فأكثر من ५०० طفل مريض من مواطني و مقيمي دولة الإمارات العربية المتحدة تحققت أحلامهم وغدت أمنياتهم تمشي على أرض واقعهم وذلك بفضل مؤسسة رائدة وهدفها " تحقيق أحلام الأطفال المصابين بأمراض شديدة الخطورة وفي أعمار من ثلاثة إلى 13 عاما "وهي مؤسسة خيرية وتطوعية مجمل هدفها منصب على أطفال مصابين بأمراض خطيرة وشبح الموت يهددهم في أي وقت كـالسرطان والثلاسيميا وأمراض الدم وتولت هذه المؤسسة تحقيق أمنياتهم مهما غدت كبيرة أو صعبة أو باهضة التكاليف مع تحملهم كافة النفقات المالية الضخمة دون أن يحمّلوا الطفل وأسرته درهما واحدا ..
وانفتح باب الأحلام كما في قصص وحكايات الأطفال الأسطورية على مصراعيه ليستقبلهم بحفاوة وهناك من كان يحلم بمصافحة ميكي ماوس في مدينة ديزني العالمية وبالفعل تحققت أمنيتهم بالسفر مع أسرهم والبعض مدد أحلامه إلى المدن السياحية الكبرى مثل باريس ولندن وآخرون كانت أمنياتهم تختصر حول امتلاك جهاز كومبيوتر محمول أو هاتف جوال ॥ ومنها من حلمت أن تكون أميرة كإحدى أميرات القصص الأسطورية وآخر أصبح رجل شرطة يحرر المخالفات للكبار في الشوارع العامة ॥ كل هذا وأمتع فخيالات الصغار لها أجنحة سحرية مشحونة على بساطتها بالدهشة وزخم البراءة ..
وقد أكد الأطباء المشرفون على أحوال الصحية للأطفال أن حالتهم النفسية قد فاقت درجات عالية من التحسن واستجابوا للعلاج ونسوا آلام الجسد بصورة أسعد هؤلاء الأطباء المعالجين..
لا شك أن الاهتمام بالأطفال الأصحاء و توفير بيئة صحية لهم يؤهلهم لمستقبل حافل بالانجازات هو أمر في غاية الإستحسان والأهمية ، ولكن أن ينصب اهتمام خاص على صغار مدة بقائهم في الحياة قاب قوسين أو أدنى فهو انجاز إنساني استثنائي في زمن اللانسانية وزمن اللامبالاة..
تترأس هذه المؤسسة الإنسانية التي ابتدأت مشروعها مذ عام 2003م الشيخة " شيخة بنت سيف آل نهيان " ويقوم على إدارتها مجلس إدارة وفريق من المتطوعين وتمارس مهامها من خلال تبرعات الأفراد والمؤسسات والمنظمات والشركات ويستطيع أي شخص أن ينضم إليها للعمل متطوعا ..
إنه ثمرة عمل جماعي ساهم فيه جوقة من الأفراد والمؤسسات لأهداف نبيلة ولرسم ابتسامة كبيرة على وجه طفل صغير مريض على وشك الموت ..
ومما يستدعى قوله أن هذه المؤسسة استعارت فكرتها من إحدى المؤسسات الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية ويبدو أن دولة الإمارات هي الوحيدة عربيا التي طبقت هذا المشروع الإنساني ॥ وهي عملية ملفتة للنظر أن تسعى دولة ومؤسساتها للتفاعل في مشاريع انسانية تساهم في خير البشرية ॥ في زمن النصب والسرقات التي شهدنا الكثير منها عبر قطاعات الوطن العربي من خلال انجاز مشاريع وهمية غرضها السلب ولا شيء آخر ..!
ومن ناحية أخرى هناك من تسعى إلى تخصيص أموال طائلة لتبني مشاريع وطنية عبر تقليد الأعمى لعديد من المشاريع الغربية وتبني أفكارها الصارخة في مجالات مختلفة تلك التي تدر الملايين من الأموال لكن ندر أن نجد من يمد منهم يده ويتصدق بقليل من بلايينه المتراكمة في مشروع مستعار من الغرب لأجل رسم ابتسامة على وجه طفل مريض أو وجه إنساني على وجه العموم .. !
كيف يمكن أن نلقي اللوم أو نذرف العتاب و في ضفاف هذا الوطن العربي وبقاعاته من يشتري الراجمات والصواريخ لا كي يذود عن كرامة وإنسانية شعبه ، بل كي يمحق بإنسانيته ويبيده من على وجه الخليقة كأفظع ما يكون عليه همجيات تقتيل البشري وأعتاها وحشية تلك التي تغتال أول ما تغتال براءة مرسومة على وجوه الأطفال والأمثلة شاخصة من خليجنا إلى محيطنا.. ومن الحسرات المتفاقمة يبتلع الإنسان العربي المكبوت غصته ويسكت ..!

ليلى البلوشي


الثلاثاء، 17 أبريل 2012

حيث ينام الأطفال ..!



حيث ينام الأطفال ..!

جريدة الرؤية العمانية

" حيث ينام الأطفال " ॥ كتاب يحكي عن تفاصيل حياة الأطفال وغرفهم وأفرشتهم وأحلامهم ॥ هو مشروع للمصوّر الاسترالي " جيمس موليسون " يظهر أطفالا من مختلف دول العالم ويقارن غرف نومهم ، استدعى هذا المشروع من " جيمس " أن يسافر عبر العالم لتحضير المشروع الذي دونه في هذا الكتاب ملتقطا بعدسة كاميرته حتى أدق تفاصيل حياتهم ..
ووفقا للمصور يلعب البيت الذي يعيش فيه الطفل والغرفة التي ينام فيها دورا أساسيا في تكوين شخصيته ॥ وحشد أنماطا مختلفة للعيش حسبما بيئة وطبيعة مكان كل طفل وموطنه .. على سبيل المثال الطفل " لامين " عمره 12 سنة يعيش في السينغال ، تلميذ في مدرسة قرآنية في قرية يمنع فيها دخول البنات ॥ غرفته مشتركة بينه وبين صبيان آخرين .. ينامون على فرش بسيط يستيقظ " لامين " كل يوم على الساعة 6
صباحا للعمل في مزرعة المدرسة حيث يتعلم الحفر والزرع وحصد الذرة ويقلب الأرض بمساعدة الحمير ويدرس القرآن في فترة الظهيرة ॥ هوايته لعب كرة القدم مع أصدقائه في وقت فراغه ..
بينما الطفل " جايمي " عمره 9 سنوات يعيش مع والديه وأخاه التوأم وأخته في شقة في الشارع الخامس بنيويورك ويدرس " جايمي " في مدرسة راقية وهو طالب مجتهد يتدرب في أوقات فراغه على الجودو والسباحة ويحب دراسة التمويل ويتمنى أن يصبح محاميا ..
" إنديرا " طفلة عمرها 7 سنوات تعيش مع والديها وأخوها وأختها في " كاثماندو" بالنيبال بيتهم عبارة عن غرفة واحدة فيها فراش واحد ، عندما يحين وقت النوم يفترش الأطفال الأرض وينامون جنب بعضهم البعض ، هذه الطفلة تشتغل بمنطقة استخراج أحجار الجرانيت منذ كانت في سن الثالثة ، فالأسرة فقيرة وعلى الجميع العمل ، يتراوح ساعات العمل 6 ساعات يوميا وعندما تعود البيت تساعد والدتها في التنظيف والطبخ ومع ذلك تذهب إلى المدرسة الذي يبعد عن منزلها نصف ساعة مشيا وتحلم حين تكبر في أن تصبح راقصة ..
الطفلة " ياسمين " يدللونها بلقب " جازي " 4 سنوات ॥ تعيش في بيت كبير في ولاية كنتاكي بالولايات المتحدة الأميركية مع والديها وإخوتها الثلاثة ، يقع بيتهم في الريف وحوله أراضي زراعية ، تمتلئ غرفة نومها بالتيجان والأوشحة التي حصلت عليها في مسابقات ملكات الجمال حيث شاركت في أكثر من 100 مسابقة ، وفي أوقات فراغها تتدرب " ياسمين " على تقديم عروض الأزياء على يد أحد المدربين وتحلم أن تصبح نجمة لموسيقى الروك ..
عرض المصور في كتابه حالات كثيرة موّثقة بصور ، حالات تشف تباين مستويات المعيشة وتعاطي الطفل في تلك السن الصغيرة مع محيطه بأحلامه وهواياته ..
ولكن السؤال هل مكان الإقامة أو الوطن الذي ينتمي إليه الطفل هو حقا يحدد مستقبله ॥؟ ألا تغدو بعض الصعوبات في بيئات مقفرة هي التي تخلف تحديات هائلة تتبلور في نفس الطفل فتحدد مصيره حين تكبر توجهاته في المقابل ألا تغدو البيئة المرفهة مطية فشل وفقدان تحديات الطموح ..؟!
لا أدري لم قفز ببالي " مالكوم اكس " يوم كان تلميذا صغيرا ॥ " مالكوم اكس " أشد السود غضبا في أمريكا ॥ وربما انفقأت جمرة الغضب والأسى في داخله .. حين كان أحد تلاميذ نهاية المرحلة الثانوية ॥ وطلب منهم أستاذهم أن يتحدثوا عن أمنياتهم في المستقبل فتمنى مالكوم أن يصبح محاميا غير أن الأستاذ نصحه بأن يلغي المحاماة من خيال أحلامه ؛ لأنه زنجي وعليه ألا يحلم بالمستحيل فمهنة المحاماة مهنة غير واقعية له والأنسب لمن هو في وضعه أن يعمل نجارا ..!
وهذه الكلمات غدت قذيفة مرارة وقسوة على وجدان مالكوم ॥ فالأستاذ بارك أمنيات جميع التلاميذ عدا صاحب الجلد الأسود لأنه في نظره لم يكن مؤهلا لما يريد تحقيقه .. !
ولكن تمرد " مالكوم أكس " أثرّ في مسيرة تاريخ السود ॥ ولعل الفضل يعود إليه وإلى كل المتمردين السود بطريقة ما إلى تزعم " باراك أوباما " رئاسة أمريكا اليوم ..!
عاش " مالكوم اكس " في دولة قوية وديمقراطية لكن ديمقراطيتها كانت فقط لأصحاب الجلود البيضاء وقوتها فقط ساندت فئات معينة ..
ليست الأوطان هي التي تحدد مصير أطفالها الخائضين في غمارها بقدر ما يحددها أفكار الكبار وسياسات تعاطيهم مع الصغار ومدى مطامعهم من ثروة لا تقدر بثمن تدعى " طفولة " ॥ فلو أننا وجهنا أنظارنا ولو قليلا إلى شطر دولة تدعى " أوغندا " حيث الطفولة
ضائعة هناك ولا ملامح لها ولا كيان سوى أن أرضهم أنجبتهم فقط ليكونوا عبيدا في يد رجل قوي السلطة اجتمعت فيه كل خصال الجشع والوحشية يدعى " كوني " الذي يمتلك أكثر من 30 ألف من أطفال أوغندا ، تعلموا كيف يقتلون بدم بارد بعد أن اغتال طفولتهم وبراءتهم إلى الأبد بقتلهم لآبائهم كتجربة أولى لخوض عالم الجريمة وليفرغ قلوبهم من الرحمة تجاه أي كائن .. !
" كوني " وهو المطلوب رقم واحد على لائحة أعتى المجرمين في العالم وهي القائمة نفسها التي حوت اسم " القذافي " في المرتبة رقم 24 وتحته اسم ابنه " سيف الإسلام " فلكم أن تتخيلوا حجم الرعب والاستبداد والمآسي التي خلفها المدعو " كوني " في العالم ليكون المطلوب رقم واحد في جرائم حق البشرية والصغار خاصة ..؟!
تختصر حكاية الحقيقة في طفل أفريقي التقى صدفة بمصوّر أمريكي ليكتشف المصور بأن هذا الطفل يعيش وكل أطفال قريته " أوغندا " في رعب عظيم من الخطف والتنكيل بهم على يد مجرم لا يعرف الرحمة اسمه " كوني " حيث الأطفال هما فئتان في قائمة هذا الرجل ॥ أما الذكور للقتل وحمل السلاح أما الفتيات للدعارة ..!
ليت المسألة وحدها اختصرت في مكان فراش الطفل الذي ينام برعاية الملائكة في أي فراش ومهما غدت نعومته أو خشونته براحة تامة إذا ما كانت الأجواء محيطة به مطمئنة ॥ أقول هذا وقلبي على ملايين الأطفال الذين يفرشون السماء وهي تبللهم ليس بالأمطار والثلوج وحدها بل بالراجمات والقنابل والغازات الضارة كما في سوريا كما في فلسطين والعراق كما في كل وطن مدجج بالسلاح..!
أضم صوتي لابتهالات د। " ناتانا ديلونج باس " المختصة في شؤون الأديان المقارنة : " ليغفر الله لنا جميعا ؛ لأننا نسمح لأي طفل أن يعيش في جو يحكم فيه الحقد والخوف في حياتنا ، الكبار في هذا العالم مدينون لأطفالهم بالتزام أن يتعلموا كيف يصنعون ويفهمون بعضهم بعضا ، حتى يتسنى لنا جميعا أن نعيش في بيئة يتم فيها احترام كرامة إنسانية وديانة الجميع فسلامتهم وحياتهم تعتمد عليها .." ..

ليلى البلوشي

الاثنين، 9 أبريل 2012

الفتى الأسود صاحب السكاكر ..!



الفتى الأسود صاحب السكاكر ..!

جريدة الرؤية العمانية

في 26 من فبراير كان الفتى المدعو " ترايفون " عائدا إلى منزله فرحا بسكاكره التي اشتراها من محل قريب ولكن فرحته لم تكتمل فقد أردم بالرصاص من قبل المدعو "جورج زيمرمان " الذي كان يتولى دوريات المراقبة في الحي الذي يقيم فيه في منطقة سانفورد السكنية بضاحية أورلاندو ..
" ترايفون " فتى أسود في السابعة عشرة من عمره هاجت أهالي فلوريدا ليس بسبب مقتله وحدها بل لأن قاتله " زيمرمان " في 28 من عمره وهو من أصول اسبانية ما يزال طليقا ولم يسجن كونه عزا جريمته إلى الدفاع عن النفس ..
وهو ما حدا إلى تنظيم تظاهرات يومية في فلوريدا حاملين صور المقتول " ترايفون " مع سكاكر تنديدا بالتمييز العنصري والمطالبة بالعدل في القضية التي ما تزال ملابساتها غامضة ॥ وهذه التظاهرات امتدت إلى نيويورك وهو الأمر الذي جعل " أوباما " بكامل تأثره يقول عن القضية : " اعتقد أن علينا جميعا أن نفحص ضمائرنا لنفهم كيف يمكن لمثل هذا الأمر أن يحصل وهذا يعني أن علينا النظر في القوانين " ..
ويعني أوباما بالقوانين تلك التي تم سنها رغم الجدل حول قانون تم التصويت عليه في عام 2005م في فلوريدا بدعم من اللوبي الأسلحة والقانون الذي يطلق عليه مؤيدوه اسم " دافعوا عن أنفسكم " ومعارضوه " افتحوا النار أولا " يسهل اللجوء الدفاع عن النفس ..!
قضية هذا الفتى الأسود يعيد خضّ شكوك عديدة ما تزال شائكة رغم كل شيء في تاريخ الولايات الأمريكية عن مدى أبعاد " التمييز العنصري " ليس على مستوى القضايا والمؤسسات وحدها بل بين أفراد المجتمع الأمريكي بين بيضهم وسودهم رغم التطورات السلوكية التي طفت على السطح في التعامل فيما بينهم ورغم ترشيح رئيس أسود من قبل الشعب ..
ولعل تلك الشكوك يؤكدها على الأقل مؤلفات كتابهم أو كل من يقيم أمريكا من أو أوروبا من أصل أفريقي ॥ وفي وقت قريب صدر كتاب فرنسي يدعى " نحيب الإنسان الأسود " لمؤلفه " آلان مابانكو " أستاذ في جامعة كاليفورنيا وكان كتابه ردا على كتاب عالم الاجتماع والمفكر الفرنسي " باسكال بروكنر " الذي كان بعنوان " نحيب الرجل الأبيض " ..
يقول " آلان مابانكو " في مقدمة كتابه : " أنا أسود ، هذا يبدو على وجهي وأخوتي السود الذين أصادفهم في باريس ينادونني : أخي ॥ فهل نحن بالحقيقة أخوة ؟ وما الذي يجمع بين الأسود من جزر الأنتل وآخر من السنغال ، وأسود من مواليد الدائرة العاشرة في باريس إذا لم يكن سواد البشرة الذي يتم اختزالهم فيه ؟ "..
بالمعنى هو ينبذ الهوية الأفريقية الشائعة على أنها " هوية سوداء " ॥ وهذا ما تؤكده أيضا الكاتبة النيجيرية المقيمة في أمريكا " شيماماندا نغوزي أديتشي" قالت في إحدى حواراتها : " اللون الأسود قد عنى أشياء كثيرة وهذا هو الذي ما أزال أقاومه – النظريات البالية التي تأتي مع اللون الأسود – وحين أقبلت أتذكر أن شخصا ما قال لي ، رجل أسود خاطبني قائلا : " أيتها الأخت " ..فكرت : " هل أنت مجنون ؟ لست أختك ॥" ثم أضافت بقولها : " إذا كانت هنالك أشياء جيدة تتعلق بالولايات المتحدة لا اعتقد أنها بــ" انتمائنا لجماعة واحدة " ..
ثمة أشياء تتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية لا اعتقد أنها موجودة في أي مكان آخر ॥ هذا ما أكدته " شيماماندا " خاصة وهي تذكر أن لحظة مجيئها أمريكا عرفت أول مرة أنها سوداء ॥ ولم تكن واعية بعرقها من قبل وجرى ذلك في مخزن للكتب حيث أقبلت إليها امرأة وقالت لها بصوت قصير وحاد : " ألم تري القسم الأفريقي –الأمريكي ؟"

الحشد الجماهيري ما يزال ناقما في شوارع فلوريدا وأحياء نيويورك وهو تجمهر لابد منه ليس لنيل التعاطف إلى القضية فقط بل لأن الحق غدا في هذا الزمن الشحيح بالعدل لا يستدعى سوى بالقوة والقوة وحدها وهذا ما أكده " مالكوم إكس " - أشهر مناظلين السود في الولايات المتحدة الأمريكية - :" لقد تعلمت باكرا أن الحق لا يعطى لمن يسكت عنه ، وأن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد "..

ليلى البلوشي


الثلاثاء، 3 أبريل 2012

حيّونة الإنسان ..!



حيونة الإنسان ..!

جريدة الرؤية العمانية

- ما الذي يدور في ذهنك عندما تقتل شخصا ..؟
- في أول مرة تكون غير واثق بأنك قادر على القيام بذلك ، لكنني لا أنظر إلى هؤلاء الناس الذين أقتلهم كبشر ولا أتساءل إذا كان لديهم أسر
وإنما كل ما أريد فعله هو الحفاظ على زملائي العسكريين في أمان ..
حوار أجرته مجلة " تايم " مع الجندي الأمريكي السابق في قوات البحرية الأميركية بالعراق " كريس كيل " والذي قتل حوالي260 شخصا وقد ألف كتابا عنوانه " قناص أميركي " ..
* *

" حيونة الإنسان " أي تحويل الإنسان إلى حيوان كي يبرر القناص أو الجلاد أو المعتدي قتله ॥! وقد أسهب الكاتب " ممدوح عدوان " في توضيح هذا المفهوم في كتاب يحمل العنوان نفسه وقال في مقدمة كتابه : " أرى أن عالم القمع المنظم منه والعشوائي الذي يعيشه إنسان هذا العصر هو عالم لا يصلح للإنسان ولا لنمو إنسانيته بل هو عالم يعمل على " حيونة " الإنسان ( أي تحويله إلى حيوان ) ومن هنا كان العنوان
ولعل الاشتقاق الأفضل هو " تحوين الإنسان " .. " ..
ترى ما الذي يجعل الآخر يحوّل البشر مثله إلى منزلة الحيوان أو تشييئه إلى أقل من الحيونة ..؟ ما هو غرض الجلاد وما هي مسوغاته للقتل
بدم بارد .. ؟ هل للجلادين ضمائر أم هم مجرد عبيد مأمورون ..؟ !
حشد من الاستفهامات ذرع عقلي حين قرأت اعترافات ذاك القناص الأمريكي المدعو " كريس كيل " وهالني موقفه البارد رغم أنه قتل أشخاصا عديدين بل كما روت مجلة " تايم " من أنه أكثر الأشخاص في تاريخ الجيش الأمريكي قتل ضحايا ..!
واسعفني كتاب " ممدوح عدوان " " حيونة الإنسان " الذي خصص بالتفصيل كيف يمكن أن يسوّغ الجلادون جرائمهم تجاه قاتليهم وكيف أن البعض منهم يفاخر بضحاياه وكأنه قام بعمل بطولي فذ قل نظيره ..!
ومن ضمن الأمثلة التي ذكرها كتاب " حيونة الإنسان " محاضرة ر।د لينغ بعنوان " الواضح " وهي المنشورة في كتاب " ديالكتيك التحرر " يشرح لينغ التجربة التي قام بها د। ستانلي ملغرام في جامعة بيل الأمريكية وهي ذات التجربة التي قدمها فيلم " أنا المقصود بإيكاروس
" من اخراج " هنري فرنويل " وتمثيل النجم الشهير " إيف مونتان" ॥ تجري التجربة على البشر بهدف الوصول إلى الجواب التالي : إلى أي مدى يمكن أن يصل الإنسان في إيقاعه الأذى بإنسان آخر أو تسبب الألم له وهو الذي لا تربطه به أي رابطة سلبية أو إيجابية وحتى معرفة مسبقة أو حب أو حقد أو مصلحة ..؟
ويكن الجواب في الفيلم أن أكثر من 60 % من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يصلون إلى أقصى الحدود المفترضة للقتل " طالما هناك سلطة يحترمونها أو يخافونها وهي التي توجه إليهم الأمر " ..
أما عن " المجازر الجماعية " وكيفية حدوثها بسلاسة من قبل القتلة ؛ فقد وضّح الدكتور المشرف على التجربة كيفية اتمام العملية بذكاء دون أن يشعر كل فريق بفعلته الشنيعة ، فالدكتاتور يقوم بتوزيع المهمات والمسؤوليات॥ هناك من يقومون بعمليات الاعتقال وآخرون بالتجميع وغيرهم بنقل المعتقلين بالسيارات وغيرهم أيضا بحراسة معسكرات الاعتقال وكل منهم لا يحس بأنه ينفذ مجزرة ، بل إنه ينفذ أمرا محددا صدر إليه ويتعلق بتفصيل يمكن عده منفصلا عن المجزرة ثم تأتي عمليات القتل النهائية والتي تقتضي وجود بعض العتاة الذين لا يصعب العثور
عليهم أو تدريبهم أو إعدادهم لكي يصيروا ملائمين لهذه المهمة ..!
إذا منفّذ التعذيب يتم شحنه بفكر معين وعواطف وأحقاد خاصة ، يشعر معها أنه يؤدي خدمة خاصة للسلطة التي يحترمها أو يخافها أو يهابها أو
للإيديولوجيا التي يؤمن بها وهذه السلطة هنا هي الحكومة أو الشعب أو الحزب أوالطائفة أو الجماعة ..
أما عن " الخصم " الذي يعتدي عليه الجلاد فإنه يصّنفه على أنه " لا إنساني " كما يقول دافيد كوبر في " ديالكتيك التحرر " و" غير الإنساني يصبح غير إنسان " وبهذا يمكن تدميره تدميرا تاما من دون أي احتمال لشعور بالذنب ..
وهذا ما يؤكده مقال للبروفيسور " رالف روزنتال " في " المجلة الأمريكية لعلم الإجتماع " قال فيه بأن الإبادة كي تنجح لابد من توفر أربعة عناصر على رأسها أن يكون منفذوا الإبادة على اقتناع تام بصحة عملهم وبأنهم يتصفون بالامتياز العنصري والإنساني من غيرهم .. وثانيها أن
يكون أمام المنفذين مجموعة تستحق الإبادة – من وجهة نظرهم – وثالثها أن توفر الأسلحة القادرة على التنفيذ بالسرعة المطلوبة أما رابعها أن تتم العملية وسط جو سياسي ومعنوي خاص لا يكترث لعملية الإبادة وإنما يقابل هذه العملية بالتفرج عليها..!
وتلك الأسباب بعينها حملها الجنود الأمريكيون في العراق لتنفيذ مجازرهم ودمارهم في حق البشربة وقد اعترف معظمهم أن الأمر كان أشبه بلعبة
الكيم " GAME" التي يمارسها الأولاد على الكومبيوتر..!
نعود إلى " حيونة الإنسان " حيث يوضح الكاتب " ممدوح عدوان " مدلول لفظة " الوحش " أو " الوحشية " أو " المتوحش " يوضح بأن اللغة فقيرة حين نضطر استخدام هذه الكلمات ؛ فإننا نتواطأ مع جنسنا البشري لكي نظلم الوحوش ॥! فقد دلت الأبحاث والتجارب على أن ما نصفه بالوحشية هو سلوك خاص بالإنسان ॥ و" إيريك فروم " يقول إن الإنسان يختلف عن الحيوان في حقيقة كونه قاتلا ؛ لأنه الحيوان الوحيد الذي يقتل أفرادا من بني جنسه ويعذبهم دونما سبب بيولوجي أو اقتصادي ويحس الرضى التام من فعل ذلك ..!
ويضيف " ممدوح عدوان " شاهدا آخر من كتاب" التعذيب عبر العصور " ترد فيه فقرة هامة في التمييز بين الإنسان والحيوان : " فالوحوش لا تقتل المخلوقات الأخرى من أجل الابتهاج والرضى فقط والوحوش لا تبني معسكرات اعتقال أو غرف غاز ولا تعذب الوحوش أبناء جنسها إلى
أن تهلكهم ألما ولا تستنبط الوحوش متعة جنسية منحرفة من معاناة أقرانها وآلامهم" ..
الحيوانات المسلحة بأنياب ومخالب والقادرة على القتل هي الأقل فتكا بأبناء جنسها .. إذ مع وجود السلاح الطبيعي القوي يوجد الكابح وهذا ما
نبهه " كونراد لورانزو " في كتابه " العنف " فهو رأى أن الكابح ضد القتل يضمحل كلما كان الحيوان أكثر ضعفا وأقل سلاحا كالحمامة على سبيل المثال لا تتوقف عند أي كابح لدى قيامها بتعذيب حمامة أخرى حتى الموت بينما يكتفي الصقر أو النسر بتحقيق الهزيمة بخصمه فلا يسترسل حتى القتل ..
النظام القمعي شاء أم أبى لا يريد أن يرى البشر أو يتعامل معهم ، ولا يهمه أن يتطور البشر ولا أن يظل البشر بشرا ، يريد أن يحوّل الناس جميعا إلى هذين النمطين من الحيوانات الأرانب أو الفئران المذعورة التي يتم تصنيعها على أيدي الحيوانات الأخرى التي هي الذئاب الشرهة للدم ॥ أناس عبارة عن جلود ومن دون كرامة وكما يقول " سارتر " في نعت هذا النموذج : " هذا الشخص المتميز الذي أطاش صوابه ما يتمتع به من سلطة كاملة ومن دون الخوف عليها لا يتذكر جيدا أنه كان إنسانا وإنما هو يحسب نفسه سوطا أو بندقية " ..

ليلى البلوشي