الخميس، 29 سبتمبر 2011

الكاتبة العمانية " ليلى البلوشي " في حوار مع جريدة المحور الثقافية












الكاتبة العمانية " ليلى البلوشي " في حوار مع ( المحور الجزائرية )




قالت أن اليهود يخلقون لأطفالهم عالما ثقافيا




مليئا بالكراهية للعرب والإسلام




استعارة ياسمينة صالح لاسم زوجته يكشف عن النكبات التي تطيل الكاتب العربي لدرجة وأد الهوية







ليلى البلوشي كاتبة ومعلمة عمانية مقيمة في الإمارات ، تعد واحدة من الكتاب العرب الذين حققوا انتشارا إلكترونيا واسعا نقلهم فيما بعد إلى العالم الورقي ، انعكست ثقافتها في مجال تنمية الذات البشرية على إنتاجها الأدبي عموما وأدب الطفل خاصة ، في هذا الحوار مع جريدة المحور تثير الكاتبة مجموعة من النقاط حول هويتها الأدبية ، تجربتها مع النشر الإلكتروني ، علاقتها بعالم الطفل ونظرتها حول جملة من القضايا الراهنة .







حاورتها : جقريف سارة







· كيف تقدمين ليلى البلوشي ..؟




ما أشقّ جواب هذا السؤال ..! ما أشقّ جواب هذا السؤال ..!




حين نقف أمام مرايا أنفسنا ونعريها في لحظة تيّه .. أؤمن دائما أن " الإنسان " هذا الكائن البشري هو مجموع إنسان مركب من شخصه ومواهبه ومهنه وأحلامه وتطلعاته ؛ وانطلاقا من هذا أعرّف نفسي : بأن في داخلي عدة " ليلات " هي مجموع " ليلى " : ليلى الإنسانة ، ليلى الكاتبة ، ليلى المعلمة ، ليلى الطفلة .. لا علاقة بـ " التناقض " في هذه التركيبة ؛ قدر ما هو فصل ما بين كل دور من أدواري في الحياة ؛ من رغبتي في منح كل شخصية في كياني سعتها في امتصاص الحياة وتلقيها بكل ما فيها ..







· إذا أخذنا ليلى الكاتبة ، كيف ظهرت هذه الشخصية في كيانك ..؟




هذه الشخصية ظهرت نتيجة للقراءة منها وإليها أصبحت .. والقراءة هي التي أغرتني بالكتابة ، فحينما يمتلئ القدر بما فيه سيفيض ما فيه ، كما أن في قاع كل إنسان أسئلة تستحث أجوبة ، عن الأنا وعن الآخر وعن الوجود ؛ لا شيء ينطلق من فراغ ، والفارق ما بين الإنسان العادي والكاتب هي في وسائل ترجمة تلك الأسئلة وفي التراكض خلف لهيث الإجابات .. سأل أحد الكتاب على حائطه في الفايس بوك : كيف استعد للكتابة ..؟ أجبته : لا استعداد في الكتابة إنه الإلهام .. ! إنها الرغبة في تقيؤ فساد العالم وأوجاعه ونكباته ؛ وإلا تقيأنا داخليا إن كففنا ..!




ومحرك هذا الإلهام هو القراءة ؛ فنحن قد نقرأ كتابا ما والطاقة الإبداعية لهذا الكتاب الذي بين يدي فكرنا سوف يغرينا إلى كتابة أخرى ..







· تعتبرين واحدة من جيل كتاب الأنترنت الذين استطاعوا الانتشار عبر الشبكة العنكبوتية ، كيف وجدت هذه التجربة ..؟







أنا شخصيا أضع نفسي ضمن هذه القائمة ، الصوت الانترنيت غدا أقوى في الوصول إلى الجماهير من الصوت الورقي ، حتى أدباء الجيل السابق الذين كانوا نائين عن اختراع يدعى - الحاسوب – غدا هو السباق في الكتابة على الحاسوب وفي النشر الإلكتروني .. ثقافة التلقي والنشر وجمهور القراء اختلف ؛ والكاتب الذكي هو من يوظف هذه الاختراعات في صالح كتابته ، فالذي لا يواكب الركب فإن كتابته أيضا لن تواكب أحلام القارئ ولا تطلعاته ولا تحضره الفكري والروحي ، لأن هذه الأمور هي نفسية بالدرجة الأولى ، يزرعها الكاتب في نفسه أولا كي يحصدها القارئ في نفسه تلقائيا ، فالكتابة التي أمامه تفهمه وتخاطب ميوله ..







· ألا تشكل ثقافة المجتمع العربي عائقا في وجه النشر الإلكتروني ..؟







أرى أن ثقافة المجتمع اليوم هي ثقافة الكترونية ، في اليابان اليوم يتنافس الكتاب اليابانيون على مساحات أوسع من النشر الالكتروني وكثير من كتابهم هجروا النشر الورقي لصالح الإلكتروني وهم كتاب لهم صيت ووزن ثقافي على سبيل المثال الكاتب - رايو موراكامي - الذي فسخ عقده مع أحد الناشرين التقليديين ونجح في الوصول إلى قاعدة أوسع من القراءة عبر - آي باد - ، فسحب معه في هذه الموجة الصاعقة كتاب آخرين ..




· لكن الملاحظ أن حظك من النشر الورقي وفير ، ما تعليقك على هذا ..؟




بصراحة من خلال النشر الالكتروني عرفني القارئ ، طبعا هناك جمهور يتابع وهو من نقل كتاباتي من حروف ضوئية إلى ورقية ، فمعظم ما انشره أجده تلقائيا في صحف ورقية لا أعرف عنها شيئا والكترونية ، وهناك من يحترم حقوقي في النشر ويدفع لي عن كل مقالة يتم نشرها من قبلهم ، وهو شعور طيب وأقدره ؛ فثمة من يحترم حروفك ويُقدّرها ، وهناك من ينشر دون أن يدفع لك حقوقك أو حتى يحترم شخصك في إذن النشر ..!




وكل ما قيل لا ينكر حبي للكتاب الورقي ورائحته ودفء أوراقه حين أكون دودة اقتات على سطورها ..







· ما مدى اطّلاعك على التجربة الأدبية في الجزائر ..؟




عن الأدب الجزائري لا يمكن النكران أن الأديبة " أحلام المستغانمي " جعلتنا جزائريين من خلال رواياتها باذخة الإبداع ؛ في كل قراءة كأنما إبداع تلك الحروف السحرية لا ينضب ؛ ومن خلالها أحببنا جزائر ومن خلالها كونت فينا آصرة انتماء إلى وطن جميل يدعى " الجزائر " .. وهي نفسها " الجزائر " التي أنجبت من رحمها المناضلة الشجاعة والشهيدة الأبية جميلة بوحيرد ، هناك حقا إبداع يمضي بثقة على أرض الجزائر الثقافي بمبدعيه ؛ كـ ياسمينة صالح و فضيلة الفاروق القاصة نسيمه بولوفة وفاطمة بريهوم وعلى رأس هذه القائمة آسيا الجبار دون شك ..




بالإضافة إلى واسيني الأعرج و ياسمينه خضرا الذي خفي هويته باستعارة اسم زوجته وحين تقاعد هذا الرائد من الجيش كشف هويته واسمه الحقيقي المدعو محمد مولسحول ؛ ليفغر هذا عن مأساة عما يخلفه العسس من نكبات تطيل الكاتب في الوطن العربي إلى درجة وأد هويته ..!







· ما الذي يستفز هويتك ككاتبة ..؟




الهوية نفسها مستفزة مذ نعومة طفولتها لطفلة صغيرة ولدت في وطن غير وطنها وحملت هويتها " الإمارات " وعندما كبر فكرها قليلا فاجأها الكبار من حولها أنها تنتمي لوطن آخر " سلطنة عمان " وتحمل جنسيته ..




في داخلي مجموع هويات وقد تناولت هذا بالتفصيل في مقالات تحت عنوان : ليلى في مهب هويات ، أما في الكتابة فهويات ليلى متعددة ، إذ اعتقد المصريون إنها مصرية ، واللبنانيون أجمعوا على قرار لبنانيتها ، ورفيقاتها الفلسطينيات لا يصدقن سوى كونها واحدة منهن تشاطرهم نبض القدس وأكثر ، ما أكثر الأوطان التي استكانت في داخلها وتخبطت مع أتراحها وأفراحها ..







· سأخرجك من إشكالية الهوية إلى إشكالية أكبر ، هل تثقين في المسابقات الأدبية العربية ..؟




سؤال ذو شجون عزيزتي سارة ..! أرى أن المسابقات الأدبية العربية نوعان ، الأول نزيه وحقيقي والثاني شللي ومزيف ، فلا تدري أين تضع ثقتك ..؟! بأضعف الإيمان تتمنى الاستمرار للنزيهين القلة ، وأقول لكل مبدع عربي : لا تثق سوى في إبداعك .. ذكرني السؤال بأحد الكتاب المشهورين وصلته رسالة من كاتب ما يزال في طور نموه الكتابي فنصحه الكاتب المشهور بقوله : هناك دائما مكان شاغر على القمة لكاتب جيد جديد ..







· بما تفسرين عزوف أغلب المثقفين العرب عن إبداء مواقف صريحة من الثورات العربية ..؟




من وقت قريب اطلعت على مقالة تناول إشكالية المثقف السوري مع ثورة الأحرار ، وقد أشار الكاتب والمسرحي " بسام جنيد " إلى أن المثقفين هم ثلاث أصناف : مثقفين مع السلطة وضد السلطة ومع الوطن ؛ أولئك الذين مع السلطة لهم نوازعهم ومصالحهم ، ولا يخلو المثقفين ضد السلطة من عقد نوازعهم مهما اختلفت فـ" أنا " متضخمة ومعظمهم يخاطبون الجماهير من على أبراج عالية ..!







· ألا يلغي هذا علاقة الكاتب بمجتمعه ..؟




بعضهم ما يزال يغط في عالمه ..! بعيدا عن الجمهور وهمومه ، نائيا في جزيرته الخاصة بحجة حاجة الكاتب إلى عزلة ..!




العزلة في القراءة مطلب أساسي ، لكن في الكتابة لا عزلة حقيقية ؛ لأن العبارات والكلمات يستقيها الكاتب من ضجيج العالم من حوله ؛ مهما أقصينا عزلتنا ؛ يظل الإقصاء ناقصا ؛ وإلا سوف نرى أنفسنا بعد العودة من إجازة العزلة في زمن متضارب كساعة تشير إلى غير توقيت الزمن الذي نحيا فيه ..!




· نعود إليك ليلى ، من مهنتك كمعلمة وعلاقتك بالطفل ، كيف تنظرين إلى عالم الطفل الثقافي ..؟







عالم الطفل هو عالم بريء ونقي جدا .. وأنا سعيدة جدا بهذا العالم الذي توثقت علاقتي به كباحثة في مجال أدب الطفولة أولا وكمعلمة ثانيا ، وإذا ما ألقينا نظرة على سياسة اليهود فالإصدارات القصصية للأطفال فإنها تحتوي على أفكار مناوئة للدين الإسلامي والعرب ، على سبيل المثال قصة " قيثارة داود " ، والكتاب أمريكي " لن ننسى 11 ستمبر أبدا " ، أما في عالمنا العربي فمازلنا نثمن في أطفالنا قيم النبل والمحبة والسلام مع الآخر مهما اختلف عنا ..







· من خلال دوراتك التدريبية في مجال تنمية الذات البشرية ، ألا تلمسين حاجتنا إلى هذه الدورات لتكوين أشخاص مثقفين ..؟




أعتقد وأؤمن جدا ، والحاجة إليها ماسة ؛ فهي طورت شخصي ، في علم البرمجة اللغوية العصبية وهو علم مفيدا جدا للفئة المثقفة أرى أن الثقافة ليست فقط ثقافة فكر وكتب ؛ بل إن المثقف الحقيقي هو من يواجه هموم واقعه وبطرق مبتكرة تميزه عن الإنسان العادي كونه يملك حسا أدبيا ومخزونا ثقافيا ، لا يكتفي فقط بابتكار شخصيات مبدعة بل عليه أن يحرّض نفسه على الابتكار ..




الاثنين، 26 سبتمبر 2011

حين يكون العالم أمريكيا ..! ( २ _ २ )









حين يكون العالم أمريكيا ..!( 2_ 2 ) ..


جريدة الرؤية ..







العدائية تجاه أمريكا من قبل العرب والمسلمين تكثفت بعد مآسي العراق والأفغانستان ؛ ويمكن القول هنا أيضا لا لوم على أمريكا حين تحرض تلقين الحقد والبغض بدورها تجاه المسلمين وذلك لتمنع السبل على أجيالها القادمة ، على الطفل الأمريكي أن يفكر في الإسلام أو يتعرف عليه عن قرب خشية التأثر بتعاليمه والدخول فيه ، ويبدو أن النتيجة جاءت عكسية ، فبعد 11/ 9 عكف فضول الكثير من الشباب الأمريكي على تعرف الإسلام والإقبال عليه كتخصص للدراسة في جامعاتهم أو في جامعات مختلفة حول العالم ، هذا من ناحية الأمريكية ، بينما من ناحية زعيم القاعدة " أسامة بن لادن " الذي رحل عن ذكرى العاشرة بعد أن غيبّه الموت ؛ فإن حضوره الرمزي قد حقق هدفه الأسمى في قلوب كافة المسلمين حتى المعترضين على سياسيته وهو تفتيح عيون العرب وأفئدتهم على الخطر الأمريكي وبالتالي كراهية كل ما له صلة بأمريكا ومهاجمة سياستها في محافل عدة ، في حين أمريكا التي يبدو أنها في حالة تردي مذ الهجمات فاقم من الإحساس بالضعف بانتقالها من أزمة لأخرى وكانت بعض هذه الأزمات نتيجة مباشرة للحادي عشر من سبتمبر بدءا من الأزمة الاقتصادية الأولية وانتهاء بالفشل الذريع في حربي العراق وأفغانستان ؛ حتى أن المؤرخ الثقافي " جيف ميلنك " وصف عن هذا بأنه " كارثة أبدية " الأمر الذي أدى إلى تآكل الثقة في مؤسسات الدولة ..




ويبدو أن الكون نفسه تبرأ من أمريكا ولا نية له أن يكون أمريكيا مطلقا ..!




وتعيش حاليا الأوساط الأمريكية قلقا ذا وقع شديد ؛ فقد تنبأ " جيرالد سيلانتي " وهو كاتب وباحث وعالم أمريكي متخصص باسم علم المستقبل ، تنبأ من محطة الإخبارية الأمريكية الشهيرة " فوكس نيوز " قائلا : " ستقع ثورة بهذا البلد الولايات المتحدة الأمريكية ولم يحن وقتها بعد ولكنها على الطريق ، إن هذه الثورة ستقترن بأعمال شغب واسعة النطاق واعتصامات وانتفاضات ضد الضرائب والبطالة والجوع ..! وسيكون وضع الطعام على المائدة أكثر أهمية من وضع الهدايا تحت شجرة الميلاد..! والدولار الأمريكي سينهار وسيفقد حتى حدود 90 بالمئة من قيمته في المستقبل القريب المنظور وستتدهور مبيعات محلات التجزئة وأن الولايات المتحدة في الطريق كي تتحول إلى دولة متخلفة وأن الوضع سيكون أسوأ من حالة الكساد الكبرى في ثلاثينات القرن الماضي ..! "




والمعروف عن " جيرالد سيلانتي " أنه يحظى باحترام وثقة المجتمع الأمريكي في الأوساط العلمية وخارجها ؛ و توقعاته السابقة حدثت فعلا كانهيار الاتحاد السوفياتي وتوقع انهيار سوق الأسهم في أمريكا منذ العام 1987م ، وتوقعاته لا علاقة لها بالفلك والأبراج بل تستند على أسس علمية ؛ وبخصوص تنبؤاته عن أمريكا أثارت وما تزال ذعرا عاما ؛ فهي توقعات قريبة جدا تقع ما بين 2012 أو 2014 م ..




إذن خيبات مريرة متوقعة تنتظر أمريكا ؛ العالم في تغير جذري ، ليس على مستوى التاريخ وحده ، بل تخطت التغييرات المستوى الظواهر الطبيعية ؛ هناك شعوب تغتال بالمدافع والرشاشات والطائرات وهنالك شعوب تغتالها العواصف والبراكين والزلازل والفيضانات ؛ وما بين غضب الآلات وغضب الطبيعة كان الإنسان ..







ليلى البلوشي




الخميس، 22 سبتمبر 2011

بين مداهنة السلطة وتحدي قمعها ، هل دور من دور للمثقف في الثورات العربية ؟















بين مداهنة السلطة وتحدي قمعها هل من دور للمثقف في الثورات العربية؟




جريدة الطليعة الكويتية ..










كتبت هدى أشكناني:




تعد الثقافة من أهم عوامل نجاح ورقي وتنوير المجتمعات، ودائما ما ترتبط بمفاهيم كبيرة تندرج تحت مظلتها كالتغيير، الديمقراطية، الحرية، التنوير، الإصلاح.. الخ.




ومنذ القدم، كانت الثقافة ولا تزال تشكل فوبيا لكل الأنظمة الدكتاتورية، وخير ما يعبر عن هذه الفوبيا مقولة وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر وألمانيا النازية جوزيف غوبلز «كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي»!




ولهذا، تحرص الأنظمة القمعية على منع المثقفين من تحريك الشارع والشعب بشتى الطرق المباشرة وغير المباشرة، فبعضها يلجأ إلى قتل أو اعتقال مثقفي التغيير، والبعض - وهو الأدهى والأقسى - يقوم بتطويع المثقفين من أجل «التلميع» لهذا النظام تحت التهديد بقتله أو إبادة عائلته.




وهذا يجرّنا لتساؤلات كثيرة.. ما علاقة الثورة بالثقافة؟ وهل الثقافة هي من تصنع الثورة؟ اعتقال المثقف والثقافة هل سيحد أو يمنع من قيام ثورة؟




يختبئون في اللحظات الحاسمة




يقول الكاتب السوري عدنان فرزات: المثقفون إذا دخلوا ثورة أفسدوها.. نعم، فليس بالضرورة أن تكون هناك علاقة بين الثقافة والثورة، هناك ثورات جياع مثلا لا علاقة لها بالثقافة، وهناك غضب شعبي يحدث في الشارع نتيجة ضغوط وتراكمات قمعية كأن يحرم الإنسان من حقوقه في حرية الاعتقاد مثلا، أو حرية الرأي، أو يجعله مهاناً على الدوام، فينفجر بشكل عفوي ومن دون تخطيط مسبق، وبعد أن يتمرغ هذا الإنسان البسيط بطين الثورة، يأتي المثقف بكامل أناقته ليلتقطها بمنديل ورقي ويضعها في جيبه، وكذلك يفعل السياسيون المحترفون بهذه الثورات، إذ غالبا ما يصادرونها.




ويضيف قائلا: الثورات غالبا ليست من صنع المثقفين، والمضحك أن البعض منهم يمهدون للثورات نظريا قبل قيامها بسنوات، أي يكتبون الشعر الثوري والسرد والمقالة والمسرحية عن الحريات، ويثوّرون الناس، ثم عندما يصدقهم الجمهور، ويخرجون إلى الشارع، يتوارون خائفين وكأنهم لم يدعوا إلى شيء، بل قد تستميلهم السلطة لتهدئة الشارع أيضا، ولكنهم سيصدمون هنا بحقيقة مهمة جدا، وهي أن الشارع أصبح خارج وصايتهم.. ويصبح المثقف هنا هو التابع يتعلم من الشارع أبجديات ثقافة الحرية.




ولكن، علينا ألا ننكر دور عدد محدود من المثقفين الذين كانوا منسجمين فكريا وسلوكيا، فشكلوا بمواقفهم دعما حقيقيا للثورات، فمثلا هناك مثقفون في مصر حرسوا المتحف الوطني على قدر استطاعتهم، وآخرون قاموا بدور كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وبعضهم في أماكن أخرى تعرض للاعتقال أو للاعتداء، ولكن كل هذا القمع للمثقف لا يمكنه أن يطفئ شعلته، فهذه جدلية العلاقة الأزلية بين الطاغية والتنوير، وفي النهاية ينتصر أصحاب الفكر وينهزم الطغاة..




الانتماء والمبادئ




يؤكد الشاعر والروائي الفلسطيني أنور الخطيب أن الثقافة كلمة واسعة جدا، تتسع باتساع الأفكار والقيم والتوجهات والمواقف، وليس بالضرورة أن يكون الإنسان المثقف ثوريا، هناك مثقفون عنصريون ونازيون، وهناك مثقفون يشكلون أذيالا للسلطات، هؤلاء مثقفون انتهازيون، وفي المقابل، هناك مثقفون إنسانيون وطنيون يناضلون ضد الظلم والتمييز والعنصرية بكافة أشكالها، وكل ثورة تتأسس على الوعي، فالثقافة تسبق الثورة بالتأكيد، والمثقف الحقيقي الإنساني الذي يقف ضد الظلم والتمييز يحتل مرتبة في طليعة مجتمعه، ويتعرض للاعتقال والتنكيل لكنه يتمسك بمبادئه وقيمه وأفكاره، شرط أن يكون وطنيا ملتزما بحاضر وطنه ومستقبله، ويغلّب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، هذا المثقف هو نواة الثورة، والمثقف هنا هو المبدع والكاتب والفنان والأكاديمي والإعلامي والمحامي وغيرهم، وأنا أعتقد، أنه كلما زاد التنكيل بالمثقف ارتفع صوت الثورة المطالبة بالتغيير، ولا سيما في عصرنا الحالي، عصر ثورة الاتصال والتكنولوجيا، والسلطة التي تواجه المثقف بالقمع إنما تحفر قبرها بيدها، وتأخذ المجتمع كله نحو الهاوية، لقد حاولت السلطات الاستبدادية على مدى العصور أن تقمع المثقف، لكنه ينتصر دائما، لأنه يكون قد أسس لنوعية إدراك لا يمحوها الزمن، وبالتالي، تبقى الكلمة أقوى من الرصاصة، وإن انتصرت الرصاصة مؤقتا..




ويسلط الضوء أكثر فيقول: مشكلتنا في الوطن العربي، أن نسبة كبيرة من المثقفين في الوطن العربي داهنت السلطة على مر سنوات طويلة، لكنهم تساقطوا، وإن حققوا مجدا شخصيا في فترة ما، وما يبقى في الذاكرة، وفي وجدان الشعوب، تلك الإضاءات الصادقة التي تحملت الحفر في الليل وصولا إلى الضوء، هؤلاء يرسخون في قلوب الناس، ويكونون شعلة الثورة.




الميدلوجيا بديلاً عن المقهى




وكان للكاتب كريم هزاع رأي مختلف، حيث يقول: لا نستطيع تحييد أو تهميش دور المثقف في الثورة، وإلا ماذا يعني مصادرة الكتب والوعي واعتقال المثقفين ومصادرة كتاباتهم ومقالاتهم وفنهم الهادف؟ ماذا يعني تقريب مثقفي السلطة وتدليلهم وإبعاد المثقفين الحقيقيين وتهميشهم؟ لا شك بأنه كانت هناك تربة أو جذور وخطاب سابق لهذه الثورات ساهم المثقف في إيجادها أو صنعها إلى جانب عوامل أخرى ساهمت في قيام الثورة، وهناك حراك اجتماعي سياسي ثقافي، والمثقف عود في تلك الحزمة، ولا ننكر أن الاجتماعي والمتمثل في الشارع كان على رأس تلك العوامل وربما الاقتصادي هو أهمها جميعاٌ بعيدا عن المفهوم الأيديولوجي.




وعزّز هزاع رأيه، مضيفا: المثقف ما زال فاعلاٌ ويشكل خطرا على الدكتاتور ولسنا ببعيدين عن محاولة اغتيال رسام الكاريكاتير علي فرزات أو اغتيال كامل شياع أو هادي المهدي وسجن الكثير من المثقفين الذين يشكلون خطرا على السلطة في سوريا أو سواها من البلدان التي قامت فيها الثورات، أو التي لم تقم فيها ثورة حتى الآن، كما أننا نستطيع أن ندلل على صوت المثقف من خلال إبداعه الذي رصد به حالات القمع والدكتاتورية .




سقوط الأقنعة




الكاتبة العمانية ليلى البلوشي قسّمت أجوبتها تفصيلا: علاقة الثورة بالثقافة هي علاقة شعارية في البدء ثم توجيهية حتى تحدث ثورة وتحقق أهدافها المرجوة، فإن الثقافة هنا تكون قد أفلحت في تحقيق ما أرادته من أهداف بالدرجة عينها.




كيف تكون الثقافة شعارية؟




هنا، بما أن المثقف لديه مخزون فكري وسعة ثقافية؛ فهو يدرك جيدا ومعرفته تسعفه بالعبارات التي تصلح أن تكون شعارات ذات تأثير عميق على نفسية الفرد في المجتمع بغية نهوضه من غفوة صمتية دامت دهورا، طوال تلك السنين وبعض المثقفين المخلصين في عمل دؤوب لإفشال خطط الأنظمة المستبدة، لتقويضها من أجل إصلاح المجتمع ومن باب عدم السكوت على الظلم والطغيان؛ وبالإضافة إلى السجن والنفي طالما لحق بهؤلاء المثقفين أشد أنواع التعذيب التي تنوعت أساليبها من حرق وقطع لسان وبتر أيد وأرجل وسحق أصابع.




لكن تضحيات هؤلاء المثقفين لم تذهب سدى؛ فقد هاجت الشعوب العربية وتغير الفكر العربي، فبعد أسلحة الحرب الصامتة التي طوعتها الأنظمة الفاسدة بين أبناء الشعب الواحد سقطت الأقنعة وانكشفت الخطط، وعرف الجميع نوايا الأنظمة وأغراضها الشخصية البحتة التي ترسو بمصالحها فوق أجساد شعبها، بغية إذلاله وإفشال أي محاولة لنهوضه.. لكن الشعوب العربية نهضت وحدثت الثورة والأهداف في طريقها لإثبات التغيير في حركة وصناعة التاريخ، وهذا ما يمكن تسميته بالجانب التوجيهي.




وتردف قائلة: الثقافة لوحدها لا تصنع شيئا كاليد الواحدة التي لا تصفق؛ لهذا نقول حتى يكتمل التأثير وتقوم الثورة بعد أن تصنعها الثقافة لا بد من رجل الشارع، فمع شعارات المثقف وصوت رجل الشارع ومساندته في المسيرة الإصلاحية تتكون ثورة حقيقية ذات صدى حاشد. وربيع الثورات خير دليل، فلولا رجل الشارع البسيط لما حدث ما حدث، وكما يقول عائض القرني وهو يصف أحوال قاعدة العرب: «حال قادة عرب عديدون انقلبت إلى الأسوأ لأنهم ظلموا، فابن علي طريد، ومبارك سجين، والقذافي خنيق، والأسد غريق، وصالح حريق..».




وتضيف البلوشي: في أزمنة الخوف العتيقة، كان العقاب الذي يناله المثقف يدفعه للصمت ونادرا للتمرد، والتمرد غالبا ما يكون خارجيا حين تنأى المسافات الجغرافية عنه ووطنه؛ لأنه في بلده لن يسلم، كما حدث مع الصحافي اللبناني سليم اللوزي الذي كان مطاردا من السلطات السورية في عهد الأسد الأب، وكان المسكين هاربا من بطش السلطة القمعية، ولكنه اضطر للرجوع ليشهد جنازة أمه الراحلة في بيروت حيث تواجدت قوات الردع السورية، وفي اعتقاده الطيب أن للموت حرمة؛ ولكن لا حرمات عند أنظمة الظلم والاستبداد فاغتيل بعد عشرة أيام من وجوده في أرض الوطن ووضعت أصابعه التي كان يكتب بها في فمه!




اليوم تبدلت الحال، وماتت أصوات الخوف وجرت الألسنة على قول الحق، اليوم أي اعتقال يلحق بالثقافة والمثقف لا يسكت عنه من قيام تظاهرات وحشود وأصوات هتافات وشعارات رافضة للوضع؛ من دون أن يفوتنا حجم تأثير وسائل التواصل الحديثة، الفيسبوك وتويتر، اليوم عرفت أنظمة القمع مكانة المثقف والثقافة ورجل الشارع خير معرفة.

الاثنين، 19 سبتمبر 2011

حين يكون العالم أمريكيا ..! ( १_२ )




حين يكون العالم أمريكيا ..!( 1 ـ 2 )



جريدة الرؤية العمانية ..




" حين يكون العالم أمريكيا " طرحت هذه العبارة على حائطي في الفيس بوك مع رسم كاريكاتوري للفنان " شريف عرفه " والرسم يحكي عن الدبلوماسية الأمريكية لوجه أمريكي مكبر وهو يرتدي بذلة مع قبعة بألوان العلم الأمريكي مع رجل آخر بحجم صغير يتدلى على حبل متأرجح يسقط دلوا هائلا من الأوراق على الرأس الأمريكي المتأزم من التسريبات الجديدة ..!



وانهالت على الرسم نفسه تعليقات العابرين والعابرات ، والمتفق بينهم هي اللغة والنظرة السلبية والسوداوية عن عالم يحكمه الأمريكان ؛ فالكل اجمع أن العالم حين يكون أمريكا فسوف يشاع الدمار الشامل والفقر والمجاعة والحروب أي كل ما له صلة بالخراب ..!



وهي نظرة ثابتة جدا ولا يمكن نفيها مطلقا ؛ وأمريكا هي سبب تلك النظرة المليئة بشرارة القهر إن صح القول ..! قهر هؤلاء العرب والمسلمون من قبضة أمريكا على حنجرة العالم ، وعلى هدم كل ما له علاقة بالعالم العربي والحدود الإسلامي ؛ وكأنما هدفها ومبتغاها الأبدي هو القضاء على ملامح العرب والدين الإسلامي .. !



والحقيقة أن العقلية العربية تجاه أمريكا في عهود عتيقة وسنوات ما قبل الحادي عشر من سبتمبر كانت مختلفة تماما ، عقلية قائمة أن أمريكا هي أرض الفرص والثراء السريع والمال والشهرة والعيش الكريم لجميع الأديان بلا استثناءات ، وبالفعل تم هجرة الآلاف من المسلمين العرب إلى أرض الشهرة والثراء ..



ولكن أمريكا بعد أحداث 11 / 9 تغيّر فيها كل شيء ؛ يمكن القول إن هؤلاء لم يكونوا على صلة ود يوما ما مع كل ما له صلة بالعرب وتحديدا بالمسلمين ، وكانت تلك المشاعر في وقت ما ضمنية لا يجاهر بها في أوساط أو صحف عالمية ، ولكن بعد 11 / 9 ومع بروز تعريف الإرهاب وإلصاقه بالمسلمين غدت مشاعر الأمريكية تجاهر بكرهها علنا للإسلام والمسلمين وتنعتهم بالإرهابيين ، بل بات كل من الإسلام والإرهاب والهمجية مفاهيم ذات صلة مترابطة ووثيقة باعتبار الفكر الأمريكي وعلى المسلمين تحمل الاهانات في كل مكان وتحمل نبال العبارات المهينة ولعل أبرزها " أنت أيها العربي " ، أو " يا مسلم " باعتبارها شتيمة ..! ..



وها هي أمريكا تحيي الذكرى العاشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر ، وتزامنا مع هذه الذكرى الموجعة في ذاكرة التاريخ الأمريكي ، فإنها تأهبت جيدا بالتجهيزات بغية تذكير العامة والعالم بالمأساة التي حيقت بأمريكا خلال هذه الحادثة ، وتوظيف كافة الوسائل الممكنة من تلفاز وصحف ومقابلات ومعارض وكتب وموسيقى ومسرح جنبا إلى جنب لحشد الأحزان عن النكبة الأمريكية ..!


ومن ضمن ذلك أصدر كتاب تلوين للأطفال لإحياء الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر 2001م ، ويصور هذا الكتاب الذي يتألف من 36 صفحة بعنوان : " لن ننسى 11 / 9 أبدا – كتاب حرية للأطفال " مشاهد من الهجمات على مركز التجارة العالمي ، كما تصور إحدى الصفحات عملية قتل زعيم القاعدة " أسامة بن لادن " وهو مختبئ خلف امرأة محجبة بينما يضغط جندي أمريكي على زناده سلاحه ..!



وكتب الكاتب بجوار الرسم : " أيها الأطفال ، الحقيقة هي أن هذه الأعمال الإرهابية ارتكبها متطرفون إسلاميون يكرهون الحرية ، وهؤلاء المجانين يكرهون الحياة الأمريكية ؛ لأننا أحرار ومجتمعنا حرّ " ..!


أثار هذا الكتاب غضب مسلمي أمريكا ؛ وقالوا أن المؤلف يسيء إلى كافة العقائد الإسلامية ، وعلقت السيدة " أميرة شريف " من مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية عن الكتاب بقولها : " إنه كريه و مثير للاحتقان وغير لائق تماما للأطفال أو لأي شخص " ..



بينما مؤلف الكتاب " وين بيل " نفى أن يكون الكتاب عدوانيا وقيل لقد بيع منه عشرة آلاف نسخة ، ويتوافق رأي شبكة " سي ان ان " الأمريكية مع المؤلف وتؤكد أن الكتاب يصور حقيقة تاريخية وأنه واقعي ويختص بالخاطفين الـ 19 الذين جاءوا إلى هنا وقتلوا آلاف الأشخاص ...!


نعود فنقول : " حين يكون العالم أمريكيا " : سوف يجيد تلقين مبادئ الكراهية عن الإسلام والمسلمين خاصة عند الأطفال ..!


وحين يكون " الكاتب أمريكيا " : وحده يحق له أن يؤلف كتبا تؤلّب صدور المجتمعات على الإسلام والمسلمين ..!


ولكن " حين يكون العالم إسلاميا " : فعلى المسلمين نسيان مجازر أمريكا في العراق والأفغانستان والباكستان وفي كل بقاعات العالم الإسلامي مهما غدت الحجج والأعذار ..!


وحين يكون " الكاتب إسلاميا عربيا " : فإن أي كتاب يصور مشاهد عنف أمريكا ومجازرها مع المسلمين وفي أوطانهم ؛ فإنه يعّد إرهابيا ويستحق النبذ والفناء الأبدي ..!


وليس عليه أن يبدي اعتراضه على الوضع ؛ ففي اعتراضه جريمة يعاقب عليها القانون ؛ بينما الأمريكي المسكين حين يتبنى قضية بالاعتراض ؛ فإنه فقط يدلي بوجهة نظره الخاص تجاه الوضع ..!


ومات الخاص والعام عندنا ..!


فياله من عالم متناقض ؛ ذاك الذي تديره سياسة أمريكية ..! وهي سياسة قائمة ما بين " تحيا الديمقراطية " و" تحيا المصالح " ..! وهذا التناقض ليس بالشيء الجديد على واقع العربي والإسلامي ؛ بل يؤكده مسلمي أمريكا الذين يعانون صنوف التفرقة والنظرة العدائية التي تلاحقهم من قبل غير الإسلاميين في أمريكا ، وهي النظرة نفسها تفشت في باقي دول أوروبا التي وضعت يدها على قلبها وما تزال مرعوبة من تضاعف عدد المسلمين خلال سنوات الهجرة السابقة ؛ ولهذا بدأت التدابير والخطط لزعزعة الهجرة وفرض قوانين غريبة على حظر " الحجاب " و" النقاب " مرة والسماح بهما مرة أخرى ، ومنع " الذبح الإسلامي " حينا و" المآذن " حينا آخر ، وكأن التعاليم الإسلامية لعبة يلهو بها زعماء أوروبا ..! وتلك الخطوات المترددة من قبلهم للمنع ما هي إلا خوفا على مفهوم " الديمقراطية " التي بهت ضوءها بسبب المواقف المتناقضة ؛ وها هم يلمعونها ؛ كي لا تتكشف حقائق أخرى خافية ..!


يتبع ...

ليلى البلوشي

الأحد، 18 سبتمبر 2011

ليلى البلوشي: المقال أكثر الفنون الكتابية قراءة







ليلى البلوشي : المقال أكثر الفنون الكتابية قراءة ..





جريدة الخليج الثقافي / إبراهيم اليوسف




18 / 9 / 2011م








تعد الكاتبة الإماراتية ليلى البلوشي، من الأسماء الجديدة التي ظهرت في مجال الإبداع، في أواخر العقد الأول من الألفية الثانية، إذ قدمت حتى الآن كتابين مهمين أحدهما “أدب الطفل”، والثاني بعنوان “صمت كالعبث” وقد صدرا في العام 2008 .





وبالرغم من حضور اسم البلوشي بقوة، من خلال المنتديات والمواقع الإلكترونية، وشبكة التواصل الاجتماعي، إلا أن هذه الكتابات لم تتوج في إصدارات خاصة، وصار هذا مدعاة للتساؤل، ما دفعنا للتوقف مع تجربة الكاتبة البلوشي، إذ قالت: لم أنقطع عن الكتابة لحظة واحدة، بل إنني في لجة المشهد الإبداعي الجديد، من خلال المتابعة، والكتابة، وإن ما كتبته في هذه المجالات سوف يتوج في عدد من الكتب منها كتاب ثانٍ عن الطفل، وهو بعنوان “تحليقات طفولية” وسيصدر عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، إضافة إلى كتاب آخر عنونته ب”رسائل حب: بين هنري ميلر وأنانيس نن” وهو كتاب مذكرات في الحب والولع، إضافة إلى مجموعة من القصص القصيرة جداً، ناهيك عن أنني أكتب عموداً أسبوعياً في صحيفة” رؤيا “العمانية”، وأنا مستمرة في كتابة الشعر .





وعندما سألنا البلوشي عن أن الكتابة في أكثر من مجال إبداعي من شأنها أن تشتت المبدع قالت: بالعكس، إنني أجد نفسي في ذروة السعادة، وأنا أكتب في هذه المجالات مجتمعة، باختصار أنا مع الكاتب الشامل . على المبدع أن يكون مبدعاً في الحياة، كما هو مبدع في عالم الكتابة والفن .





وحول عملية التفاعل بين المتلقي وما يكتب حالياً أجابت: بصراحة، إنني أرى أن المقال هو أكثر الفنون قراءة، الآن، إضافة إلى أن الرواية تحظى بقسط وفير من الإقبال على قراءتها .





وعن قراءة القصة القصيرة قالت: برأيي أن القصة القصيرة جداً، هي الأكثر قراءة في الحقل الأدبي، وهي تعتمد على مجرد فكرة وحدث، يتم التقاطها على نحو مدهش، بعيداً عن الشروط الرصينة للقص التقليدي .

الاثنين، 12 سبتمبر 2011

تمثال الحرية في بكين .. امرأة حُبلى ...!








تمثال الحرية في بكين ..امرأة حُبلى ..!


جريدة الرؤية العمانية ..


كلنا نعرف تمثال الحرية ، أكثر الأعمال الفنية شهرة على صعيد العالم ، هذا التمثال أول ما خطر ببال المحترف " فريدريك باتولدي " في نموذج مصغر عرضه على " الخديوي إسماعيل " عام 1869م إبان افتتاح قناة السويس في ذلك الوقت ، وأراد المصمم بأن يكون التمثال رمزا لحرية الملاحة في العالم ، ولكن الخديوي حين وجد أن أثمانا باهضة تستدعي إنشاء هذا التمثال بما لا يتوافق مع الأزمة المالية وقتذاك ؛ تنازل عن الفكرة شاكرا المصمم على حسن نيته ..




ولكن هذا التمثال أصبح من نصيب القوة العظمى أمريكا ؛ حيث قدمته فرنسا لها هدية تذكارية بهدف توثيق العلاقات بين البلدين بمناسبة الذكرى المئوية للثورة الأمريكية ، حيث نجد سيدة الحرية في إحدى يدها المعانقة السماء مشعلا يرمز إلى الحرية وبالأخرى حاضنة كتابا نقش عليه بأحرف رومانية تاريخ مهم في حياة الأمريكيين " 4 يوليو 1776م " في موقعه المطل على خليج نيويورك ..




ونسخت تمثال الحرية في كثير من الدول ، ولكن في بكين لها نكهة خاصة ، متباينة عن الآخرين ، ولكن الغريب في الأمر أن الصين التي اشتهرت ببصمتها في التقليد طبق أصل ، أبدلت نهجها في التقليد - القص لصق - هذه المرة ، ربما كي يكون لها طابع في الحرية مختلف عن باقي الدول ، بما أن تمثال الحرية هو رمز الأعم للحريات ، جاء تمثال الحرية البكيني أقصر قامة مع بطنها المنتفخ بوضوح صارخ ، وكأنها امرأة حبلى ..!




وليست دهشتي وحدها أثيرت من تمثال حريتهم ، حيث كما شاهدت من وقت قريب صورة أحد الصينيين وهو منتصب بخفة بالقرب من سيدة الحرية ، واقف بالقرب من قامتها القصيرة ويده تستقر على بطنها المنتفخة بدهشة .. !




فهل يا ترى بكين تترقب ولادة حرية من رحم أرضها دون أن يغيب عن فكرنا أن الصين اليوم باتت تخطو بثقة نحو الرقي والازدهار الملحوظ على مستوى العالم ..؟!




أم أن مفهومها أعظم هي أن تلد تمثال الحرية حرية أخرى تجاري وقائع الحياة التي يحياها العالم اليوم ..؟!




نرجّح بكل حبور الكفة الأخرى ، فالعالم حقا بحاجة إلى دفق حرية حديثة ، تساير فكر هذا العصر وشبابه ، فتمثال الحرية الأمريكية لم تقدم شيئا للعالم سوى لموطن وجودها ، تماهت فيها القوة العظمى الأمريكية ؛ لبث زعامتها كالإخطبوط في وئد حريات الآخرين ؛ لتختلي بمقر سيادتها على العالم وتكون هي العميلة ورأس التخطيط والتدبير، وهي الباني والهادم حسبما يفضي مزاجها ، والآخرين تابعين في مرتبة عبيد أو تحت جزمتها وهو وضع يحلو لها جدا ..!




العرب اليوم يتوقون إلى حرية أصيلة ، تهفو إلى تطلعاتهم ، تبني قصور أحلامهم ، حرية تحفظ لهم كيانهم وكرامتهم الإنسانية ، حرية مسؤولة تلائم قيمهم و مبادئهم ، ترسو بهم إلى شموخ الكون ..




يعوز العرب حرية وليدة ، تشرق أشعة سنتها الأولى في أرض عربية ، لسانها عربي ، عقلها عربي ، قلبها عربي ، لا أمريكية ولا بكينية ، بل عربية عربية عربية حتى النخاع ؛ ولا نريد تماثيل حرية ، بل نريد وبقوة حرية تحيا معنا على الدوام ، حرية تتنفس من هوائنا ، حرية تأكل وتشرب معنا ، حرية تحزن لترحنا وتبتهج لفرحنا ، حرية لا تميز بين صغير وكبير ، حرية تساوي بين الرجل والمرأة بما يحفظ رجولة الرجل ويصون كرامة المرأة ، حرية ، تكون عربية المنشأ لا مستوردة من أقاصي غرب لا تفهمنا ولا نفهمها ، حرية عربية اليد واللسان والقلب والعقل بحماسة الشاعر " مختار اللغماني " حين هتف بها بحسه العربي المخلص النبيل في " حفريات في جسد عربي " : " أشهد أني عربي حتى آخر نبض في عرقي / عربي صوتي / عربي عشقي / عربي ضحكي وبكائي / عربي في رغباتي الممنوعة في أهوائي / عربي فيما أشعر / عربي فيما اكتب ..."




حرية تنشق من أرض عربية ، وبلسان عربي كما أنشدها " سيد مكاوي " في " الأرض بتتكلم عربي " : الأرض بتتكلم عربي الأرض الأرض الأرض ..




نريد حرية كهذه الأرض التي تتكلم عربي ...




ليلى البلوشي




الأحد، 11 سبتمبر 2011

" أكثر من حياة " هي أكثر من غيمة حُبلى بمطر الأحلام والأمنيات والحياة ..







" أكثر من حياة "


هي أكثر من غيمة حٌبلى بمطر الأحلام والأمنيات والحياة ..




متى وجدتني أمام مدونة " أكثر من حياة " وكيف كان اللقاء ، بل في أي زمن أضفت هذا العالم الافتراضي إلى بقية تلك العناوين الافتراضية ، التي أتابعها باستمرار كلما دخلت بيتي الالكتروني ..؟!




وتخونني ذاكرتي ، تلك التي لا تخون سوى حين نطالبها بالوفاء ، ولكن ما اذكره بشدة ، تلك الدعوة الحافلة في كل عام ، دعوة تتزامن مع شيء أحبه ، دعوة من إنسان يفهم أن ثمة حدث يستدعي اهتمامي ، دعوة تتجدد كمطر موسمي في كل موعد مع معرض الكتاب المقام في مسقط ، الذي لم - يحالفني الحظ - قط بزيارته ، ولكن حالفني ربما في وضع على أرفف زائريه خليط منوع من كتب انتقيتها بحدسي كأية عابرة على أرصفة الكتب المتكدسة هنا وهناك ، وذلك حين يطرق باب بريدي رسالة من الكاتب " أحمد المعيني " وكعادته يطلّ بأدب جمّ ، ثم يردفها برغبة نقية من مدونته بترشيح كتب جديدة للقراء عامة ولزائري معرض مسقط خاصة ، ولا يمكن مهما كانت انشغالاتك تكبّلك أن ترفض عرضه ، أو لا تعير سعيه المحب إلى بث أدبيات الكتب وتاريخ القراءة في كل مخلص كبيرا كان أم صغيرا ، لا يمكن سوى أن تبتسم وتعلن في داخلك على العين والرأس ..




وبما أن القراءة هي أطول رحلة في تاريخ البشرية ؛ فإنني مع مدونة " أكثر من حياة " أشعرني في قاع باخرة مزدانة بجموع كتب معلقة كعناقيد العنب ، وتتأكد وأنت تتجول عبر مرافقها أن الثنائيين المدهشين " أحمد المعيني وزوان السبتي " اللذان يديران دفة هذا العالم الساحر كم يدّللان زوارهم أكانوا قريبين أم بعيدين ؛ يحتفيان بالجميع بحرارة تجعلك تمنيّ نفسك بزيارة مقرهم مرة بعد مرة ، وفي كل تلكم المرات يستقبلك الاحتفاء عينه ومفاجآت جديدة تترقب كل مهتم بأنباء الكتب ، وتدرك جيدا أن فضولك المضيء في أعماقك يقودك برغبة مفرطة إلى مساحات مفروشة بالكتب ، فمنها للقراءات ، وأخرى استعراضا لأسماء مؤلفين وأحدث الإصدارات ، ومنها لاقتباسات من جوف كتاب صادقنا سطوره بحميمية خاصة لا نفهم سرها يوما ولن نفهم ، و منها لترشيح أسماء مؤلفات من عابرين ملّمين لديهم زخم مشاطرة الآخرين إعجابهم بكتاب ما ، و أخرى لمواقع عشاق الكتب ، دون أن تفوته عروض برامج حية إذاعية أم تلفزيونية ملمّة بالفكر والثقافات ، ومزار طويل عن أهم دور النشر العربية التي ترتقي بعقل القارئ ووجدانه ، والأهم فالأهم تلك المواعيد التي تحتمل لهفات شبيهة بلهفات عاشق يجد نفسه في موعد مدبّر مع معارض الكتب المختلفة من المحيط إلى الخليج ، وليس آخرا تقودك أصابعك إلى حيّز أشبه بمقهى افتراضي وثرثرة محبة لا تُمل عن الكتب والكتابة ..




ناهيك عن إهداءات لكتب من الأدب العماني وتحفيز طاقة الفكر على كتابة قراءات عنها ، ومشاريع أخرى مبتكرة بدأت كفكرة وامضة وبقيت كأمنية نفيسة مخبئة في طيات النفس ليست تقصيرا من صاحبها بقدر ما هو انشغال عند الآخرين كمشروع الكتاب المسافر ، وتدرك حقا أن مفكرها يؤمن بأن أي كتاب مهما غدا مضمونه ولغته ما هو في النهاية إلا " غجري " مهاجر أبدا من أرض إلى سماء ، لهذا لا يطيق مطلقا فكرة وضعه كسجين في رفّ وحيد معتم ..




كل هذا وأكثر في مدونة " أكثر من حياة " هذا الصرح الثقافي الذي نال جائزة " أفضل انجاز ثقافي " لعام 2010م ، هو حدث ليس احتفاليا فقط بل يثبت للكافة ، متابعي وقراء ومحبي وعارفي وعابري هذه المدونة الحافلة أنها لم تعد واجهة أدبية فقط ؛ بل حدثا أدبيا بارزا في سلطنة عمان ، وللفكر والأدب العماني أخص ؛ فلا يغيب عن الكثيرين أن ثمة علاقة شحيحة تُعرّف الإصدارات المحلية العمانية ليس على مستوى الخليج وحده ، بل الوطن العربي ، بينما العالمي فهو مازال حلم ناقص النمو علا وعسى أن تكتمل أطرافه يوما ..!




" أكثر من حياة " تستحق عن جدارة هذه الجائزة وأكثر ؛ فهي بمثابة غيمة حُبلى بمطر الأحلام والأمنيات وحياة تأتلق في فكر يسابق عصرنة الزمن ، في عالم يفتقر معظم القابعين فيه إلى ذائقة الروح ، التي لا يمكن استعادتها سوى من كتاب مغلق يتريث بنفاذ شوق صاحبا مخلصا يشرع صفحاتها على أرواح معتكفة في عالمها الحي ، النابض ، الممتع ، المشوق ، الحرّ ؛ و يطلقها كسهم ملتهب من صميم روحه إلى أرواح الآخرين ؛ لبث تفاصيل الحياة في أوصالها الباردة ، فكم من وفي ّ كــ " أكثر من حياة " ..؟!










ليلى البلوشي




الاثنين، 5 سبتمبر 2011

من أيقظ الأميرة اللندنية النائمة ..؟!






من أيقظ الأميرة اللندنية النائمة ..؟!


" جريدة الرؤية العمانية "




من أيقظ الأميرة اللندنية النائمة ..؟!




هكذا يخض بنا التساؤل في عوالمنا العربية ؛ والسؤال مطروح مع علامات الاستنكار والدهشة وكثير من الصدمة ..! فنحن كشعوب عربية نعد بريطانيا أو أي وطن ذا كيان أوروبي بأنهم يرزحون على أرض خصبة ما تفجره من خيرات ، إنما هو للجميع بلا استثناءات ولا امتيازات ؛ فهي دول أرسلوا قواعدهم مذ البدء على طوب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق يحصل عليها ويتمتع بها حتى عامل نظافة في شارع عام ..




ولكن يبدو أن في جوف تلك الأرض دفنت أميرة كانت نائمة بفعل سحر الساحرة ؛ وكان لابد من إيقاظها ؛ وحين أيقظوها اندلعت أوضاع هي الأسوأ في تاريخ لندن ، ما كانت لندن بل انجلترا كلها ناهيك عن العالم الخارجي تتوقع ذلك في أوان وقوفها كمصلح من أزمات الشعب العربي مع جلاديها على مقاصل الدم والاستبداد ومطالبة حقوق مشروعة ..!




لمن يدقق النظر ؛ سوف يجس وجه التماثل بين الأوضاع في لندن وشرارة الأولى لأحداث الشغب كما - يأنس البعض تسميتها - في اتجاه متواز مع أحداث ثورة الياسمين التونسية ، حكاية " البوعزيزي " تتوافق ضمنيا مع حكاية الشاب اللندني ، ووراء كلا الجريمتين " الشرطة " ؛ وإن تفاوتت أصول الخناق ..!




أي بصريح العبارة : ما كان في خدمة حماية الشعب ، غدا مع مرور الوقت في خدمة إبادة الشعب ..!




ولأن هذه الأحداث هي الأسوأ من نوعها حدا برئيس وزراء البريطاني " ديفيد كاميرون " إلى قطع إجازته في إيطاليا وإعداد خطاب متوعد لمعالجة ما أطلق عليه اسم " المجتمع البريطاني المتحطم " والخطاب يحلل القضية ويقدم حلولا وهي كالتالي :




1 ـ نفى أن تكون التوترات الحاصلة على أرض الواقع :




- مبعثها عرقي .. مع تقديم الدليل : أن من قام بها هم خلطاء من البيض والسود والآسيويين ..




- أو تخفيضات التقشفية : والدليل أن أنها كانت موجهة إلى المتاجر في الشوارع وليس إلى البرلمان ..




- أو الفقر والدليل : بأنه أمر يسيء إلى الملايين من الناس الذين لن يفكروا أبدا في جعل آخرين يعانون هكذا مهما غدت مشقة الصعوبات التي أثقلت كاهلهم ..




2 ـ زعم أن نحو 120 عائلة بريطانية لا تحترم السلطة ؛ مشيرا بشكل خاص إلى الأولاد الذين بدون قدوة يمثلها أحد الذكور في العائلة على أنهم عرضة لــ " الغضب والسخط " ..




يرى " كاميرون " أن سلوك الأفراد هي المسؤولة عن القيام بأعمال الشغب كما وضّح خطابه : " إن هذا يتعلق بأشخاص لا يكترثون للخطأ والصواب ، أشخاص لديهم قانون أخلاقي منحرف ، أشخاص يعانون غيابا تاما لضبط النفس " ..




وتعريف السلوك وفق " د . تشاد هلمستتر " مؤلف كتاب " ماذا تقول عندما تحدث نفسك " بأن : " السلوك هو ما نفعله أو ما لا نفعله " ؛ فالسلوك ممارسة تصرف ، كيف نتصرف ..؟ أو كيف لا نتصرف ..؟ ..




وعليه المذنب هنا هو السلوك الذي قام بفعله الإنسان ؛ ولأننا في مجتمع بريطاني متحضر في التخاطب مع مواطنيه ؛ فهو في خطابه تنحى عن استخدام ألفاظ بذيئة أو تقليل من شأن مخاطبيه بألفاظ كـ " جرذان " أو " جراثيم " أو حتى " صراصير " ، وهم حريصون على إيجاد حلول جذرية وعميقة وذات فعالية طويلة الأجل تمتد إلى قرون عديدة ؛ لهذا تم إحالة ملف المشكلة إلى رئيس البحوث بمركز دراسات السياسية ذي النزعة المحافظة في لندن ، والذي في إشارة مبدئية قال : " لا يوجد حل سهل لهذا ؛ لأن العديد من المشاكل متجذرة " ..




ولتحليل ومعالجة هذا السلوك ؛ توصل " ريان بورن " بقوله : " نعتقد أن الحلول تكمن في تقوية وتعزيز وحدة العائلة عبر تغيير النظام الضريبي من أجل تحفيز الناس على أن يتزوجوا ويبقوا متزوجين " مضيفا : " إن العديد من الأطفال يعيشون بدون قدوة يمثلها أحد الذكور داخل العائلة ، الأمر الذي يؤدي إلى السلوك السيء " ..




هذا الحل على صعيد الحياة الاجتماعية للأفراد في المجتمع الواحد يضمهم وطن واحد ؛ انطلاقا من مفهوم إذا صلح الفرد في أسرته صلح في مجتمعه والحاصل الأهم هو صلاح وطنه الكبير ؛ وهذا الصلاح يُرمَم من الجذور حين يكون الانسان طفلا مازال يحبو على أرض هي وطنه و عينها تكون ممشاه بقدمين ثابتين عندما يغدو كبيرا ..




أما القطاع الثاني ولا يقل أهمية عن الأول هو قطاع " التعليم " قائلا : " إن المدارس ينبغي أن تمنح حرية أكبر في تقرير ما تعلمه بدلا من أن تحضر في منهاجها تعليمي وطني .."




تسليط المعالجات ومناهضة الحلول من خلال قطاعات مهمة " الأسرة / التعليم " من الأهمية الهائلة ؛ ففي هذه مجتمعات تتشكل شخصية الإنسان وكيانه ، وهي من تخرج من رحمها كائنات بشرية في توافق أو على عداوة مع المجتمع ؛ وهذا يعود طبقا لسياسية تعاطي هذا المجتمع مع أفراده على أصعدة كافة ..




بينما الفواصل الساخرة في الأحداث اللندنية هي آراء بعض - حكام العرب – وأصدقائها من الدول التي تتواصر فيما بينها في الحدود أو اللغة ؛ على رأسهم ملك ملوك أفريقيا - المغيب سيرته حاليا في أنقاض الهروب - " معمر القذافي " الذي علق قائلا : " إن الوضع في لندن لا يمكن احتماله وإن على رئيس الوزراء الانجليزي ديفيد كاميرون أن يتنحى ويسمح للشعب الانجليزي أن يحكم نفسه بنفسه " ..!




بينما الرئيس " بشار الأسد " - المبيد لشعبه برشاش الشبيحة والرءوف على شعوب غيره – أشار : " بأن الأوضاع في لندن من اعتداءات الشرطة على المواطنين الانجليز لا يمكن السكوت عنها محدثا المجتمع الدولي بأخذ موقف صارم تجاه تجاوز الأمن الانجليزي على المواطنين المدنيين " ..!




وطهران التي تؤيد - قمع الشعب السوري في ثورة أحرار سوريا - ؛ أدلى البريطانيين إلى تجنب استخدام القوة في قمع احتجاجات لندن ..!




وكأن قول الشاعر يستدعي نفسه :




أشد عيوب المرء جهل عيوبه ولا شيء بالإنسان أزرى من الجهل




الحصيلة مما جرى ؛ هو تباين سبل العلاج والتعاطي مع مشكل الأحداث ما بين العرب والأوروبيين ؛ واختلاف أهداف الرامية وراء تلك المعالجات ..




كما أن الوضع البريطاني تحمّل قضيته وحده ، ولم يعلقها على مشاجب الآخرين كما فعلت معظم القيادات العربية ؛ التي من أبرز مهامها هو توجيه اتهامات إلى جهات خارجية وتعليقها على رقابهم ، تلك الفبركات التي ضجر منها وشبع حتى التخمة الإنسان العربي ؛ فقط من أجل تبرير ضعفها وخنوعها عن مواجهة ما ارتكبته من آثام جسيمة غائرة التأثير في حق شعوبهم هم مسؤولون عنهم كرعيةّ .. !




وليست وراءها رؤساء أو مسؤولين باعثها إشغال الأفراد عن حقوقها وقضاياها الحقيقية ؛ كأسلحة الحروب الصامتة التي سار عليها معظم الرؤساء الذين يعرفون أنفسهم ..!




لم يُخلق بعد وطن بلا خدوش ؛ لكن لكل مسؤول عن وطن أسلوب مختلف في تطبيب تلك الخدوش ؛ ومن البريطانيين اعتبروا ..!







ليلى البلوشي