الاثنين، 29 أبريل 2013

أبيع نفسي ..!





أبيع نفسي ..!

 

الرؤية / العرب

 

نشر تقرير منذ فترة قريبة عن ارتفاع نسبة البطالة في العالم العربي في عام 2012م ، حيث كشف المدير العام لمنظمة العمل العربية " أحمد محمد لقمان " في تصريح له عشية انطلاق الدورة الأربعين لمؤتمر العمل العربي بالعاصمة الجزائر بمشاركة 20 دولة عربية و18 وزيرا ، بأن راهن الدول العربية سيكون جديد هذه الدورة خاصة وإن نسبة البطالة العام 2012م ارتفعت بأكثر من 2% لتبلغ تقريبا 20 مليون عاطل عن العمل ..!

وكانت توقعات المنظمة العربية على عكس ذلك تماما ، بتأكيد ارتفاع نسبة البطالة في ظل الزمن الراهن تعد ظاهرة وأزمة خطيرة وجب على العالم العربي التغلب عليها خاصة في ظل ثورات الربيع العربي التي كانت من ضمن مطالب شبابها بل كان من أسباب اندلاعها هي " البطالة " المتفشية في جيل الشباب مما سبب في أزمة إحباط وتأزم نفسي ..!

فهل نحن حقا أمام عالم بلا وظائف ..؟ وهل ستتفاقم هذه الأزمة بنسب صادمة مع السنوات القادمة ..؟

يبدو أن العالم الغربي هو الآخر غير متفائل عن تقهقر أزمة البطالة في العالم ؛ فقد نشرت صحيفة " واشطن بوست " تقريرا عن " عالم بلا وظائف " وهذا العالم سيسوده الروبوتات والكمبيوترات التي أصبحت

أكثر ذكاء وإبداعا من قبل ، وباتت تغزو كل مجالات حياة الإنسان ، فبعد ثلاث سنوات من اختراع "جوجل" سيارة تسير بدون سائق ، يبدو أن هذا النوع من السيارات سيظهر في الأسواق قريبا بعد أن عرضت كبريات الشركات نماذج لها في المعارض التي أقيمت مؤخرا ..!

وتقول الصحيفة إن عدة ولايات أميركية من بينها كاليفورنيا بدأت تغير قوانينها للسماح لهذا النوع من المركبات من السير على الشوارع ، لكن ماذا سيحدث لملايين الناس الذين يكسبون قوت يومهم من مهنة سياقة السيارات والشاحنات ..؟

يتوقع " موشي فاردي " الاختصاصي في مجال الكمبيوتر في جامعة " رايس" في هيوستن اختفاء كل تلك الوظائف في غضون 25 عاما ، ويضيف قائلا : " قيادة البشر للسيارة ستبدو غريبة ومثل قيادة الحصان والعربة " ..!

وتتساءل الصحيفة : إذا كانت الأتمتة ستغني عن وظائف سائق باص وسائق سيارة توصيل البضائع داخل المدن وقيادة الشاحنات لمسافات طويلة وسيارات التاكسي، فهل هناك وظائف بمنأى عن التأثر بغزو الروبوتات ..؟

ويزيد " فادري " سؤالا آخر لا يقل أهمية عن السؤال السابق وهو: هل العالم مستعد لاقتصاد يكون فيه نصف الناس عاطلون عن العمل ..؟

ووجد محلل لمعطيات التوظيف في عشرين بلدا أن الملايين من الوظائف التي تتطلب مهارة متوسطة وراتبا أقل قد اختفت بالفعل خلال السنوات الخمس الماضية ، وهذه الوظائف هي التي تشكل العمود الفقري للطبقة الوسطى في الدول النامية..

هذه المعلومة جعلت عددا متزايدا من التقنيين والاقتصاديين يتساءلون عما ينتظرنا في المستقبل ، هل ستعود وظائف الطبقة المتوسطة بعد تعافي انتعاش الاقتصاد العالمي أم أنها اختفت إلى الأبد..؟ لن يعرف الجواب قبل سنوات وربما عقود..!

لفهم هذه المخاوف ، تتعين العودة إلى الماضي ، فعلى مدى القرنين الماضيين كانت آلاف الوظائف تختفي مع كل اختراع جديد ، سواء تعلق الأمر ببواخر السفر في 1820م أو القاطرات المزودة بمحركات في 1850م أو ظهور التلغراف والهاتف ، فإن أنواعا من الأعمال والتجارة كانت دائما تختفي ، فقد أدى ظهور محركات الاحتراق إلى القضاء على العربات التي تجرها الخيول ، وصناعة السروج والسياط ومهن أخرى مرتبطة بتجارة الخيول. .

إلا أن " جوزريف ستيجلز " الحائز على جائزة نوبل للسلام في الاقتصاد ليس متشائما من هذا التطور التكنولوجي حيث يرى أنه " كان دائما واضحا أن التكنولوجيا تدمر وظائف لكنها أيضا تخلق وظائف"..  ويضيف ستيجلز : " المركبة حطمت الحدادين لكنها خلقت صناعة السيارات"...!

الغريب في الأمر أن تقنيات التكنولوجيا والروبوتات تستغرق وقتا حتى تتفشى في مجتمعاتنا العربية خاصة تلك التي تعاني من أزمات وتخبطات اقتصادية متردية ، وهي نفسها التي تعاني اليوم من ارتفاع نسبة البطالة ..!

علما أن المدير العام لمنظمة العمل العربية أرجح السبب في ارتفاع نسبة البطالة إلى التراجع في الاستثمار ، لذلك يركزون خلال هذه الفترة على ضرورة عودة الأمن والاستقرار ، وعودة الاهتمام بمسألة التشغيل وعودة رؤوس الأموال إلى الاستثمار ، وعودة دورات الانتاج التي رأى أنها عناصر حاكمة لتمكين من خفض نسبة البطالة السائدة ..!

فهل ثمة بشائر لتراجع الأزمة في أرجاء العالم العربي خاصة إذا ما عرفنا أن من وقت قريب انطلقت مظاهرة في دولة كبيرة من حيث عدد سكانها لأطباء مصريين ، لا حظوا " أطباء " وليسوا مجرد موظفين أو شباب حاصلين على شهادات في مجالات أخرى بل " أطباء " قاموا بمظاهرة حاشدة أمام دار الحكمة رافعين شعار " أبيع نفسي " يغسلون السيارات وهم مرتدين البالطو الأبيض ويبيعون كتبا أمام دار الحكمة احتجاجا على تدهور أوضاعهم ، قائلين بخيبة أمل كبيرة : " كنا نريد أن نبيع الشهادات التي حصلنا عليها ولكن للأسف ليس لها ثمن"..!

 

 

ليلى البلوشي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق